السودان.. نهاية صراع.. أم بداية حرب؟ الحركة الشعبية لا تمتلك خبرة إدارة شئون دولة وتسخر موارد الإقليم لشراء السلاح الدعم .الأمريكي الإسرائيلي. للانفصال يهدف إلي جعل السودان مسرحا للحرب بين دولتين. المرجعية ال.صهيونية. للجنوب تثير القلق علي حصة مصرمن مياه النيل تحقيق: علاء الدين حافظ الأحد- نحو 4 ملايين ناخب لصناديق الاقتراع بالسودان ودول المهجر للإدلاء بأصواتهم لتحديد مصير الجنوب سواء بالاستمرار تحت مظلة الدولة الواحدة أو بالانفصال عن الشمال وإقامة دولة ذات سيادة مستقلة ،وذلك وفقا لاتفاق السلام الشامل الموقع بين حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان عام 2005والذي انهي حربا أهلية دامت قرابة 21 عاما،ورغم ان استمرار السودان دولة واحدة حلم يراود الكثير من الدول العربية وتحديدا مصر إلا أن جميع المعطيات الراهنة تشير بما لا يدع مجالا للشك إلي أن نتيجة الاستفتاء سوف تؤيد انفصال الجنوب عن الشمال لاسيما وان جميع التصريحات التي صدرت عن مسئولين بالدول الكبري وعلي رأسهم الولاياتالمتحدةالأمريكية صبت في هذا الاتجاه ، بالتزامن مع الاستفتاء في الجنوب سيجري استفتاء آخر في منطقة ابيي الواقعة علي الحدود بين الشمال والجنوب ليختار قاطنوها الي اي الاقليمين يريدون الانضمام وهي المنطقة الغنية بالنفط ،وهو الأمر الذي يدعونا لإزاحة الستار عن مستقبل العلاقات المصرية مع الدولة الوليدة، وطبيعة العلاقة أيضا بين شطري السودان الجنوبي والشمالي وهل سيؤول مصير السودان بعد التفتيت الي الحرب الأهلية كما يتوقع المراقبون ليتحول الي "صومال" أخري. يشغل جنوب السودان حوالي 700 ألف كيلو متر مربع من مساحة السودان البالغة 2.5 مليون مليون كيلومتر مربع تقريبا، أي ما يعادل 28% من المساحة الكلية للبلاد. وللجنوب حدود تمتد إلي 2000 كيلومتر تقريبا مع خمس دول هي إثيوبيا وكينيا وأوغندا والكونغو وأفريقيا الوسطي.وتشكل المراعي 40% من الجنوب السوداني والأراضي الزراعية 30% بينما تشغل الغابات الطبيعية 23% والسطوح المائية 7% من جملة المساحةوينقسم الجنوب إداريا إلي عشر ولايات، هي ولاية أعالي النيل وجونجلي والوحدة، وهذه الولايات الثلاث كانت تسمي من قبل بإقليم أعالي النيل، وولاية البحيرات وواراب وشمال بحر الغزال وغرب بحر الغزال، وتشكل هذه الولايات الأربع ما كان يعرف من قبل باسم إقليم بحر الغزال، أما الولايات الثلاث الأخري فهي ولاية غرب الاستوائية وبحر الجبل وشرق الاستوائية أو إقليم الاستوائية سابقا، وتضم الولاياتالجنوبية العشر هذه أكثر من 30 محافظةوتتميز جغرافية جنوب السودان بانتشار الادغال والمستنقعات فيما تتسم مناطق شمال السودان بطبيعة صحراوية.،ويتحدث سكان شمال البلاد اللغة العربية ويعتنقون الإسلام بينما يتشكل الجنوب من عدد من الأقليات العرقية يعتنق غالبيتهم المسيحية إلي جانب ديانات أفريقية أخري.إلا أن وجود العاصمة السياسية في الخرطوم، في شمال السودان، جعل الكثير من سكان جنوب البلاد يتحدثون عن وجود تمييز ضدهم، كما شعر الكثير من الجنوبيين بالسخط نتيجة للمساعي الهادفة إلي تطبيق الشريعة الإسلامية علي جميع انحاء البلاد بما فيها مناطقهم التي تسكنها غالبية مسيحية..