كل الدلائل تشير إلي أن أفغانستان في طريقها إلي أن تصبح دولة فاشلة، وليس هناك من جديد سوي قرار الولاياتالمتحدة بتخفيض قواتها في أفغانستان ووصول قوات حلف الناتو هذا الصيف، ولكن بعد أربع سنوات من وصول حكومة حميد كرزاي إلي السلطة فإن هذه العوامل بدأت تتجمع لتفرز نتيجة كارثية. ويقول حبيب الله قادري وزير شئون مكافحة المخدرات إن هذه العوامل تغذي بعضها بعضاً، هناك عنصران في الإرهاب أولهما الفساد الداخلي والآخر هو التدخل الخارجي وهذا هو السبب في المشاكل التي نعاني منها، لدينا إدارة فاسدة وحكومة فاسدة وهذا أيضا هو السبب في أن الناس لايتعاونون معنا. الاحتجاجات علي الرسومات التي تسيء إلي النبي محمد تعتبر بارومتراً يقيس الاحباطات المحلية، وفي شوارع كابول ولاجمان وميمانا وباجرام وجه المحتجون غضبهم نحو الولاياتالمتحدة والغرب والمغتربين الأفغان الذين عادوا إلي الوطن ليتبوأوا الوظائف العليا في الحكومة. ويقول المحللون إنه لو لبيت الاحتياجات الأساسية للمواطنين مثل المأوي والغذاء والعمل فإن الاحتجاجات علي الرسومات كانت ستتلاشي سريعاً. استطلاعات الرأي العام بالرغم من الاشارات الإيجابية التي تظهرها تشير أيضا إلي أن هناك مشاكل خطيرة تواجه أغلبية الأفغان. 60% من الذين استطلعت آراؤهم يعيشون بدون كهرباء في منازلهم وسبعة من كل عشرة من الأفغان لم يتخطوا المرحلة الابتدائية في التعليم ولايتجاوز دخل نصف الأسر 500 دولار في السنة. فماذا يريد الناس؟ حكومة نظيفة ذات شفافية وطعاماً علي موائدهم ووظائف تكفل لهم مورد رزق وعندما لايجدون هذه الضرورات فإن ثقتهم في الحكومة تنهار.. ولهذه الأسباب فإن المسئولين الأفغان قلقون بشأن بعض العوامل الأمنية والاقتصادية منها أن قيمة النشاط الاقتصادي غير الشرعي العائد إلي انتاج وتجارة المخدرات (الأفيون والهيرووين) بلغت 7.2 بليون دولار في عام 2005 وهذا يعادل أكثر من 50% من الناتج المحلي الإجمالي. المسئولون الأفغان يقدرون أن 400 ألف من الأسر التي تعمل بالزراعة تستفيد من زراعة خشخاش الأفيون، كما يقدرون عدد مدمني الهيروين في أفغانستان ب 50 ألف شخص. الجامعات والكليات الأفغانية تخرج حوالي 38 ألف طالب سنوياً، ولكن حوالي 70% من سكان كابول عاطلون عن العمل وليس هناك أي مجهود لخلق وظائف لهؤلاء الخريجين، السفر في كل أنحاء أفغانستان بما في ذلك العاصمة كابول غير آمن بسبب العمليات العسكرية والألغام الأرضية وقطاع الطرق والتنافس المسلح بين المجموعات السياسية والقبلية، وإمكانية التعرض للهجمات الإرهابية. هذه المشكلات ليست معزولة عن بعضها البعض حيث تشجع تجارة المخدرات الفساد والفساد يدمر مصداقية الحكومة التي تؤدي بدورها إلي التأييد الإيجابي أو السلبي للتمرد والجريمة. ويقول أحد الاستشاريين الأجانب لقد كانت هناك فرصة في عام 2002 عندما ذهبت طالبان وكان الناس مستعدين لمساندة الحكومة وبذل التضحيات ولكن هذه الفرصة قد ضاعت الآن، لقد يئس الناس من هذه الحكومة ولا أعلم كيف يمكن معالجة هذا الوضع الآن. ويقول هومايون آسيفي المرشح الجمهوري السابق والمؤيد لحكومة كرزاي "هذه الحكومة لن تبقي لأكثر من أسبوعين بدون دعم أجنبي وقد قلت هذا لأحد الأصدقاء الذي قال لن تستمر لمدة أسبوع واحد قبل أن يندلع القتال في الشوارع. لقد بدأ المسئولون الأمريكيون يعترفون بأن العمل العسكري لايمكن أن ينجح بدون خطة سياسية متماسكة، وبعد عام من الانتصارات العسكرية الكبيرة ضد المتمردين في العام الماضي فمن الواضح أن طالبان ليست قادرة علي هزيمة الولاياتالمتحدة في مواجهة مباشرة ولكن هذا الوضع لم يجلب المزيد من الأمن. طالبان ببساطة غيروا تكتيكاتهم وهم الآن يهاجمون النقاط ضعيفة الحراسة ويزرعون المتفجرات علي جوانب الطرق لاصطياد الدوريات الأفغانية ضعيفة التسلح ويقتلون رجال الدين والمعلمين وعمال الإغاثة الأفغانيين ولكن الوجود الأمريكي في أفغانستان لايزال يحمل طابع المدة القصيرة الصحفي الأمريكي ديفيد هالبرستان كتب مرة إن عادة الأمريكيين في إرسال الدبلوماسيين إلي فيتنام لمدة سنة واحدة ثم استبدالهم بآخرين يعني أن الأمريكيين لايملكون خبرة عشر سنوات في فيتنام بل خبرة سنة واحدة مكررة عشر مرات ويقول الكثيرون من المراقبين الأجانب إن نفس الشيء يتم تكراره في أفغانستان. "لوس انجلوس تايمز"