تميزت مصر دون سائر دول العالم بتقديس الاحتفالية ولاسيما تلك التي ترتبط بالروحانيات فنجد مثلا عروسة المولد النبوي الشريف ومعها الحصان وقد صاغهما الفنان المصري من الحلوي المزينة باضافات ونمنمات مصرية جميلة تبهر المشاهد. وفي شهر رمضان المبارك تقام الولائم للاخوة المحتاجين بواسطة القادرين مساهمة في اطعام الاخوة الفقراء والمحتاجين ليشعروا بدفء الاحاسيس والمشاركة في المشاعر بتأكيد شديد علي سلامة الاخوة والانصهار للشخصية المصرية الكريمة. وتقام الخيام الرمضانية ليست فقط كمساهمة انسانية بل لتلك اللقاءات الروحية التي يتبادل فيها الناس مشاعر الود والتراحم والمحبة مؤكدين علي تبادل الحب الانساني في الاسرة المصرية الواحدة. ويسعدني جدا ان أولادي يشاركوني مشاعر حبي تجاه اخوتي في الوطن حيث يلتقون باخوتهم من المسلمين ويشاركونهم مشاعر الاحتفال في حفاوة وحب كذلك المشاركة في دعوة طعام الافطار تعبيراً عن الحب الذي يجمعهم واخوانهم المسلمين. كما يتباري الشعراء والادباء وعشاق فن الزجل في القاء اشعارهم الرمضانية وايضا بعض الاشعار الفكاهية تعبيرا عن روحانية وسماحة روح شعب مصر ومن الاشياء البديعة التي تدل علي تفرد الشخصية المصرية وروعة فنونها وما تميزت به من أداء. كما نلاحظ ذلك الحشد المتنوع من كل الدول وقد فضل قضاء شهر الصيام أو ايام منه في مصر المحروسة حيث ذلك الجو الروحي الذي تبثه المساجد القديمة والتاريخية كالحسين والسيدة زينب. فلهذه الاماكن في قلوبهم صدي لن ينسوه كلما لاحت ايام الصيام. ليجدود من خلال هذه الزيارة مداخل الروح ومخارجها وينقوا اذهانهم مما علق بها خلال عام منصرم. وتعتبر الاحتفالية جزءا من مكونات وتقاليد هذا الشعب. ولا ينسي الاقباط المسيحيون المشاركة في هذه الاجواء الرمضانية المصرية الاصيلة فنجد قداسة البابا شنودة يقيم مائدة "أغابي" ومعناها المحبة يقيمها كل عام خلال شهر رمضان المبارك تلتقي حولها كل الرموز المصرية من مسلمي مصر واقباطها ليكون لقاء روحيا يهدف إلي تعميق الصلات بين الشعب الواحد تؤكد علي نضج التحيات والقبلات المتبادلة ليكون ذلك تعبيرا حقيقيا بعيدا عن الزيف والرياء. ينبعث من خلاله رسالة موجهة إلي كل العالم تقول هنا مصر بحبها هنا مصر بشعبها المتحد القوي الأواصر ليترك هذا اللقاء آثاره في القلوب خلال العام ليظل الجميع في تعايش وتآخ ويحدث هذا التلاقي الجميل علي المستوي القومي والفردي في لقاءات متعددة تحمل المشاعر الوجدانية عبر مساحات شاسعة من الحب مؤمنة بأن الدين لله والوطن للجميع. فالحب الذي اسسه السيد المسيح هو محبة الكل وما احوجنا الآن إلي هذا الحب الذي هو الوسيلة الوحيدة التي تسعد البشر. وبمناسبة شهر رمضان وأيامه الجميلة اقدم لكل اخوتي المسلمين في مصر ارق التهنئات واطيب الأمنيات بصوم مقبول وحياة روحية سعيدة مع الله ومع البشر وكل عام وشعب مصر كله في سلام ومحبة وتآخ.