توافقت اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية، في اجتماعها يوم 29 8 2006 علي تبني اقتراح رئيس السلطة محمود عباس التقدم بمبادرة سياسية إلي الأممالمتحدة في دورتها المقبلة، لمعاودة التفاوض، ووضع حد للاحتلال والصراع مع إسرائيل. غير أن هذا التوافق لا يضمن وحده النجاح. تبدو الحقيقة في غرف صنع القرار في دمشق بعيدة عن المتناول في الغالب. لكن هذا الأمر يعد إشارة إلي عدد المرات التي استطاع الرئيس السوري بشار الأسد فيها خدمة مصالح دمشق من خلال قول الحقيقة، الأمر الذي لم يقم به أي قائد عربي آخر خلال الأسابيع الماضية، والحقيقة هي أن مقاتلي حزب الله اللبنانيين انتصروا في الواقع في هذه الجولة من الحرب مع إسرائيل. كان هناك كثير من الغلو في خطاب الأسد. فلا يمكن لصراع قضي علي حياة 1000 مدني لبناني أن يسمي "معركة مجيدة" لكنه علي الأقل عكس الحقيقة أكثر من نظيره في واشنطن، الذي زعم، بدافع خداع الذات أو حبه لإسرائيل، بأن حزب الله قد انهزم في لبنان. إن نصر "إسرائيل" في لبنان ينبغي أن يضاف بصورة مفترضة إلي "انتصاراتنا" الشهيرة في العراق وأفغانستان. كانت كل من روسياوإيران، وفقاً للرئيس الأمريكي بوش، مسئولتين عن "معاناة" لبنان، وهو ما يتضمن بعض بذور الحقيقة . حيث ان حزب الله هو الذي تسبب بوقوع هذه الحرب من خلال قيامه بأسر جنديين إسرائيليين وقتل آخرين في 12 يوليو، علي الرغم من أنه لم يكن سلاح الجو السوري أو الإيراني هو الذي أودي بحياة قوافل المدنيين الأبرياء من اللاجئين في لبنان. لذا فإن الرئيس بشار الأسد لا بد أنه قد استمتع بخطابه المنمق في دمشق أخيراً. فقد قال هذه إدارة أمريكية تتبني مبدأ الحرب الاستباقية الذي يتنافي مع مبدأ السلام ، وبالتالي فإننا لا نقبل بالسلام في القريب العاجل أو في المستقبل المنظور. بإمكان الأسد قول ذلك مجدداً. في الواقع، ليس هناك شيء يشير إلي أن حزب الله يعتزم "نزع السلاح" بموجب بنود قراري مجلس الأمن الدولي 1559 و1701 أكثر من استعداد إسرائيل للالتزام بقرار مجلس الأمن 242 والانسحاب من المناطق العربية التي احتلتها عام 1967 . غير أنه من الواضح أن الأسد يري نفسه الآن عائداً إلي مركز النفوذ العربي بعد انسحاب جيشه من لبنان العام الماضي. فقد قال إنه لم يعد هناك حاجة للشعور بالانهزامية بين العرب، وهو شعور سائد بشكل واسع في العالم العربي الحقيقي ولكنه غائب تماماً عن الشرق الأوسط المتخيل من قبل الرئيس بوش. إن حقيقة كون سوريا هي الدولة الوحيدة من بين كل الدول، التي يمكنها إعلان هذا الأمر ليلقي الكثير من الاستحسان ربما تفصح لنا عن واشنطن أكثر مما تفعله عن دمشق. وبالطبع، فإن عودة مرتفعات الجولان السورية التي احتلتها إسرائيل هي الأمر الذي يقف وراء هذه الحرب الكارثية برمتها. الحقيقة هي أن إسرائيل باشرت هجومها علي لبنان بزعم أن الحكومة اللبنانية هي المسئولة عن هجوم حزب الله وهذا الأمر غير صحيح كما هو واضح وان العمليات العسكرية التي تشنها من شأنها أن تؤدي إلي إطلاق سراح الجنديين الأسيرين. وهذا الهدف لم تنجح إسرائيل في تحقيقه علي نحو واضح. فقد كان مقتل 40 جندياً في غضون 36 ساعة ونجاح هجمات حزب الله ضد المدرعات الإسرائيلية في لبنان بمثابة كارثة بالنسبة للجيش الإسرائيلي. إن حقيقة قيام سوريا بالتغني ب "انجازات" حزب الله في الوقت الذي تجنبت تدمير عشبة واحدة داخل سوريا توحي بسخرية لا يزال يتعين علي الناس في العالم العربي إدراكها. ولكن بالنسبة إلي الوقت الراهن، فإن سوريا قد حققت النصر. ومن الواضح أن إيران باعتبارها الداعمة الرئيسية لحزب الله تفكر علي هذا النحو أيضاً. والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد يدين الولاياتالمتحدة لقيامها بتزويد إسرائيل بالأسلحة التي استخدمتها ضد المدنيين اللبنانيين . ولكنه لم يذكر أن صواريخ حزب الله تأتي من ترسانة إيرانية من الجيل الجديد والتي لم تكن موجودة حتي خلال الحرب العراقية الإيرانية 1980- 1988 وبينما ستكون الولاياتالمتحدة متحمسة لتقييم فاعلية أسلحتها وإن كانت قد استخدمت بشكل كبير ضد المدنيين فإنه ما من شك أن إيران ستقوم أيضاً بتقييم نجاح صواريخ الفجر الجديدة الخاصة بها، وتأثيرها علي الجيش الإسرائيلي.