منذ انتخابات مجلس الشعب الأخيرة في 2005 وحتي الآن وبعد الممارسة الفعلية لأعضاء المجلس المنتخبين لدورهم التشريعي والرقابي تلاحظ وجود الكثير من المتناقضات.. سواء في أسلوب الانتخابات أو في ممارسة الحقوق الدستورية، أو في دور النواب وأدائهم تحت قبة البرلمان. ولكن أهم ظاهرة تم رصدها كانت في امتناع الكثيرين من الشباب والمثقفين عن المشاركة في تلك الانتخابات (الأغلبية الصامتة).. أو حتي ابداء الرأي فيما يدور من مناقشات المجلس.. ولهذا الامتناع أسباب كثيرة.. يعرفها العامة وتعرفها الدولة.. ولو ان هناك جهات موثوقا بها في استطلاع الرأي لعرفنا الكثير من أسباب هذا الاحجام. ولو ان الاسباب تكاد تكون واضحة وضوح الشمس.. والتي منها افتقاد الثقة بين المواطنين والمجالس النيابية والتشريعية وعدم وضوح التوجه السياسي للنواب قبل وبعد الفوز في الانتخابات.. وتغير الصفة والانتماء الحزبي بمجرد الفوز.. والذي يعتبره البعض (المثقفين والشباب) خيانة أمانة.. وخروج عن الهدف الذي من أجله تم انتخابه.. وبالتالي كان انصراف المواطنين والشباب عن متابعة ما يدور بالمجلس من قضايا قد تكون قضايا مصيرية وهامة.. وقد حافظ بعض النواب المعتزين بأنفسهم وبفكرهم وولائهم لأبناء دوائرهم علي الصفة التي انتخبوا عليها.. كمستقلين.. ولم ينضموا إلي حزب الاغلبية رغم الاغراءات التي قد يكون لوح بها الحزب لهم من تلبية مطالبهم من الحكومة. ومع توالي الأيام والاشهر في الممارسة الفعلية لدور النواب المستقلين الذين لا ينتمون للتيار الديني.. ظهرت الحاجة الملحة إلي ان يكون هناك كيان ولون وطعم لعمل تلك المجموعة المستقلة بين ممثلي الأحزاب تحت قبة البرلمان.. فكانت فكرة تكوين كتل فكرية داخل مجلس الشعب من عدد من النواب ذوي التوجه الاصلاحي الواحد بغرض عرض افكارهم وطرح طرق وأساليب جديدة للاصلاح السياسي والبرلماني والذي يخلق بالتالي طفرة تقدمية في الممارسة البرلمانية للاعضاء بمختلف توجهاتهم. وإيمانا بالدور الذي يقوم به مجلس الشعب في الحياة الدستورية بمصر.. وإيمانا بالدور الذي يقوم به النواب وحملهم هموم الوطن علي عاتقهم.. وتحملهم مسئولية ومصير شعب.. كان هذا التحرك من بعض النواب المستقلين بالمجلس والذين لا ينتمون إلي حزب بعينه أو حركة سياسية خاصة بفكر ايديولجي مستورد علي الشعب المصري.. وإيمانا منهم باهمية ممارسة الديمقراطية في انصع صورها.. قاموا باعلان كتلة المستقلين. .. وأقول للمتشككين وأصحاب الأفكار الجامدة التي تعارض لمجرد المعارضة.. وتعارض وتشجب حتي يسمع صوتهم لأشخاص بعينهم.. ان هذا التكتل ليس ضد حزب الحكومة الموجود داخل المجلس.. والذي يعتبر نفسه حائط الصد.. والمانع الحصين ضد أي قرار يصدره المجلس ويخالف رأي الحكومة.. بل العكس من ذلك فإن وجود تكتلات وطنية تحت القبة تسهم في رفع الوعي الوطني وذلك بسرعة اتخاذ القرار السليم وعدم اضاعة الوقت في المناقشات الفردية التي تستهلك الكثير من وقت الدورة البرلمانية. وكتلة المستقلين الجديدة ذات ا لفكر الحر لها من الأهداف الديمقراطية ما يجذب الاغلبية الصامتة من مجتمعنا والتي عزفت عن المشاركة في الحياة السياسية.. والادعاء الجماعي لكتلة المستقلين الجدد في مجلس الشعب سوف يعكس الالتزام الديمقراطي في الممارسة وفي اتخاذ المواقف الوطنية في الوقت الحرج.. والذي يحتاج منا الالتفاف حول الأفكار الوطنية الصميمة. ووجود مثل هذا التجمع من النواب سوف يرقي بأدائهم داخل أروقة المجلس ويعظم قيم الالتزام والتمسك بالكلمة الحرة وتدعيم الرأي بالادلة والمستندات القانونية التي تعطي الفكرة أو السؤال قوة ومصداقية عند تداولها