(الوطني) ينافس (الوطني) في معركة تكسير العظام! اعتقد الكثيرون أن إعلان الحزب الوطني عن مرشحيه لانتخابات مجلس الشعب المزمع إجراؤها نهاية الشهر الجاري بمثابة حسم مبكر للمعركة الانتخابية لاسيما وأنه ترسخ في الذهن أن جميع الأبواب مفتوحة أمام مرشح الحزب الحاكم للفوز بمقعد في البرلمان، إلا أن هذا الاعتقاد تبدد بعد لحظات من تسمية مرشحي الحزب الحاكم لأن هذه التسمية فتحت الباب علي مصراعيه أمام الصراع بين الوطني والوطني في معظم الدوائر الانتخابية، حيث تفتق ذهن الحزب الحاكم عن بدعة سياسية جديدة بترشيح مرشحين أو ثلاثة أو أربعة لكل مقعد في سابقة تعد الأولي من نوعها في الحياة الحزبية.. فهذه النتيجة لم يكن يتوقعها أكثر المتشائمين من المرشحين خاصة وأن تعدد المرشحين علي المقعد الواحد معناه الفشل في قياس شعبية المرشحين الحقيقيين وإمكانيات كل مرشح وكتلته التصويتية رغم الضمانات التي أعلنها الحزب لاختيار المرشحين.. وتمثلت في إجراء اقتراع داخلي بخلاف الحملات السرية لقياس جماهيرية الأعضاء الذين تقدموا بأوراق ترشيحهم للمجمع الانتخابي. ترشيح ثلاثة علي مقعد واحد ينتمون للحزب (بدعة) سياسية التبرعات الحزبية وراء زيادة أعداد المرشحين تحقيق علاء الدين حافظ فاتن زكريا كثرة مرشحي الحزب الوطني في الدائرة الواحدة نقمة وليست نعمة كما يدعي قيادات الحزب لأن أبسط قواعد العمل السياسي تقول إن أي حزب مهما كانت قوته عليه اختيار مرشح واحد لكل مقعد وفي بعض الأحيان يترك الحزب مقاعد لا يتم تسمية مرشحين عليها لإمكانية التنسيق السياسي مع مرشحين أو أحزاب في دوائر محددة بعينها، لكن ما حدث من الحزب الوطني مغاير لذلك تماماً ويشعل من فتيل المعركة الانتخابية ليس بين الحزب الحاكم وباقي الأحزاب كما يحدث في جميع دول العالم، ولكن بين الوطني والوطني، وهو الأمر الذي يعود بالسلب علي الانتماء الحزبي للأعضاء، فالحزب الحاكم بتعدد الاختيارات بين المرشحين سمح لهم بإبرام صفقات مع باقي المرشحين رغم الاختلاف في الانتماءات الحزبية، وهو أمر يترك أثراً سلبياً في نفوس المرشحين يمتد أثره حتي بعد انتهاء الانتخابات. ضعف الشعبية أكثر ما يلفت الانتباه في تعدد المرشحين أن هذه الوسيلة لجأ إليها الحزب حتي يتغلب علي ضعف شعبية بعض مرشحيه والدليل علي ذلك أن كوادر الحزب التي تحظي بشعبية كبيرة بين الجماهير مغلقة تماماً للحزب وأبرز هذه الدوائر، دائرة الزيتون حيث رشح الحزب الدكتور زكريا عزمي علي مقعد الفئات ومصطفي عبدالوهاب علي مقعد العمال وفي دائرة الوايلي اختار الحزب شيرين أحمد فؤاد (فئات) وعبدالحميد شعلان (عمال) وفي دائرة قصر النيل هشام مصطفي خليل (فئات) وعبدالعزيز مصطفي (عمال) ودائرة مدينة نصر سامح فهمي (فئات) وتوفيق عبدالسلام عمال وفي دائرة المعهد الفني يوسف بطرس غالي (فئات) وغريب سوستة (عمال) وفي دائرة السيدة زينب أغلق الحزب علي مقعد الفئات لأحمد فتحي سرور رئيس المجلس بينما تم ترشيح عبدالفتاح محمد علي ومحمد طلعت (عمال)، وفي دائرة عابدين طلعت القواس (فئات) ومحسن فوزي (عمال)، وفي دائرة بولاق أبوالعلا بدر القاضي (فئات) وحسين مصطفي (عمال)، وفي دائرة البساتين أكمل قرطام (فئات) وحشمت