في باطن الارض حفر النفق الحصين. وكان مغطي بطبقة من الاسمنت والمزروعات الخضراء، تماما كما غطيت كل الانفاق والمخابئ التي اقامها حزب الله. جنود الجيش الاسرائيلي الذين اقتربوا من الهدف المحصن تلقوا تعليمات دقيقة حول كيفية الدخول الي الداخل. لا هذا لم يحدث في جنوب لبنان. نموذج النفق بني في قاعدة تدريبات في اسرائيل وفقا لمعلومات استخبارية نوعية ودقيقة تم الحصول عليها حول حزب الله. الاكثر من ذلك - قبل اندلاع الحرب بشهر تمكنت وحدات خاصة من الجيش الاسرائيلي من التدرب في المكان. الجهات الاستخبارية تدعي انها عرفت جيدا ماذا يحدث في جنوب لبنان. عرفوا بأمر التحصينات وبالانفاق الطبيعية التي حولت الي مخابئ وعرفوا بوجود الصواريخ المضادة للدبابات وعلي قدرة حزب الله علي الصمود. ولكن بالرغم من كل ذلك دخل الجنود للميدان واصيبوا بالذهول والصدمة. في شعبة الاستخبارات العسكرية امان يقولون انهم حذروا سلفا من وجود محميات طبيعية وهي المواقع العسكرية التي اقامها حزب الله. عمليات مسح استخبارية كبيرة وسرية جدا اعدت حول المسألة. ولكن المقاتلين الذين لم يقرأوا المواد السرية بصورة طبيعية توقعوا بينهم وبين أنفسهم ايجاد خيمة وعدد من الراجمات. عندما شاهدوا بوابة فولاذية تفتح من الارض لتتكشف عن فتحة تطل علي نفق اسمنتي فوجئوا جدا. المنتقدون يدعون ان الاستخبارات الكثيرة التي جمعت خلال السنوات الست الاخيرة لم تصل بصورة كافية الي الميدان علي مستوي المقاتلين المباشرين. الا ان شعبة الاستخبارات العسكرية ترفض الانتقاد وتقول ان هذه ليست مهمتها. وبالرغم من ذلك لم يكن لدي الاستخبارات انذار محدد حول عملية الثاني عشر من من يوليو التي اشعلت كل الجبهة الشمالية. بعض الاطراف في الجهاز الامني تقول إن هذه كانت محاولة الاختطاف الخامسة خلال سنة. هذا الواقع الاستخباري، قال ضابط كبير سابق في جهاز جمع المعلومات في شعبة الاستخبارات العسكرية لا يكفي دائما تحديد المصادر في الوقت الملائم فليس من الممكن الوصول الي كل شيء. يقول مسئول رفيع في أمان عرفنا أن وحدة حزب ا لله جنوبي الليطاني يجري عليها تحول لتصبح قوة تستعمل وسائل قتالية سورية، لا ايرانية فقط. أدركنا انهم سيستعملون صواريخ 300ملم سورية، وأيضا المواقع الطبيعية رسمناها بخطوط واضحة جدا. يجب أن نفهم ان البنية تحت الارض تحد كبير لقوة جوية. يوجد فرق بين الملاجئ المحصنة جنوب لبنان وتلك في بيروت. كانت المشكلة في الجنوب الانتشار الواسع جدا لهذه الملاجئ المحصنة. وكان الحديث في بيروت عن ملاجئ محصنة قوية جدا، وكانت هناك كما يبدو مشكلة السلاح الذي لم ينجح في الاختراق مضيفا النقطة الوحيدة التي فوجئنا فيها كانت اطلاق الصاروخ الايراني نحو البارجة الحربية، تقول جهات استخبارية انه قد كانت معلومات عن أن الصاروخ قد وصل سوريا، لكن لم تكن معلومات عن انه نقل ايضا الي حزب الله. ضابط رفيع سابق في الاستخبارات قال، اذا اردنا أن نعرف كل شيء عن موضوعات مثل صاروخ ارض - بحر، فسيأتي هذا علي حساب جمع معلومات استخبارية عن موضوعات مثل الذرة الايرانية. توجد كمية محدودة من الموارد. لا يمكن الاتيان بمعلومات عن كل شيء . ثمّ نقد آخر يوجه في الجهاز الامن الي الاستخبارات عن نفاد بنك الاهداف في اثناء ايام القصف المعدودة. كان الاحساس ان كمية الاهداف لم تلائم قوة النار. اي أن سلاح الجو والمدافع كانا يملكان نارا كثيفة، ولكن لم يكن ما يكفي من الاهداف لتوجيه هذه النار اليها. إن هذا وضع تقليدي لمنظمة عصابات بغير