المتأمل لأحوال المحروسة في الأيام الأخيرة وبالتحديد مع بداية 2006م وحتي اليوم.. يجدها.. لاتسر عدوا ولا حبيبا!! فقد تعاقبت عليها سلسلة من الأحداث الكارثية السريعة من عيار "مدمر".. وبدون فرصة للتفكير في كيفية المواجهة.. أو حتي لالتقاط الأنفاس.. لأن توالي وتعاقب الاحداث تكاد تكون متصلة إن لم تكن متداخلة.. كما لو كان مسلسلا تخريبيا تم إخراجه بعناية واقتدار.. ووفق خطة محكمة وضعت من عدو مجهول كاره لمصر وشعب مصر.. لايريد أن يراها شامخة وكأنه يقول: كفاية عليكي يامصر ريادة وشموخ بقه..!! مسلسل عرضه مستمر يصحبه موسيقي تصويرية بخلفية سوداء من الشائعات والأكاذيب المقيتة..!!مسلسل يتم تنفيذه بدقة متناهية.. أبطاله من الجهلاء، والمضلل بهم من أبناء مصر.. وأحيانا كثيرة بعض ذوي العقول المغلقة منهجهم من ليس معي فهو عدوي..!! ويساعد علي اكتمال العمل الأثم.. مزايدات من فئات وتيارات مختلفة لاتراها إلا في لحظات الأثارة والاحتقان.. ويرتفع صوتها مع كل سلبية ويختفي مع كل إيجابية.. وهي جاهزة للتحالف حتي مع الشيطان طالما سيخدم مصالحها..!! ومن هنا كان أهمية وخطورة دور أجهزة الاعلام من صحافة وتليفزيون وإذاعة.. وخاصة بعد التطور التكنولوجي الهائل في الميديا الاعلامية.. بحيث أصبحت المصدر الأساسي والسهل للوصول إلي المعرفة للمتعلم والجاهل.. ولا يخفي مدي تأثير ذلك من استقبال وتفاعل مع القارئ والمشاهد.. وبالتالي في توجيه الرأي العام.. وانعكاسات ذلك علي أطراف النزاع في قضية ما.. وخاصة القضايا التي تمس أمن المواطن.. وهيبة الدولة.. وبناء عليه يتوجب علي الصحفي والاعلامي.. تناول الحدث بحرفية وبراعة.. ومن خلال الأخبار الصادقة والمعلومات الصحيحة وبحيادية.. بعيدا عن التبعية.. فكلنا نعلم أن جميع الأجهزة الاعلامية تتبع بصورة أو أخري جهة ما.. لها مصالحها وتوجهاتها سياسية كانت أم اقتصادية.. بحيث أصبح من السهل علي أي قارئ أو مشاهد معرفة هوية واتجاه كل صحيفة أو قناة تليفزيونية أو حتي أي برنامج..!! ولنستعرض معا قضية مازالت مطروحة ولم تكتمل فصولها بعد. وأعني هنا أزمة القضاء.. وفي هذه الأزمة.. كانت السمة الطاغية هي التضخيم والتهويل الاعلامي للغاية بما لا يتواءم مع طبيعة الفترة التي يمر بها المجتمع المصري من إرهاصات ومحاولات التغيير إلي الأصلح..!! القصة بدأت مع الانتخابات البرلمانية.. كانت الساحة مليئة بالأحداث والكل مترقب ومتحفز ومتسلح بكافة الوسائل التي تخدم مصالحه.. وحتي الجولة الأولي من المرحلة الانتخابية الثانية.. كانت الأمور تسير بهدوء كما كنا نأمل جميعا.. ملامحها تغير النظام إلي الافضل.. قضاء مستقل.. حيادية من أجهزة الأمن.. مع بعض السلبيات تتمثل في احجام المواطن عن المشاركة.. وتصرفات فردية بلجوء البعض للعنف وشراء الأصوات بالمال.. وتحايل بعض التيارات برفع شعارات دينية ليس مكانها اللعبة السياسية. وفجأة.. وبلا أي أسباب أو مبررات حتمية أو معقولة نري المستشارة نهي الزيني بدلا من ان تتقدم بتقرير عن مهمتها في الاشراف علي لجنة ما.. في الانتخابات الي القنوات الشرعية.. تطلع علينا وعلي الصحافة وأجهزة الأعلام بخطاب بالغ الصياغة والعبارات المؤثرة والتي تدغدغ عواطف الجماهير.. مع اتهام واضح لبعض قضاة مصر الشرفاء.. بانهم تجاوزوا في العملية الانتخابية.. ومشفوعا بصفات غير لائقة!! لتنقلب التجربة الديمقراطية والتي لم تكتمل والتي كانت تبشر بالنجاح إلي فوضي غير مسبوقة.. واختلط الحابل بالنابل.. ولم يلتزم أحد بقواعد اللعبة. وأدي هذا الي إثارة لعاب الصحفيين والاعلاميين لتناول هذه المادة المثيرة لخدمة توجهاتهم