الكاتب الكبير الأستاذ علي سالم تحية طيبة وبعد: بشأن طلبكم الحصول علي معاشكم الشهري من الاتحاد رغم استقالتكم من عضويته، أود إخطاركم أنني أحلت الموضوع إلي اللجنة القانونية بالاتحاد التي أفادت بأن مجلس إدارة صندوق المعاشات والإعانات استنادا إلي قرار الجمعية العمومية في مارس 2001 قرر في البند رقم (2) من الأحكام العامة ما يلي "يوقف صرف المعاش في حالة زوال العضوية لأي سبب من الأسباب المنصوص عليها في المادة 14 من القانون رقم 65 لسنة 1975 الصادر بإنشاء الاتحاد" والتي من بينها انسحاب العضو من الاتحاد. لذلك يؤسفني إبلاغكم أنه يتعذر الاستجابة لطلبكم في الوقت الراهن. وتقبلوا وافر التحية،،، ( مع كل الود بخط اليد) ( توقيع محمد سلماوي) الكاتب الكبير الأستاذ محمد سلماوي تحية طيبة وبعد: الجملة الوحيدة الصادقة في خطاب الاتحاد هي تلك التي أضفتها أنت بخط اليد وهي.. مع كل الود.. أما باقي الخطاب فلم أشعر فيه بالود بأي مقدار، غير أنه من المهم قبل أن أمضي في حديثي معك أن أوضح أنني لم أتقدم بطلب "للحصول علي معاشي الشهري من الاتحاد 65 جنيها رغم استقالتي من عضويته" لأن الأصل في الأمور أنني كنت أحصل علي معاشي من الاتحاد وأوقف المعاش لأسباب أنا عاجز عن فهمها، وكان موقفي هو أن أنتظر حتي يتبين الاتحاد الخطأ القانوني في موقفه، ويبادر بصرف مستحقاتي في ظل رئيس جديد ليس مسئولا عما حدث. دعني أصف لك وأذكرك أيضا بما حدث بالضبط.. في ندوة نجيب محفوظ بفندق شبرد عند الاحتفال بعيد ميلاده الماضي، حضر ضيوف كثيرون كنت أنت من بينهم ودار بيننا الحوار التالي أمام كل الحاضرين. علي: أستاذ سلماوي.. أنا أطلب منك أن تعرف من المستشار القانوني للاتحاد، ما هو الأساس القانوني الذي استند إليه الاتحاد لإيقاف صرف معاشي. محمد: لقد أوقف صرف المعاش لأنك تقدمت باستقالتك من الاتحاد. علي: الواقع أن إيقاف صرف معاشي تم قبل ذلك بشهور طويلة.. أي عندما أصدر مجلس الإدارة قرارا بفصلي.. وهو القرار الذي أصدر القضاء حكما بإلغائه.. محمد: ولكنك عندما استقلت.. علي: آه.. ها أنت ياسيدي تبدأ في الدفاع مبكرا عن مجلس إدارة الاتحاد... أنا فقط أطلب منك أن تعرف الأساس القانوني الذي تم بموجبه إيقاف صرف معاشي. وانتهي الأمر عند هذا الحد بعد أن وعدتني بأنك ستفعل ذلك، إلي أن جاءني منذ أيام خطابكم الذي يحمل كل الود ويحمل أيضا من الكلمات ما سبق أن قلته لي في جلسة شبرد: مش حضرتك استقلت..خلاص ما لكش معاش... طبعا إحنا قطعنا عنك المعاش قبل كده بكتير... لكن مش حانجيب سيرة الحكاية دي... حا ننسي خالص بوصفنا لجنة قانونية حكم المحكمة بانعدام مشروعية فصلك.. طبعا حضرتك بتدفع الاشتراك من خمسة وعشرين سنة، عشان تاخد معاش لما تكبر... مش حا ندفع لك.. هيه وضحكنا عليك.. صدقني.. خطاب الاتحاد يحمل قدرا من المراوغات اللفظية والقانونية لا يليق بآخر اتحاد للكتاب علي وجه الأرض، وأنا أطلب منك إعادة قراءته لتكتشف أن لجنتكم القانونية لم تشر من قريب أو بعيد إلي قرار فصلي التي ألغته المحكمة.. كما قلت لك، أنا لم أطلب الحصول علي معاشي من قبل ولكني أطلبه الآن، واعتبر هذا المقال طلبا بصرف كل مستحقاتي عن كل السنوات السابقة، ولما كنت أعرف موقفكم، لذلك سأضطر آسفا مرة أخري لإزعاج القضاء في مصر بواحدة من قضايا المثقفين السخيفة لكي يصدر حكمه عليكم بحتمية احترام القوانين في مصر. قد تشعر بالدهشة من إصراري علي الحصول علي هذه الخمسة وستين جنيها، ولكن هذه الدهشة ستزول عندما تعرف أني دمياطي أحرص علي المليم