جاء توجه الرئيس الأمريكي جورج بوش الي فيينا وبودابست لتأكيد وحدة الموقف بين الولاياتالمتحدة والاتحادالاوروبي في مواجهة التحدي الايراني والاهمية التي يعلقها علي العلاقات مع شركائه الاوروبيين. وغادر بوش واشنطن أمس ليشارك اليوم في قمة الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي في العاصمة النمسوية ثم يشارك غدا الخميس في بودابست بالذكري الخمسين لانتفاضة العاصمة المجرية ضد الاحتلال النازي. وقال مستشار الرئيس الامريكي للامن القومي ستيفان هادلي انه بعد الحساسيات التي خلفتها الحرب علي العراق فان " هذه الرحلة ستعطي فرصة لاعادة التأكيد علي متانة العلاقة التي تجمع الولاياتالمتحدة بالاتحاد الاوروبي". وتعرضت الولاياتالمتحدة لانتقادات شديدة، في اوروبا خصوصا، حول مسألة الرحلات السرية لوكالة الاستخبارات المركزية الامريكية (سي اي ايه) ونقل موقوفين عبر المطارات الاوروبية بطريقة مخالفة للقانون فيما تصاعدت الاصوات التي طالبت باغلاق سجن قاعدة جوانتانامو في كوبا لاسيما بعد انتحار ثلاثة من المعتقلين فيه. وطالب سياسيون ومنظمات الدفاع عن حقوق الانسان المستشار النمسوي فولفغانغ شوسل، الرئيس الحالي للاتحاد الاوروبي، باثارة هذه المواضيع اثناء لقائه الرئيس الامريكي جورج بوش. واشار استطلاع للرأي في عدد الاسبوع الماضي من مجلة "نيوز ويكلي"ان 72% من النمسويين يعتبرون ان الرئيس الامريكي "ليس صديقا" لهم وان نسبة مماثلة منهم تري فيه خطرا علي السلام العالمي. ويسير التعاون بين الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي علي قدم وساق حاليا بهدف الحصول علي ضمانات من جمهورية ايران الاسلامية بانها لن تنتج اسلحة نووية. بيد ان هادلي يقر بانه لا ينتظر حصول تطور هام في قمة الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي في ما يتعلق بالملف النووي الايراني. ويلفت الي ان رؤساء الدول والحكومات الاوروبية لن يكونوا حاضرين علما ان الاوروبيين والامريكيين وصلوا اصلا الي "اجماع" حول الموضوع. وقال انه من المهم تظهير صورة "جبهة موحدة" بين الاوروبيين والامريكيين في ما يتعلق بالملف النووي لتعطيل محاولات ايران بث الشقاق في صفوف الدول المعنية بالموضوع. وقال الخبير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ريجينالد دال انه رغم بقاء "الكثير من الشكوك لدي الادارة الامريكية وفي دوائر التحليل السياسي حول قدرة الاتحاد الاوروبي علي حل الازمة او حول امكانية حلها بالطرق الدبلوماسية" فان الجهود التي بذلتها الترويكا الاوروبية (فرنسا وبريطانيا والمانيا) باسم الاتحاد الاوروبي "ساهمت كثيرا في اعادة ترميم العلاقات" بين الولاياتالمتحدة واوروبا. بيد ان الخبراء لا يجزمون بان التضامن بين الاوروبيين والامريكيين يمكن ان يصمد في مواجهة اي تصاعد في التوتر الدبلوماسي اذا ما حصل. وقال جيريمي شابيرو من معهد بروكينجز "وفر الاتحاد الاوروبي جوا من الثقة يمكن ان يستمر اذا ما اتجهت الامور الي ايجاد حل (للمسألة الايرانية) خارج نطاق مجلس الامن. بيد ان الامر ليس مماثلا في موضوع العراق". وتدرك الادارة الامريكية جيدا ان كافة حسابات "الحرب علي الارهاب" لم تصف بعد. واشار الاتحاد الاوروبي الي انه سيثير مسألة معتقل جوانتانامو. وكان رئيس وزراء الدانمارك، وهو حليف للرئيس الامريكي بوش، اثار معه اخيرا مسألة المجزرة التي ارتكبتها عناصر من "المارينز" الامريكيون في قرية الحديثة العراقية. من جهته، سيثير الرئيس الامريكي مسألة ضرورة مساهمة الاتحاد الاوروبي في اعادة اعمار العراق. وسيدعو كذلك الي التوصل الي تسوية في المفاوضات الدولية الصعبة المتعلقة بتحرير التبادل التجاري. بيد ان الخبير في معهد العلاقات الخارجية، تشارلز كوبشان، لا يتوقع "اختراقا هاما" في هذا المجال ايضا "اذ تبقي القضايا الزراعية عقبة هامة في جولة الدوحة". ويتفق الخبراء علي ان قمة الاتحاد الاوروبي والولاياتالمتحدة ليست "المنبر المناسب" للتصريحات المهمة. وقال شابيرو "قرر الطرفان ان يشددا علي اهمية قمة الثمانية" في منتصف يوليو في بطرسبورغ. ويقول كوبشان من جهته ان مسألة المساعدات للفلسطينيين تطرح نفسها بالحاح. واعتبر كوبشان انه، رغم استمرار الشعور المعادي للاميركيين بين الاوروبيين فان "الهدف الاساسي هو الاظهار ان العلاقات الدبلوماسية بين جانبي الاطلسي عادت الي سابق عهدها بعدما تدهورت كثيرا في السابق".