يا وزير النقل.. لمصلحة من تهدر الأموال العامة وتبدد طاقات البشر وتشرد الأسر? عبدالله رأي المهندس علاء فهمي أن يتوسع في مكتبه علي حساب المعهد وليذهب المعهد وأبحاثه وأعماله إلي الجحيم فهذه هي الوسيلة الأكيدة للقضاء علي البحث العلمي وركائزه ودوافعه. في مارس 1954 تفجرت أزمة الديمقراطية وقاد مجموعة من الصف الثاني من الضباط الأحرار أعداداً غفيرة من الغوغاء وتوجهوا إلي جامعة القاهرة ،وهناك هتفوا ،يسقط أساتذة الجامعة الجهلاء ولم يجدوا من يتصدي لهم تحرك هذا الموكب الغوغائي إلي مجلس الدولة واعتدوا علي أستاذ الدساتير المصرية والعربية د.عبد الرزاق السنهوري لأنه كان يناصر العلم والعلماء، وينادي بالديمقراطية، أنزلوه من مكتبه وانهالوا عليه ضرباً حتي كادوا يفتكون بحياته لولا تدخل القدر. لكن هذا الأزمة بين الثورة والمثقفين والعلماء تبددت علي مر الأيام وبدء العلم يأخذ وضعه الصحيح في سنوات الثورة التالية. فانشئ المركز القومي للبحوث ومعهد الطاقة الذرية وعدد كبير من معاهد البحوث في مختلف المجالات، وكان الاعتقاد ومازال أن تقدم الأمم يعتمد علي البحث العلمي وتطور العلوم. ولكن علي مر الأيام تأكل هذا الحماس للعلم والعلماء وكان أخر معاهد البحوث العلمية هو المعهد القومي للنقل الذي أسسه الوزير سليمان متولي 1986 وبدأ المعهد القومي فتياً قوياً يقيم دراسات علي مستوي رفيع بالتوافق مع جامعة ويست مانستر لتخريج باحثين وعلماء في منظومة النقل بفروعها المختلفة، واستمر هذا الحماس للمعهد سنوات، لكن الوزراء الذين جاءوا بعد سليمان متولي تناقص إحساسهم بأهمية المعهد وتمت عمليات متكررة لتهميشه، الأمر الذي تسبب عنه كوارث عديدة في مجال النقل والسكة الحديد كوارث أوجعت قلوبنا وهزت مشاعرنا. وتوالي الوزراء يحاول كل منهم أن يقتطع لنفسه ولأعماله البيروقراطية جزءاً من مبني المعهد علي حساب ما يتم فيه من بحوث ودراسات وجاء أخيراً الوزير علاء فهمي الذي رأي أن يطرد المعهد بأكمله من مبناه بدلاً من إصلاحه وإعادة الاهتمام به وتوفير جو البحث العلمي الذي يساعد علي تجنب الكوارث قبل وقوعها بدلاً من النبش في التراب عن أسباب واهية لحوادث مهلكة. رأي المهندس علاء فهمي أن يتوسع في مكتبه علي حساب المعهد وليذهب المعهد وأبحاثه وأعماله إلي الجحيم فهذه هي الوسيلة الأكيدة للقضاء علي البحث العلمي وركائزه ودوافعه كان الوزير السابق قد اقتطع لمكتبه أكثر من نصف مبني المعهد ورأي الوزير علاء فهمي أن يستحوذ علي المبني بأكمله ولكن في أي مكان وفي أي موقع يمكن نقل هؤلاء الدارسين والموظفين والعاملين? الذين تضاءلت أعدادهم. تفتك ذهن الوزير واكتشف وجود مبني بمنطقة مصر القديمة في محاولة منه لإخماد صوت العلم وإبعاد العاملين والدارسين عن مكان علمهم الأصلي، استأجر الوزير هذا المبني المهمل في منطقة مزدحمة بالسكان بآلاف الجنيهات بينما كان المعهد مقاماً في أملاك الوزارة لا يكلفها شيء ولم يراع الوزير أن عشرات العاملين والموظفين في هذا المعهد قد سكنوا في أماكن مجاورة لهم وألحقوا أولادهم بمدارس قريبه من مساكنهم ووطنوا حياتهم وميزانيتهم علي العمل في هذا المكان إذا بهم يفاجئون بالقذف بهم خارج المعهد إلي منطقة بعيدة عن مدارس أبنائهم ومساكنهم وعليهم أن يبحثوا عن مساكن جديدة في المنطقة التي نقل إليها المعهد أو أن ينتقلوا إليه يومياً من خلال التنقل بين أكثر من ثلاث مواصلات حتي يصلوا إلي مقر المعهد الجديد. ومن حقنا أن نسأل معالي الوزير، هل من أجل أن يتوسع في مكتبه وهو حالياً ليس مزدحم بالموظفين والإداريين? ومن أجل أن يستنشق هواء نقي لا يحمل عرق الدارسين ولا عبق فكرهم يقوم بإهدار المال العام وتبديد طاقات البشر عبر مواصلات كثيرة ومزدحمة وتشريد الأسر. هل هناك ما يبرر كل هذا? لحساب من يحدث هذا الإهدار للمال العام وتبدد طاقات البشر وتشرد الأسر ويضيع الأبناء?