حالة الفوضي العارمة التي تسود هذه الأيام في إصدار الفتاوي تحتاج إلي وقفة حاسمة من أزهرنا الشريف ودار الإفتاء المصرية، بحيث تصدر تصاريح للشيوخ والعلماء الذين تتوافر فيهم شروط الإفتاء العلمي في مختلف القضايا التي تهم جمهور المسلمين تطبيقاً للجهد المبذول من العالم الجليل الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية للنهوض بدار الإفتاء مكاناً ومكانة.. نقول ذلك بعد أن تابعنا عن قرب .البروتوكول. الموقع من جانب فضيلته مع دار الكتب والوثائق القومية والذي كان من ثمرته جهد علمي يعد وبحق مصدر فخر للمصريين بعد صدور كتاب .الإفتاء المصري من عقبة بن عامر إلي علي جمعة. للمؤلف الدكتور عماد هلال الذي بذل فيه جهداً علمياً ضخماً وهو يسرد تاريخ الإفتاء منذ عهد الصحابي الجليل حتي يومنا هذا.. ويحدد شروط المفتي من إيمانه وعلمه واستقامته وفطنته مؤكداً أن المفتي إنما في الواقع .يوقع. نيابة عن الله وهي مهمة خطيرة وجليلة وما أصعبها من مسئولية تنوء بها الجبال ويفر منها كل عالم يخشي الله! فيقول لا أعلم، ومن قال لا أعلم فقد أفتي.. لكن .المتنطعون. يزحفون سراعاً إلي الفتوي، حتي أصابتنا حمي إسهال الفتاوي فأفتي أحدهم بإرضاع الكبير من زميلته في العمل وأفتي الآخر أن القبلات والأحضان ليست من مقدمات الزني وهي ذنوب صغيرة، وزاد فأفتي أن التدخين في نهار رمضان لا يبطل الصيام.. إن قارئ كتاب الدكتور عماد هلال - والذي يعد واحداً من أهم المراجع العلمية كما أثني عليه مفتي الجمهورية في تصديره للكتاب - يدرك مدي خطورة الفتاوي التي تصدر من غير متخصصين في العلوم الشرعية والفقهية والعصرية حتي أفتانا .السباكون. و.السائقون. في أمور الدنيا والدين.. إن من تقدم الأمم أن يتقدم أهل الذكر في جميع المجالات الصفوف وبالفتاوي الصحيحة تنهض أمة الإسلام من كبوتها وتعود الخيرية والريادة لها بعد أن سقطت عنها عقوداً طويلة.. وفي مصرنا العزيزة تعيش دار الكتب والوثائق القومية أزهي عصورها بعد أن باتت فخراً يعجز القلم عن وصف ما حدث بها من تطوير وتطور لحفظ تراثنا الحضاري والثقافي في ملحمة علمية انتظرناها طويلاً بفضل جهد أبناء ورئيس هذه الدار العريقة التي بعثت فينا التفاؤل والأمل في مستقبل هذا الوطن وأبنائه، ومنهم الدكتور عماد هلال صاحب المرجع القيم وأحد أبناء هذه الدار الذين يعملون في صمت بعيداً عن الضجيج الإعلامي لا يبغون سوي وجه الله ورضاء الوطن، الذي يئن من المنافقين والدجالين وأصحاب الفتاوي ذوي النفوس الضعيفة، والذين يجب عليهم وعلي كل باحث شريف أن يقرأ كتاب .الإفتاء المصري من عقبة بن عامر إلي علي جمعة. قبل أن ينطق بحرف من حروف الإفتاء.. والله تعالي أعلي وأعلم.