ملابس العيد الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال مصر حينما يذهب الإنسان إلي بعض شوارع القاهرة التي كانت في زمن مضي للخاصة.. وأصبحت الآن للعامة مثل شارع فؤاد ومنطقة الشواربي وشارع سليمان باشا فإنه سوف يجد أن الوضع قد تغير كثيراً عن ذي قبل. هذا بالإضافة إلي أن منطقة وسط البلد كلها أصبحت تعج بالكادحين والعارقين من طبقة العمال والقادمين من الأقاليم كل يسعي لشراء احتياجات أسرته من السلع الرمضانية ومن الضروريات اللازمة لاستقبال عيد الفطر المبارك. وقد يذهب الشخص إلي المحلات الرخيصة سواء ما كان باقيا من محلات القطاع العام.. أو تلك المحلات الخاصة التي يتاجر أصحابها في الإنتاج الصيني والأقمشة الملونة.. والتي تحمل في زخارفها البقع الزاهية.. والقصب الذي يلمع في الأضواء بالألوان الخلابة.. والتي تأخذ بأنظار أبناء البلد من سكان المناطق الشعبية أو القادمين من الضواحي.. والمتابع لرب العائلة.. الذي يضع في جيبه كل ما لديه من نقود ظنا منه أنه بما لديه سوف يوفي كل الأسرة بكل ما تحتاج إليه من ملابس للكبار والصغار.. وأيضاً احتياجات الأطفال من الملابس الجديدة والأحذية.. وكذلك الحقائب المتواضعة للبنات.. والتي يكون بعضها متجانساً لألوان الفساتين أو شاذا عنها. هذا بالإضافة إلي لعب الأطفال المصنوعة من البلاستيك والأخشاب الملونة والمزخرفة. ويتنقل الأب من محل إلي آخر قبل أن يعقد صفقة الشراء بمتابعة الأجود والأرخص.. وقد تدور بينه وبين زوجته وأولاده مناقشات حادة حول المشتريات.. فالزوجة لا يهمها نفسها بقدر ما يهمها ارضاء أولادها.. وبين كل فترة وأخري تتوجه بالدعاء للزوج مرددة العبارة المألوفة .ربنا ما يقطع لك عادة يا أبو فلان. وهو ينظر إليها شذراً فقد ضاعت منحة العيد وأخذت معها ما تبقي من المرتب.. وأنه كان يمكن شراء القليل مع استعمال القديم وإصلاحه وكيه.. خاصة أن عيد الفطر يحتاج إلي نفقات أخري مثل .كعك العيد. ثم بعض اللحوم أو الأسماك وكلها عادات موروثة فأين للرجل بقيمة الاحتياجات الأخري. ثم إن هناك لوازم أخري لابد منها.. من قبيل المجاملات الشرقية والتقليدية.. مثل بعض الزيارات وتقديم .العيديات. المتمثلة في بعض النقود التي يعطيها ولي الأمر لأبناء إخوته أو جيرانه. انه موسم مشهود.. لا يطاق مع حرارة الجو.. كل شيء حار وساخن.. والسخونة عالية وحالة الطقس كلها تجعل الرجل يدعو من كل قلبه بأن يأخذه الله وان يريحه.. قبل ما يرتكب جريمة في حق اعز الناس إليه.. وقد يستغفر الله مستعيذاً بالله من الشيطان الرجيم الذي يوسوس له اعمالا تغضب الله.. ثم سرعان ما يعاوده الشيطان.. خاصة أنه لا حيلة له.. فكثير من الدعوات غير الصالحة علي اليوم الذي رأي فيه الدنيا ثم يدعو علي الأغنياء والأثرياء الذين لا يعانون مثل معاناته.. والذين يلعبون بالفلوس .لعب... ولِمَ لَمْ يخلقه الله غنياً؟ مثل هؤلاء الناس الذين هم أقل منه نسباً وحسبا وربما ثقافة وعلماً.. ثم يتنهد الرجل .جاتنا نيله في حظنا الهباب... كان الرجل.. يرتكز علي باب المحل في شارع الموسكي حيث زوجته وأولاده داخل المحل يتصايحون وتعلو أصواتهم وهو في ملكوت آخر.. وفي حالة لا يدري ماذا يدور من حوله.. فلا هو يسمع صوت أهله من داخل المحل ولا هو يسمع الأصوات العالية والضجيج الذي يملأ الشارع ولا أصوات المزامير والشخاشيخ.. ولا نداءات الباعة الجائلين. ياله من يوم شاق لا تحتمله امكانيات الرجل.. الذي لم يبق له إلا أن يعرض نفسه للبيع في شارع الموسكي.. وأن يذهب إلي غير رجعة. ثم حينما تخرج أسرته من المحل الذي هو آخر المطاف في رحلة الشراء تصدر عنه تنهيدة يهتز لها قلب الحجر وينظر إلي أسرته وهم خارج المحل وكلهم سعادة ويوجهون له التحية والشكر.. فتعلو تنهيدته إلي الآفاق ويتذكر الرزاق الذي انعم عليه بالصحة ويقول: .اللهم دمها نعمة واحفظها من الزوال..