وتعيش الغالبية العظمي من المقترعين في مناطق الجنوب ،ويشترط النظام أن يشارك 60 في المئة من المسجلين في عملية الاقتراع لاعتبار الاستفتاء شرعيا.ويتخوف مراقبون من أن تسهم نسبة الأمية المرتفعة في جعل المشاركة أمرا صعبا. كيف يتم اجراء الاستفتاء؟ وستستمر عملية الاقتراع علي مدي أسبوع.وفي حال كانت نتيجة الاقتراع هي الانفصال فإن دولة إفريقية جديدة ستكون واقعا جديدا في 9 يونيوالمقبل اي بعد 6 سنوات تماما من توقيع اتفاقية السلام بين شمال السودان وجنوبها.ويقول مراقبون إن ذلك سيكون بداية للعمل الصعب. الشهور الكثيرة التي سبقت استفتاء اليوم شهدت خلافات كبيرة بين الحركة الشعبية لتحرير السودان التي تحكم الجنوب وبين حزب المؤتمر الوطني الحاكم في الخرطوم الي ان تم الاتفاق حول آلية فض الخلافات بين الطرفين، وان هذا الاتفاق تمت صياغته في مذكرة تفاهم تم التوصل اليها بعد عدة جولات من المفاوضات بين الطرفين في مدينة "مكلي" الإثيوبية.ومن بين ما تم التوصل اليه تشكيل اللجنة الفنية للاستفتاء في الجنوب واللجنة ستقوم بدورها بالإشراف علي عمل "لجنة عليا خاصة" يرأسها نائب رئيس الجمهورية سيلفا كير وتقوم بالتحضيرات علي الارض لضمان اجراء استفتاء نزيه وحر وغيرها من القضايا وتنقسم اللجنة الخاصة الي ثلاث لجان فرعية تتولي كل واحدة مهام محددة، الاولي تتولي الاشراف علي تنفيذ الاستفتاء ،والثانية ومهمتها ترتيبات ما بعد الاستفتاء مثل مصير حقول النفط والاملاك والديون والامن والاتفاقات الدولية،اما اللجنة الثالثة فتتولي اعداد آليات الحكم في الجنوب بعد الاستفتاء مثل اعادة النظر في الدستور المؤقت لجنوب السودان و نقل الحكم من الحكومة المركزية الي حكومة الجنوب،ولا زالت هناك العديد من النقاط العالقة التي يتوقع أن تثير خلافات بين الجانبين في حال اختار الجنوبيون الإنفصال من بينها ترسيم الحدود والديون الخارجية وتوزيع الثروة. هل الجنوب جاهز للاستقلال؟ الاجابة الصريحة علي هذا السؤال وفقا للمراقبين هي لا. فبعد سنوات من عدم حصول هذه المنطقة علي الاهتمام المطلوب، لا يوجد في جنوب السودان الذي تعادل مساحته مساحة فرنسا وألمانيا مجتمعتين، قدر كاف من الطرق او المستشفيات او المدارس لخدمة سكانها البالغ عددهم حوالي 8 ملايين نسمة.وقد حصلت الحركة الشعبية لتحرير السودان المتمردة سابقا والتي تحكم جنوب البلاد منذ اتفاقية السلام علي بعض الخبرة في إدارة شئون المنطقة.فقد وضعت الحركة خطة تنموية طموحة لمدن المنطقة واطلقت منافسة عامة لوضع نشيد وطني.وستجني حكومة دولة الجنوب في حال استقلالها ايرادات طائلة نتيجة لبيع النفط، إلا أن منتقديهم يقولون إنهم انفقوا نسبة كبيرة من هذه الايرادات علي المجهود العسكري، ولم يفعلوا ما يلزم لتحسين مستوي معيشة السكان.في المقابل ستكون المهمة الرئيسية للشمال المحافظة علي أكبر نسبة ممكنة من ايرادات النفط خصوصا ان غالبية الحقول المنتجة للنفط ستكون ضمن حدود الجنوب.ويتنازع الجنوب والشمال علي السيطرة علي منطقة غنية بالنفط هي أبيي حيث ستتم اقامة استفتاء منفصل ليقرر فيه سكان المنطقة سواء البقاء مع الشمال او الانضمام إلي الجنوب.