وأهدافهم وبحرفية المهنة.. وباتصالات مع بعض السادة المستشارين والقضاة انهالت التصريحات واللقاءات التليفزيونية.. وقام أغلب الصحفيين والأعلاميين بتبني رسالة المستشارة نهي الزيني شهيدة الحب الألهي كما أطلق البعض عليها.. أو جان دارك..!! كما لو كنا نبحث عن منقذ أو بطل.. تم هذا بلا تفكير أو موضوعية ولم ينتظر أحد كلمة القضاء أو نتيجة التحقيقات في القضية.. فالكل يعلم أن ألف باء العدالة. أن المتهم برئ حتي تثبت إدانته.. واستمر التضخيم وخلط الأوراق وإقحام قضية استقلال القضاء وهيبته في العملية الانتخابية.. وتتحول خلافات في وجهات النظر بين السادة القضاة إلي أزمة حقيقية.. أقحم فيها الرأي العام ومنظمات المجتمع المدني ولعب البعض دور من يعد لمعركة.. وتجيش الجيوش.. لمسمي وهمي أطلق عليه "مذبحة القضاة"..!! وحتي نكون منصفين لم يأخذ الكل هذا المنحي.. فقد كانت هناك منابر صحفية وإعلامية استشعرت الخطر وقامت بواجبها الوطني والذي لا يختلف عن منهجها وتوجهاتها اصلا.. وعالجت الحدث ككل حدث أخر بموضوعية وشفافية.. وساهمت بحوارات عقلانية.. وبتفاعل إيجابي بعيدا عن التحريض والاثارة والشخصنة.. أذكر منها علي سبيل المثال جريدة نهضة مصر.. التي تتيح للجميع وبلا أي حواجز إبداء الرأي بحرية في حدود الأدب والاحترام. وهناك علي صعيد القنوات الفضائية والبرامج الحوارية المشهود لها بالحيادية والموضوعية واحترام المشاهد.. والمشارك بالرأي، وكافة أطراف الحوار.. برنامج "علي الهواء" تقديم الاعلامي جمال عنايت بقناة الصفوة "شبكة أوربت" هذا الرجل ومعه فريق عمل نشط يعمل بحس وطني وبمهارة وحرفية اعلامية.. متواجدون وبسبق مع كل حدث.. نتقدم إليهم بتحية إعزاز.. ودعاء بالتوفيق.. مع تفاقم أزمة القضاة.. والتسخين والتجييش للمعركة من قبل الاعلام ومنظمات المجتمع المدني.. والتيارات المختلفة.. قام الاستاذ/ جمال عنايت وكعادته في تناول الاحداث بهدوء وموضوعية.. قام باستضافة كل من المستشار هشام البسطويسي والمستشار محمود مكي بصفتهما نائبين لرؤساء محكمة النقض.. وكأطراف في الأزمة الحالية.. وتم طرح وجهات النظر بهدوء وبمشاركة وتساؤلات المشاهدين وكان رأيي ومعي بعض المداخلات أن البيت القضائي هو الحل الأمثل للخروج من هذه الأزمة.. وبعيدا عن تدخلات جهات ليست معنية. وفي 29 أبريل الماضي خصص الأستاذ جمال عنايت حلقة ثانية استضاف فيها كلا من المستشار مقبل شاكر عضو المجلس الأعلي للقضاء، والمستشار محمد عيد أمين سر المجلس الاعلي للقضاء.. بصفتهما يمثلان الطرف الأخر من وجهة النظر.. وبكل هدوء أيضا وبموضوعية وضح المستشار مقبل شاكر ان موضوع استقلال القضاء قد تقدم به منذ عشر سنوات إلي السيد الرئيس حسني مبارك بصفته الرئيس الاعلي للقضاء.. ووافق سيادته عليه وأخذ مجراه داخل الأروقة والقنوات القضائية وهو حاليا لدي مجلس الوزراء بعد مروره علي شيوخ القضاء في المجلس الاعلي والذين يطمحون في استقلالية القضاء.. وأن الخلاف ينحصر في مشروعية قانون انتخاب بعض اعضاء مجلس القضاء.. وكذا تبعية نادي القضاة.. يتبع المجلس الأعلي للقضاء أو الشئون الاجتماعية.. وستحسم هذه الأمور في البرلمان.. وقد تقدم المستشار مقبل شاكر بدعوة السادة المستشارين بنادي القضاة من خلال البرنامج وباتصالات تليفونية مع المستشار زكريا عبدالعزيز رئيس محكمة الاستئناف ورئيس نادي القضاة.. والمستشار محمود مكي نائب رئيس محكمة النقض.. بالحضور إلي المجلس الاعلي للقضاء والجلوس والتحاور والاتفاق علي رؤية مشتركة تحفظ للقضاء المصري هيبته وشموخه ومنزلته المحفوظة بإجلال وتقدير لدي الجميع.. فهل من مجيب؟؟