بين السطور الوطن في خطر ذهبت إلي قريتي التي اعتز بالانتماء لها في دائرة الباجور للإدلاء بصوتي في انتخابات مجلس الشعب، وجدت العجب العجاب فالفائزان (عمال) أخذا أصواتاً تفوق أربعة أضعاف ما كان يأخذه الوزير كمال الشاذلي رحمه الله ولكن ما سمعته عن هذا اليوم في مصر كلها شيء أقسي وأوجع من الحزن، فقلبي يعتصر كمواطن وأشعر بحزن شديد: أي مستقبل ينتظر بلادنا?.. أتمسك بالأمل ولكن يبدو أن النفق مظلم فما حدث في الانتخابات النيابية المصرية تقشعر له الأبدان قد يكون له صلة بعوالم الإجرام أكثر من عوالم السياسة. والمؤسف أننا لدينا مثقفون المفترض أن وظيفتهم هي نشر الوعي داخل الوطن ولكن ما حدث أن غالبيتهم أبواق لتبرير الظلم والقهر والسخرة. الأمر الثاني الذي أزعجني في حكاية الانتخابات هو شراء الأصوات، الثمن يبدأ بخمسين جنيها ووصل إلي خمسمائة فالأمر أصبح متكرراً ومعتاداً بل حقا مكتسباً علي الرغم من أنه غير شرعي وغير قانوني مسيء مهين فالمواطن الذي يرضي أن يختار مرشحا لمجرد مبلغ من المال أو علبة فياجرا أو اثنين كيلو لحمة هو الآخر مواطن فاسد ومرتش رغم كل التبريرات فهو لا يبيع صوته بل يبيع ضميره وبلده والكارثة أن ما يفعله لا يشعر أنه يخالف ضميره ودينه أيا كان بل وصل الأمر للبعض الذهاب دون خجل أو استحياء إلي المرشحين ي5ت يوجد هلال الجوع المحشور بين حكومة تبيع الشركات وشعب يبيع الأصوات. المصيبة الكبري في هذه الانتخابات سيكون لها أثر سلبي علي الجيل الحالي من الشباب أولها أننا ربيناهم علي السلبية فبدل المشاركة قبلوا الابتعاد ثانياً ربناهم علي الرشوة رغم أن أغلب المصريين رفضوا أن يبيعوا أصواتهم وحافظوا علي كرامتهم لكن هذا لا ينفي أن الراشي والمرتشي كان لهما دور واضح في هذه الانتخابات. الأمر الثالث أننا ربينا هذا الجيل الجديد علي عدم احترام فكرة المنافسة وحقوق الغير. الأمر الرابع ربيناهم علي الادعاء أي أن هناك ديمقراطية في حين التفاصيل كلها تؤكد غير ذلك. الأمر الخامس أن هذا الجيل تربي علي عدم أخذ العبر من التاريخ فبرلمان مصر منذ دستور 1923 أعضاء البرلمان فيه من الشوامخ علي درجة عالية من الإحساس بالوطن وحاجة المواطنين فكانت التشريعات التي تصدر عن البرلمان معبرة عن حاجة الشعب المصري. وياليت الأعضاء الذين أتي بهم حزب الحكومة لهم من الأفكار والاتجاهات ما يؤدي إلي رفعة مصر وعلو شأنها وليس هبوطها وتأخرها في جميع مناحي الحياة في الزراعة والصناعة والتعليم والعلاج والتوظيف وإدارة المرافق العامة وليس كما قال أحد رجال الحكم الفساد في المحليات للركب والسؤال الذي يفرض نفسه هل عمل رجال الحكم علي اصلاح ما قرروه بأنفسهم? وهل لم يحن الوقت لأن يفيقوا لينهضوا بمصر? الأمر يحتاج إلي تدخل الرئيس مبارك لعلاج هذه السلبيات التي يئن منها كل مواطن يحب مصر. anwerabelhady*yahoo.com