وسيتاح لجميع السودانيين حرية اختيار اي الجنسيتين يرغبون بالحصول عليها خصوصا أهالي الجنوب الذين يقطنون حاليا في الخرطوم. ماذا عن تأثير الانفصال علي مياه النيل؟ لايخفي علي احد ان هناك اصابع خفية وراء ازكاء تمرد الجنوب علي الشمال تهدف الي اعادة اشعال الحرب الاهلية داخل السودان من جهة ،ومحاولة تقليص حصة مصر من المياه من جهة اخري خاصة وان مرجعية الجنوب "أمريكية إسرائيلية"وليست افريقية عربية مثلما الحال في السودان ، الامر الذي يثير الريبة في الشأن المصري ويعقب علي ذلك الدكتور .حلمي شعراوي. مدير مركز البحوث العربية والأفريقية إن جنوب السودان به عدد من التيارات المتصارعة سياسيا علي السلطة واعتبر شعراوي أن تصريحات الجنوب وتهديده بالانفصال تعد تعبيرا عن الانشقاقات في سلطة جنوب السودان مشيرا إلي أن انفصال الجنوب يثير مسألة إعادة توزيع حصص مياه النيل إلا أنه أكد في الوقت نفسه أن الوضع في الجنوب أضعف من إثارة مشكلة كبيرة وقال إنه يجب أن يكون هناك جهد مصري دائم للمشروعات التنموية في جنوب السودان ورأي أن إعادة العمل في قناة جونجلي يدعم الدور المصري في الجنوب، مشيرا إلي أن مشروع جونجلي سيكون حلاً أساسياً بالنسبة لمصر نسبة لأنه سيوفر ما بين 2 و4 مليارات متر مكعب من المياه. ولفت شعراوي إلي ان الخطر الحقيقي علي مصر في حالة انفصال الجنوب السوداني يتمثل في امكانية نشوب حرب علي الاراضي السودانية بين الجنوب والشمال وهي ليست حرب اهلية كما يقول البعض ولكنها ستكون حرباً بين دولتين ومن هنا سيصبح الامن القومي في خطر لان الحدود المصرية السودانية سوف تكون مسرحا للحروب بين الدول، وشدد شعراوي علي ان ما يحدث في السودان استكمالا للمساعي الغربية الرامية الي اشعال الحروب في المنطقة العربية لاستنزاف موارد هذه الدول حتي يظل ميزان القوي ليس في صالح العرب مقارنة بإسرائيل . هل الامن القومي في خطر؟ يجيب عن هذا التساؤل الدكتور ابراهيم نصر الدين مدير معهد الدراسات الافريقية بجامعة القاهرة قائلا..الهدف الحقيقي لامريكا واسرائيل من وراء دعم الانفصال ليس حماية سكان الجنوب من الشماليين وانما الهدف الاساسي يتمثل في "صوملة السودان" اي تحويل السودان الي صومال جديدة بحيث يصبح مسرحا للحرب بين دولتي الشمال والجنوب ، ولو حدث ذلك ستكون الكارثة علي الباب لانه من السهل جدا ان تهدد هذه الحرب العمق المصري، وتابع نصر الدين..ان مصر فقدت دورها الريادي داخل القارة منذ سبعينيات القرن الماضي حييث تحولت غربا وبالتالي خسرت الارضية الافريقية ، مدللا علي ذلك بأن هناك دولا اخري غير مصر اصبحت اللاعب الرئيسي في معظم ما يدور داخل القارة السمراء وحضور هذه الدول داخل القارة ليس حبا في سكانها ولكن لتحقيق جملة من الاهداف التي فشلت في تحقيقها الآلة العسكرية ، فتمزيق الصومال ودعم الحوثيين في اليمن واخيرا ما يحدث في السودان، يؤكد ان هناك جملة اهداف لن تتحقق الا بتأجيج الحروب في كل مكان،لافتا الي ان مصر ليست بعيدة عن هذه المخططات وان ملف النوبيين في الجنوب علي رأس الاجندة الخاصة بتفتيت وحدة مصر لذا فإنه ينبغي علي الجميع ان يعوا الاهداف البعيدة لهذه المخططات.