أبوحجر (عمال)، وفي دائرة قسم الجيزة محمد أبوالعينين (فئات) وحمدي طعمية (عمال)، وفي دائرة الدقي آمال عثمان (فئات) وسيد جوهر (عمال) زفتي بمحافظة الغربية عبدالأحد جمال الدين (فئات) وعبدالله أحمد حسين (عمال)، وفي دائرة بندر المحلة محمود الشامي (فئات) وعزت العزب دراج (عمال)، وفي دائرة الرمل بالإسكندرية محمد عبدالسلام المحجوب (فئات) وعاطف مبروك (عمال). إذا كانت هناك بعض الدوائر أغلقها الحزب الحاكم أمام مرشحيه فإن دوائر أخري مفتوحة علي مصراعيها للمنافسة وأبرزها الدائرة الشمالية بمحافظ البحر الأحمر حيث رشح الحزب محمد عبدالمقصود ومحمد درديري وأحمد الضوي (فئات)، وحسني حفني وبدري عبدالسيد وحافظ لطفي (عمال) وفي دائرة كرموز محمد البلشي وشريف بقطر (فئات) وفواز عبدالحليم عمال وفي دائرة بولاق الدكرور المندوه الحسيني وعبدالغني الجمال (فئات) وعمر زايد وخالد العدوي (عمال).. هذا بخلاف بعض الدوائر الأخري المغلقة علي مقعد الفئات مثل دائرة محرم بك التي رشح خلالها الحزب مفيد شهاب بينما ترك مقعد العمال يتصارح عليه مرشحان. علامات الاستفهام ما أعلنه الحزب الحاكم أفرز العديد من علامات الاستفهام منها: لماذا لجأ الحزب هذه المرة إلي اعتماد سياسة الدوائر المفتوحة، وألا يعد ذلك فقداناً للثقة من قبل قيادات الحزب في بعض المرشحين، وهل ما حدث يعد فرصة ذهبية لأحزاب المعارضة لاقتناص عدد لا بأس به من مقاعد البرلمان في دورته الجديدة التي تشهد الانتخابات الرئاسية. رغم رفض قيادات الحزب الإفصاح عما دار في الكواليس قبل أيام من إعلان أسماء المرشحين ونفيهم أن يكون ذلك حدث بسبب صراعات من أي نوع داخل الحزب إلا أن السيناريوهات التي تفسر ما حدث لن تخرج عند أولاً: أن ذلك نتيجة الصراع المحتدم بين الحرس القديم والحرس الجديد لاسيما وأن الانتخابات الداخلية أو استطلاعات الرأي أفرزت وجوها لا تروق للحرس القديم لفقدانها الشعبية والجماهيرية، لذلك كان لابد من الدفع بالوجوه القادرة علي حصد الأصوات.. هذا الصدام لا يمكن التغلب عليه إلا عن طريق الدفع بجميع الوجوه علي أن تكون الكلمة الأخيرة لقوة المرشح وشعبيته. ثانياً: تردد في الكواليس أن هناك عدداً كبيراً من المرشحين قاموا بدفع تبرعات للحزب ولكن للأسف المجمع الانتخابي لم يرشحهم لذلك كان لابد من أن تشملهم ترشيحات الحزب. السبب الثالث والأخير يتمثل في رغبة الحزب في محاربة الانشقاقات المتوقع حدوثها بنزول بعض الأعضاء كمستقلين، لذا فإنه فضل أن يتم الدفع بجميع الوجوه حتي لا يحدث مثلما حدث الدورة الماضية بتحقيق الأغلبية بعد ضم المستقلين للحزب. منافسة قوية ويعقب علي ذلك الدكتور إكرام بدر الدين أستاذ العلوم السياسية.. مؤكداً أن سعي الوطني إلي اختيار أكثر من مرشح علي مقعد واحد سيضعف فرص مرشحي الحزب وسيؤثر عليهم بالسلب مما سيجعل المعركة التنافسية في الانتخابات بين أنصار الحزب نفسه بدلاً ما تكون المنافسة بين أنصار الحزب الوطني وباقي الأحزاب المستقلة، مؤكداً أن إضعاف أحد الأطراف المتنافسة يعد بمثابة مصدر قوة للطرف الآخر (قوي المعارض) وبالتالي سوف تستفيد قوي المعارضة من تعدد اختيارات الحزب الوطني للمرشحين علي المقعد الواحد.