وجود حقيقي في الميدان، ويبين ضابط استخباراتي. كان أحد أهداف العملية تعويق قدرات حزب الله الاستراتيجية. من اجل ذلك حققنا كنوزا استخبارية جمعت لسنين، هاجمنا مخازن ومجمعات وهاجمنا الضاحية. استنفد هذا بنك الاهداف تقريبا. في أثناء القتال حاولنا انتاج اهداف جديدة، ونجحنا في جزء من الحالات . في مراحل متقدمة من الحرب قلنا إن الطريق الصحيح لحل تهديد الصواريخ هو بعملية برية، لست علي يقين من أن الجمهور الاسرائيلي كان ناضجا لعملية كهذه في ايام القتال الاولي. علي اية حال، كان يوجد حوار مفتوح في الموضوع في هيئة القيادة العامة. لم يكن يجب علينا ان نقول انه يوجد خيار لعملية كهذه. في مباحثة بين المستوي السياسي والمستوي العسكري تلقي الجيش الاسرائيلي أمرا بأن يضرب اهدافا تضعف حزب الله من أجل تمكين قوي جديدة - اي حكومة لبنان - من الصعود ومواجهة حزب الله بعملها. أوصوا في امان ب عملية متزنة كما عرفوها، تضر ايضا بمصالح لبنانية. كما قيل آنفا، كان التقدير ان عملية كهذه ستزيد من دافعية حكومة لبنان وستفضي الي التضييق علي حزب الله. بحسب ما أفهم، لم تكن عندنا معلومات استخبارية جيدة في المستوي الاستراتيجي، قال احد المسؤولين الكبار في الوحدة 8200 للتنصت في أمان: في كل ما يتصل بنيات حزب الله، ونصرالله، وقدرتنا علي الثبات، وخططهم بعيدة الامد، لم تكن لنا معلومات استخبارية عميقة متغلغلة. ولكن اذا كان يعتقد أحد أن الجهة الاستخبارية قادرة علي التغلغل في عمق منظمة عصابات مع وعي أمني فصامي وقدرة مدهشة علي استخراج الدروس، فانه يخطئ في الاوهام . وهكذا، علي امتداد شهر القتال لم ينجح الجيش الاسرائيلي في المس بنصرالله او بقيادة حزب الله. الاستخبارات، التي نجحت في تحديد مواقع جميع القيادة الارهابية في غزة تقريبا، لم تنجح في اختراق أمن حزب الله. كان لدينا مفهوم عام عن موقع نصرالله، قال الضابط الرفيع، لكننا لم ننجح في قتله . معني هذا القول أن سلاح الجو في عدد من الحالات قد قصف اهدافا في بيروت من غير ان يعرف مَن مِن قيادة حزب الله يمكث في المكان، اذا وجد أصلا. من جهة الثانية، القادة في الميدان، اولئك الذين حاربوا في لبنان، يعيشون في احساس ان الاستخبارات التكتيكية بالذات لم تكن في أفضل حالاتها. في معركة بنت جبيل، مثلا، الذي قتل فيها ثمانية من جنود جولاني، دخلت القوة البلدة من غير أن تعرف اين توجد قيادات حزب ا لله. ابتدأت المعركة الجديدة بعد أن واجهت القوة خطأ قيادة اختبأ فيها عشرات المقاتلين. ولكن رغم شعور المستويات الميدانية، فانهم في الاستخبارات علي قناعة بأنه في المستوي التكتيكي كان اسهاما جيدا جدا، بين رجل تجميع معلومات رفيع انه في اثناء المعارك، عندما كانت توجد حاجة الي اهباط مروحيات لتخليص المصابين تحت النار، كان الامر ممكنا فقط بفضل الاستخبارات التي حصل عليها في الوقت المطلوب. في بعض الحالات ابلغ الطيارون اين يهبطون بالضبط . كما يوجه نقد غير مباشر الي الموساد، الذي لا يجند ما يكفي من العملاء داخل حزب الله. كانت الجماعة الاستخبارية الاسرائيلية تستطيع حشد قدر أكبر من المعلومات الذي يحصل عليها العملاء اكثر مما تملك، ومع ذلك، ليس الحديث عن مفاجأة. في السنين الثلاث الاخيرة بين الموساد جيدا انه ليس مسؤولا بعد عن اعطاء تحذيرات استراتيجية عن نية دولة عدو الخروج الي الحرب أو السلام. قالوا في الموساد ان هذا يفترض أن يكون مجال أمان. وقف من وراء القرار رئيس الموساد مئير دغان، الذي حدد رتب أوليات واضحة للموساد.