مازال الشعور بالإحباط إزاء السياسة الخارجية لإدارة الرئيس بوش مستمراً لدي العرب الأمريكيين، بعدما ظهرت بوادره لأول مرة في انتخابات 2004 ليزداد ذلك الشعور ويترسخ بشكل أوضح قبيل انتخابات الكونجرس المرتقبة. ويبدو أن هذا العزوف عن إدارة بوش والاستياء من أدائها يلعبان دوراً مهماً في تحديد اتجاه الناخبين الأمريكيين العرب خلال انتخابات شهر نوفمبر المقبل لتجديد أعضاء الكونجرس. فقد أُجري استطلاع الرأي في الأسبوع الثاني من شهر أكتوبر الجاري، وشمل 701 عربي أمريكي في أربع ولايات تشهد منافسات محمومة، وهي متشيجن، وأوهايو، وبنسلفانيا، وفلوريدا. وفي كل من تلك الولايات تشتد المنافسة لملء مناصب في مجلسي النواب والشيوخ، إذ يتوقع أن يصل عدد المشاركين من الناخبين العرب إلي 510 آلاف يمثلون 5% من الناخبين في متشيجن و2% في أوهايو وفلوريدا، وبين 1% إلي 1.5% في ولاية بنسلفانيا. ويظهر بوضوح أنه في الولايات الأربع التي شملها استطلاع الرأي، يفضل الناخبون العرب مرشحين "ديمقراطيين" سواء في مجلسي النواب، أو الشيوخ. ورغم أن نسبة الخطأ في استطلاع الرأي تتأرجح بين 8% سلباً، أو إيجاباً، يظل هامش التقدم للمرشحين "الديمقراطيين" كبيراً، مما يؤكد فعلاً وجود اتجاه عام لدي العرب الأمريكيين يشير إلي تفضيلهم المرشحين "الديمقراطيين" علي منافسيهم "الجمهوريين". ففي ولاية بنسلفانيا، علي سبيل المثال، يفضل العرب الأمريكيون الحاكم "الديمقراطي" المنتهية ولايته "إيد رينديل" بهامش يتراوح بين 67% و22%. وفي أوهايو يحظي المرشح الديمقراطي "تيد ستريكلاند" بهامش من الأفضلية يتراوح بين 60% و21%. أما في متشيجن، حيث تتركز نسبة كبيرة من الجالية العربية، فتحظي الحاكمة المنتهية ولايتها "جنيفر جرانهولم"، المنتمية هي الأخري إلي الحزب "الديمقراطي"، بهامش أفضلية يتراوح بين 61% و29%، متقدمة بذلك علي منافسها "الجمهوري". ولعل الهامش الوحيد المتقارب بين المتنافسين هو ما أظهرته النتائج في ولاية فلوريدا، حيث ظل هامش أفضلية "جيم ديفيس" عضو الكونجرس "الديمقراطي" منحصراً بين 45% إلي 39%. ولا يختلف الأمر كثيراً عن مرشحي مجلس الشيوخ، إذ يحافظ "الديمقراطيون" علي تقدمهم في جميع الولايات الأربع التي شملها استطلاع الرأي، ما عدا في ولاية متشيجن التي يتقدم فيها "مايكل بوشرد" السيناتور "الجمهوري" من أصل عربي علي منافسه "الديمقراطي" المنتهية ولايته "ديبي ستابينو". وتعكس تلك النتائج تياراً عاماً لدي الناخبين من العرب الأمريكيين المنزعجين من سياسات الإدارة الأمريكية الحالية. فنسبة التأييد لسياسات الرئيس بوش في صفوف العرب الأمريكيين لا تتعدي 22%، بينما تصل نسبة الأصوات المعارضة لأداء الرئيس بوش إلي 76%. وحتي في صفوف العرب الأمريكيين المنتسبين إلي الحزب "الجمهوري" توجد نسبة كبيرة منهم لا تؤيد سياسات الرئيس بوش وصلت إلي 41%. وعندما سئلت شريحة من العرب الأمريكيين عن الحزب الذي تريده أن يسيطر علي الكونجرس الأمريكي اختار 57% منها الحزب "الديمقراطي"، بينما فضل 26% الحزب "الجمهوري". وتعكس نتائج استطلاع الرأي أيضاً استياء الناخبين العرب الأمريكيين من أداء الكونجرس بتشكيلته الحالية، حيث لم يبدِ سوي 30% من الجالية العربية رضاهم عن المرشحين المنتهية ولاياتهم، مفصحين عن رغبتهم في عدم التصويت عليهم مجدداً، حيث عبر 49% منهم عن نيتهم في تغيير الأعضاء الحاليين. ولا يعني ذلك أن جميع المرشحين الذين تنتهي ولايتهم في الدورة التشريعية الحالية يواجهون صعوبات في إعادة ترشيحهم، بل تقتصر تلك الصعوبات علي المرشحين "الجمهوريين"، بعدما أظهر استطلاع الرأي تقدم نظرائهم من "الديمقراطيين" المنتهية ولايتهم. وهو ما يعني أن الاتجاه العام للناخبين من العرب الأمريكيين يسير عكس الحزب "الجمهوري" الذي يبدو أنه في مأزق حقيقي. وعندما طلب استطلاع الرأي من المستجوبين ترتيب القضايا المهمة التي تحدد طبيعة تصويتهم في الانتخابات المقبلة جاء "الفساد" في المرتبة الأولي متبوعاً بالحرب في العراق، والحريات المدنية، ثم الحرب في لبنان وفلسطين. وأكد المستجوبون اعتقادهم بأن الحزب "الديمقراطي" مهيأ أكثر من الحزب "الجمهوري" لحماية الحريات العامة ومعالجة مشكلة العراق.