ولدت من رحم الأيام، لم تر أباها ولا أمها، وكأن الظروف كلها تضافرت لكي تجعل منها مجرمة ارتضت بذلك أم لم ترض، لم تجد من يرشدها للطريق المستقيم وبذلك اختارت ان تسلك طريق الشيطان الذي كان ممهدا لها ولم تجد فيه أي صعوبة إلي أن سقطت سقوطها الأخير بعد عدة جرائم ارتكبتها. هذه باختصار ملامح حياة هند 24 سنة اما تفاصيل جريمتها وقصة احترافها للجريمة فندعها تحكيها لكي تكون عبرة لغيرها كما قالت وشاءت ان تحكي وشئنا ان نكتب كل ماتقول كما هو. تقول هند: حتي وقت قريب لم أكن اعرف عدد سنوات عمري لم اعرفها الا عندما القت الشرطة القبض علي وأودعتني دار رعاية للاحداث وقبل ان اخرج منها قاموا بتسنيني وعمل بطاقة شخصية لي ومرة اخري وجدت نفسي في الشارع كما فتحت عيني لاجدني في الشارع لا اعرف ماذا حدث لكي اكون واحدة من اطفال الشوارع ممن تشاهدونهم في الطرقات وأسفل الكباري كل واحد من هؤلاء الأطفال له قصة يرويها عن ابيه وامه أما أنا فلا أعرف شيئا لا أعرف غير سيدة عجوز كنت أقيم معها وكنت أقول لها يا ماما" وذات يوم لم أجدها في المنزل بل لم أجد المنزل أصلاً وجدت نفسي ملقاة أسفل كوبري الملك الصالح والناس حولي يصفقون ولم يفعل لي أحد شيئا انصرفوا جميعا وتركوني أواجه مصيري كنت أتسول قوت يومي حتي تعرفت علي شلة من أبناء الشوارع مثلي كنا نشجع بعض علي فعل كل شئ وأي شئ ادمنت السجائر وشم الكله. تضيف هند: بعد ذلك التقطنا أحد البلطجية وجعلنا نعمل معه في التسول لصالحه أو بيع الورد ومسح السيارات وفي آخر الليل يلقي بنا في خرابة نريح فيها اجسادنا المنهكة البالية وعشت الجزء الأول من حياتي علي هذه الصورة حتي القت الشرطة القبض علي وأنا في سن الحادية عشرة والقت بنا في دار رعاية أحداث ومنها إلي مؤسسة رعاية كنا نقيم فيها ونتعلم إحدي المهن وبعد ان قضيت بها ست سنوات من عمري وجدتهم يضعون في يدي خمسين جنيها وبطاقتي الشخصية ويفتحون لي الباب لأخرج للدنيا أو للطرق خيروني بين أن ابقي معهم أو أن أخرج للدنيا فأخترت الخروج لأنني مللت من السجن داخل المؤسسة، وليتني مافعلت خرجت لأجد الدنيا قد ازدادت اتساعا والناس ازدادوا قسوة وشعرت بالخوف من نظرات الناس الذين أصبحوا يمتلكون نظرات حادة يصوبونها نحوي وخاصة الرجال فأدركت أنني أصبحت مطمعا بعدما التف قوامي وظهرت معالم انوثتي وفجأة وجدتني رهن الاختطاف من عدد من الشباب الذين اخذوني لمكان مهجور وتناوبي الاعتداء علي ولما ملوا مني تركوني خرقة بالية في قلب الصحراء وفروا هاربين. ادركت التحول الذي أصابني وقررت أن اسير في نفس الطريق الذي فرض علي السير فيه واحترفت البغاء وارتياد الشقق المفروشة مع الاثرياء العرب والمصريين واصبحت فتاة ليل وعرفت قوانين هذا العالم الغريب وحفظت عن ظهر قلب قواعد اللعبة والاكثر أنني عرفت ان لكل شئ ثمنا ويجب ان احصل علي ثمني قبل أن أبرح مكاني. ومنذ ثلاثة أعوام تكمل هند القي القبض علي ضمن عدة فتيات في شبكة اداب تقودها راقصة درجة عاشرة وزج بي في السجن لاقضي عقوبة السجن لمدة عامين خرجت بعدها أكثر انحرافا وأكثر رغبة في الانتقام من العالم كله فأنا لا أعيش إلا لنفسي ونفسي فقط حتي الشاب الوحيد الذي أحببته سرقني وهرب بعدما أخذ ما يحلو له مني واستولي علي مصوغاتي الذهبية بحجة بيعها وشراء تاكسي يعمل عليه ومن أجل اتمام زواجي به وافقت لأنني رغبت ان أتطهر من هذه الحياة التي أعيشها لكني فوجئت في النهاية أنه مهما كان الثمن الذي يدفعه الزبون لي فانني رخيصة وليس لي ثمن. وأخيراً القي المقدم علاء عابد رئيس مباحث الهرم القبض علي أثناء استيقافي للسيارات في منطقة الكازينوهات في شارع الهرم وتم احالتي للنيابة التي قررت حبسي علي ذمة التحقيقات بعدما وجهت لي تهمة التحريض علي الفسق.. هذه هي حكايتي ولم أكن طوال الوقت مظلومة ومجبرة علي ما أفعل فقد اتيحت لي عدة فرص لكي أكون انسانة طيبة ومستقيمة لكنها جميعا جاءت بعد فوات الأوان، فقد كنت ابحث عن الثراء وعن المال الذي يكفيني شرور الناس ويعوزني منهم ويعوزهم لي كنت ابحث عن المال ظنا ان تجارة الجسد رابحة لكنني اكتشفت انني مخطئة وانني خسرت الكثير.