فضلا عن إأي أرفض أن أدخل التاريخ بوصفي أول وآخر مواطن مصري يعاقب بإيقاف معاشه لسبب وحيد هو أنه يري أن العلاقات الطبيعية بين مصر وإسرائيل هي بالحتم والضرورة في صالح مصر والمصريين وهو بالضبط ما أثبتته الأيام يوما بعد يوم.. وأن اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل هي التي تحمي الشرق الأوسط كله من الانزلاق إلي الفوضي الشاملة.. جاء الوقت الذي نتوقف فيه جميعا عن النفاق السياسي. النفاق السياسي يزيف وعي الناس بمشاكلهم الحقيقية ويعطي لأصحاب الاتجاهات الفاشية فرصة العمر لتحويل مصر إلي خرابة. مرة أخري أقول لكل زملائي من غير أعضاء اللجنة القانونية، لست أري في العلاقات الطبيعية بين مصر وإسرائيل خطرا علينا من أي نوع، كما أري أن هؤلاء العجزة الذين لايجدون لهم دورا أو مكانا أو مقاما في تنافس السلام بعد صراع الحرب، أري أنهم سيحرصون علي إدامة حالة المراوحة في المكان والزمان وإطالة أمد المراوغة علي أرض اللاحرب واللاسلم في جو سياسي واجتماعي غير طبيعي لايسمح إلا بنمو الفساد. أنتقل الآن إلي الجملة الأخيرة في خطابك " يؤسفني إبلاغكم أنه يتعذر الاستجابة لطلبكم في الوقت الراهن" وهي جملة طريفة تعني أن هناك وقتا قادما سيستجيبون فيه لطلبي، الواقع أن ( الوقت الراهن) ليست تعبيرا قانونيا، بل هي كلمات مجاملة مهذبة تصلح عادة في حالة الإفلات من الاستحقاقات... معلهش يا أبو علوة.. أصبر.. مش دلوقت.. بعدين.. كل شئ بأوان.. حا نديلك المعاش.. بس لما يؤون الأوان.. تري.. من هو المرهون في الوقت الراهن.. أنا أم أنتم؟ لست مرهونا بأي وقت.. ولست مرهونا عند أحد في انتظار أن يفك أحد رهني، فأنا أمارس دوري كمواطن ومبدع في كل اللحظات الراهنة، وأعرف أن الوقت الراهن هو الوقت المناسب لمن يريد أن ينجز شيئا. أعرف بالطبع أنه توجد أحيانا ظروف حاكمة تستند إلي معاداة العقل والمنطق، ولكن في مثل حالة الاتحاد من المستحيل أن تتغير هذه الظروف في أي وقت إلا في حالة واحدة هي أن يكون الاتحاد تابعا لمجلس الوزراء أو لوزارة التجارة أو الصناعة، في هذه الحالة المستحيلة ليس من المعقول أن تفصل واحدا من العاملين فيها أو توقف صرف معاشه لأنها جميعا تطبيعية كويزية. تري.. من أين أتت الجمعية العمومية أو مجلس إدارة اتحاد الكتاب بتلك السيادة علي كل مؤسسات مصر السياسية والدستورية، تلك السيادة التي أعطتها الحق في عدم الاعتراف باتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، ومعاقبة من يعترف بها.. هذه هي القضية وليست إيقاف صرف معاش كاتب وكأنه لا يوجد كاتب آخر من أعضاء الاتحاد يعترف بهذه الاتفاقية. نحن في حالة خطر تحتم علينا إيقاف كل أنواع النفاق السياسي والديني كما تحتم علينا الاعتراف بكل معطيات الواقع الذي نعيشه في مصر وفي المنطقة وفي العالم بوجه عام. إيه رأيك يا أبو حميد... تحب تدخل التاريخ بوصفك الكاتب المسرحي اللي حرم كاتب مسرحي تاني اسمه علي سالم من معاشه؟ والا تحب أدخل مسابقة سلماوي المسرحية واخد الجايزة اللي تساوي معاشي في عشر سنين.. والا تفتكر إني مش حاطلع الأول.. ؟ حضرتك مالكش دعوة بقضية التطبيع... ومش مسئول عن فصلي وقطع معاشي.... اتفضل ادفع.. استدع السادة أعضاء اللجنة القانونية واسألهم: حضرتكم متأكدين إن قطع معاش علي سالم إجراء قانوني؟ وأنا واثق أنهم سيردون عليك علي الفور: الواقع يافندم إنه مش قانوني قوي.. يعني ممكن يبقي قانوني وممكن ما يبقاش... تحب حضرتك نصرف له المعاش...؟ في هذه اللحظة سيحبس المؤرخ أنفاسه في انتظار إجابتك.