يدخل علينا شهر رمضان المبارك كل عام في موعده، وقبل أن يأتي الشهر الفضيل تجري الاستعدادات علي قدم وساق علي مستوي الحكومة والأفراد وتنطلق الاجتماعات في كل مكان مركزياً وعلي مستوي المحافظات والكل يحاول تحقيق أفضل النتائج كل في مجاله دون أن نتوقف لحظة لنلتقط أنفاسنا أمام شهر الصوم لنتأمل الحكمة من الصيام والهدف منه وكيف ننجح في تحويل كل تلك المشاعر الفياضة وحالات السمو الروحي إلي عمل إيجابي علي الأرض يؤدي إلي تعمير الأرض في الدنيا وحسن الثواب في الآخرة إن شاء الله. لست بذاهب إلي البحث في الصوم.. فعلماؤنا ومشايخنا لم يتركوا لنا حجة في أن نعرف ما ينبغي علينا تعلمه ومعرفته وإنما أردت رصد واقع حولنا بوجهيه السلبي والإيجابي بغية تطوير الايجابي والبناء عليه للأفضل وهنا أذكر بأننا نصوم أولاً امتثالاً لأمر الله عز وجل بالصوم.. فنصوم طاعة لصاحب الأمر سبحانه وتعالي الذي شرع لنا الصيام ليحقق أهدافاً متعددة وعظيمة أمرنا لنصوم كي نسعي لتنفيذها علي أرض الواقع منها أن نستشعر حاجة الجائع الفقير للطعام وأن نتعلم أننا نأكل لنعيش ولسنا بمخلوقين كي نعيش لنأكل فقط وأننا بعد رحلة الصيام طوال الشهر مطالبون بأداء واجب مالي لابد منه حتي يقبل الصوم قبل إعلان الإفطار بدخول عيد الفطر المبارك. لكن الغريب أن رمضان حينما يطل علينا نجري يميناً ويساراً لنخزن مستلزمات الشهر وكأن لا سمح الله المجاعة قادمة، حمي الشراء لا تترك أحداً صغيراً أو كبيراً غنياً أو فقيراً، الكل يذهب للشراء بشكل لافت للنظر ويدعو للدهشة، ألا يأكل الناس طوال العام إلا خلال هذا الشهر في إعراض عجيب عن الحكمة من الصوم.. (صوموا تصحوا).. وبدلاً من تناول وجبتين خلال رمضان نقوم باستهلاك طعام يعادل ثلاث أو أربع وجبات بل قد يزيد علي ذلك ونكرر هذا كل عام وكأننا نساق لفعل ذلك دون إرادة ألا يستحق الأمر منا وقفة أمام هذا الشهر ربما نوفق في إزالة هذا التناقض ونحقق تلك الحكمة من الصوم. ويشهد رمضان مظاهر تكافلية متنوعة منها شنطة رمضان وموائد الرحمن وغير ذلك من صور تكافل يقوم بها الأفراد أو بعض الجمعيات الأهلية خاصة تلك المرتبطة ببعض المساجد. ورغم جمال هذه الصورة وما تؤديه إلا أنها لا تقدم عملاً مدروساً يساهم في حل مشاكل الناس محققاً نتائج علي الأرض ومثل تلك الأعمال لابد أن تكون مدروسة ومخططة وهو ما يدعونا لدعوة مكونات المجتمع المدني المعنية بمثل هذه الأنشطة لدراسة الأساليب والوسائل الممكنة لتمكين الناس لتحول مشاركاتها الخيرية لعمل مجتمعي متكامل ومنظم يحقق البهجة والدعم للفقراء في هذا الشهر وطوال العام وفوق الطعام تمتد مساهماته لتدبير احتياجات أخري كثيرة ومهمة كنفقات التعليم والمعاونة في علاج الأمراض المنتشرة بصفة خاصة بمصر مثل فيروس C أملا في أن يمتد هذا التأثير من خلال فريضة الزكاة للفطر والمال لأهداف أكبر قد تمتد للمساهمة في حل مشاكل الإسكان وبناء المدارس أو المعاونة في تيسير الزواج للحفاظ علي صحة نفسية لأفراد المجتمع وتدعيم أواصر العلاقات بين الطبقات لتهذيب تلك العلاقة والحفاظ علي ايجابية العلاقات بينها بدلاً من تأجيج مظاهر الصراع بين الطبقات بإهمال القادر منها القيام بما يجب عليه من فروض حيال غير القادر. وأشير هنا لجهود مخلصة تدعم فكرة تقديم حلول مناسبة لمشاكل مجتمعية عبر برامج مدروسة ومؤسسات أهلية محترمة مثل مؤسسة مصر الخير التي يرأس مجلس أمنائها فضيلة المفتي د. علي جمعة وبنك الطعام وجمعية رسالة للأيتام وجمعية الإمام علي للتوعية الدينية بمحافظة الجيزة ومقرها بالعمرانية وجمعية المساعي المشكورة بشبين الكوم وغير ذلك كثير. كل تلك الجمعيات والمنتشرة علي مستوي مصر كاملة ينبغي تدعيمها إعلامياً من خلال قنواتنا الفضائية والأرضية وعبر الإعلام المسموع والمقروء وهو واجب علي الإعلام تجاه المجتمع لإبراز تلك النماذج المتطوعة التي تقدم عن ايمان وطيب خاطر ما تستطيع للمجتمع إيماناً بحق الوطن علي أبنائه بدلاً من التركيز الشديد بل والمريض علي أنصاف الراقصات وأشباه الفنانين ومراهقي كرة القدم الذين لا تنتهي فضائحهم ومشاكلهم.