"الحرب المفتوحة"، ما زالت مفتوحة علي كل الاحتمالات، والجهود الدبلوماسية، لصياغة حل سياسي بالكاد بدأت، رغم الموجات المتتابعة من زيارات وزراء الخارجية والمبعوثين الأجانب والعرب الي بيروت. تبدو خريطة المواقف الدولية حالياً موزعة بشكل اوضح مما كان الوضع عليه في بداية الحرب قبل ثلاثة أسابيع. ويبدو انه كلما طالت فترة العمليات العسكرية، وارتفع خلالها حجم الخسائر خاصة بين المدنيين كما حصل في مجزرة قانا 2، دفع ذلك بالقوي الدولية نحو التمايز، فالاندفاع في عملية فرز حقيقية نحو خندقين، دون أن يؤدي هذا الي خلافات حادة. فزمن الخلافات الحادة، كما حصل في الحرب علي العراق قد انتهي. ويمكن القول ان خريطة وضع القوي الدولية تتمحور في: * توافق بين الأممالمتحدةوفرنسا ولبنان وايران والسعودية ومصر علي "وجوب وقف العمليات العسكرية في لبنان فوراً" لأنه كما يقول مسئول في الأممالمتحدة "لا يمكن صياغة مسار سياسي تحت القنابل". هذا مع الموافقة علي انشاء قوة دولية للانتشار في جنوب لبنان. * موقف أمريكي اسرائيلي واضح بوجوب ارسال قوة دولية الي جنوب لبنان لفرض وقف للنار وفرض السلام عبر نزع سلاح حزب الله تنفيذاً للقرار 1559. هذا الاختلاف يجد تفسيره في الفهم الخاص لكل طرف للوضع في لبنان، اعتماداً منه علي خريطته السياسية الخاصة به. باريس وعدم اكمال الجيش الاسرائيلي فرنسا التي أوفدت وزير خارجيتها فيليب دوست بلازي تري، وتوافقها الأممالمتحدة علي ذلك، كما اشار احد كبار المسئولين فيها: "عدم مناقشة تشكيل قوة دولية قبل التوصل الي اتفاق سياسي، لأن لا أحد وخاصة الفرنسيين، يريد الدخول الي مستنقع بدون اتفاق سياسي"، ويذهب ديبلوماسي فرنسي رفيع المستوي الي القول "ان تشكيل قوة دولية وارسالها الي جنوب لبنان بدون وقف لإطلاق النار، سيحول مهمتها عملياً وميدانياً تجاه اكمال عمل الجيش الاسرائيلي". وهذا بطبيعة الحال مرفوض، فالموافقة علي قيام اسرائيل بمهمة ضرب "حزب الله" واخراجه من الجنوب تمهيداً لنشر الجيش اللبناني، لا يعني مطلقاً الاستعداد للمشاركة أو للحلول مكان الجيش الاسرائيلي في مهمته هذه. والقاعدة اذا انتصر فإن نصره له ولنا، واذا فشل فإنه فشله يعود عليه. والثمن يكون أن يسلم للاخرين أي الأممالمتحدةوفرنسا بالعمل في اطار حل سياسي، الذي لا بديل منه. المستنقع اللبناني وتذهب باريس الي القول "لا يمكن لأي قوة دولية فرض السلام من الخارج. ان دور اي قوة دولية هو ان تأتي لدعم المسار السياسي".. واذا كان البحث حول ان تكون هذه القوة دولية أو اطلسية قد انتهي لمصلحة الأولي، فإن اشكالية جديدة قد ظهرت وهي طبيعة هذه القوة. ولذلك فإن الحل كما ترتأيه اوساط الأممالمتحدة هو ان الوقت لا يساعد في تشكيل قوة سلام من "القبعات الزرقاء"luniF لأن ذلك يتطلب أشهراً. والحل هو في تشكيل القوة من الدول المستعدة للمشاركة فيها ثم يتم تحويلها علي الأرض الي قوة عاملة في "القبعات الزرقاء" وذلك علي مثال ما حصل في تيمور. الغاء الاجتماع في الاممالمتحدة وتأكيداً لافتراق فرنسا عن الولاياتالمتحدةالأمريكية في عدم وضع "العربة أمام الحصان" فإن باريس رفضت المشاركة في الاجتماع الذي دعا إليه الأمين العام للأمم المتحدة غداً الجمعة رغم ان تقديمه علي أساس "انه جولة أفق أولية وتقنية". والسبب كما أكد مصدر ديبلوماسي فرنسي في الأممالمتحدة بأن "بلاده لا تريد المشاركة في لقاء يقوي موقف الولاياتالمتحدةالأمريكية" مما أدي إلي إلغائه. فرنسا تعرف جيداً وهو ما أكده اجتماع الاتحاد الأوروبي انها لا تستطيع الاعتماد علي موقف أوروبي موحد خاصة مع بوادر الخلافات في الموقفين الفرنسي والأمريكي وذلك بسبب طبيعة العلاقات بين باريس ولبنان من جهة ومحاولة واشنطن تسريع الحل في إطار مشروع "الشرق الأوسط الكبير" دون النظر بعمق وهدوء للتوازنات الدقيقة القائمة والتي قد تؤدي في حال الضغط عليها الي كسر حلقتها المركزية وهي الدولة اللبنانية بدلاً من العمل لتقويتها كما هو الاتفاق أساساً. الشريك المضارب واشنطن، رغم كل العروض التي قدمتها لها دمشق مباشرة أو مداورة، ما زالت ترفض الحوار معها. وإذا كان وزير الخارجية الاسباني ميجيل انخيل موراتينوس زار دمشق فإن ذلك لا يعني مطلقاً تحولاً أمريكياً أو فرنسياً، خاصة وأن رأي باريس هو ان النجاح في الاتفاق مع طهران يلغي حكماً الدور المفترض لدمشق الذي كان وما زال دوره مثل "الشريك المضارب بدون الرأسمال". وفي هذا الجانب ان وزير الخارجية وليد المعلم لم يجد ما يقوله بعد فشل العروض سوي تهديد لبنان ضمناً