نبض الشارع.. دعه يسرق.. دعه يفر! وكأن مصر ليست دولة من حكومة وأرض وشعب كباقي الدول.. بل شركة يديرها رجل أعمال.. يأتي بمن يأتي من العمال.. من الحوامدية أودشنا أوبنجلاديش.. ويفرض مايشاء من أجور.. ومن يرفض فليخبط دماغه في الحائط.. بالطبع حائط الشركة الفولاذي! والا بماذا نفسر تهديدات الدكتور عثمان محمد عثمان وزير التننمية الاقتصادية ورئيس المجلس القومي للأجورالتي أطلقها خلال برنامج 48 ساعة " هنجيب عمال من بنجلاديش أرخص وهيرضوا ب 400 جنيه وأقل !! هل هذا حديث وزير مسئول في حكومة تمثل الشعب وتسهر علي راحته..! لوعرضت هذه التصريحات علي مجموعة من الناس لايعرفون من هوالدكتور عثمان وما وظيفته لقالوا بقرف " هذا رجل أعمال استغلالي انتزعت الرحمة من قلبه.. كيف يجلب عمالا لمصانعه من ثاني قارة ويترك أبناء بلده يتسكعون علي أرصفة البطالة! فإن قلنا لهم وأقسمنا علي ذلك بأغلظ الأيمانات أنه وزير في حكومة مصر وليس رجل أعمال لما صدقنا أحد.. فلا يعقل أن يكون هذا منطق وزير في حكومة همها مصالح الناس وليس تشريدهم.. ! وكأن النبوءة تتحقق.. دولة أفريكاسيا التي تحدثت عنها في روايتي عراف السيدة الأولي والتي صدرت عام 2002 ضمن سلسلة الكتاب الفضي لنادي القصة تتحول إلي شركة مساهمة يملكها ويديرها رجال أعمال لايرون فقط سوي كشوف الايرادات والمصروفات.. ! أهكذا أصبح حالنا.. ؟وكم كنت ساذجا.. بل وغبيا.. ! حين كان يسوقني حماس الشباب أنا وأصدقائي خلال وجودنا في الخليج لأن نطرق أبواب من نعرفهم من رجال الأعمال الخليجيين ونلح عليهم باسم العروبة والدين واللغة والتاريخ المشترك أن يستعينوا بالعمالة المصرية والعربية بدلا من العمالة الأسيوية.. فان رد أحدهم بأن العامل البنجالي يتقاضي ربع ما يتقاضاه المصري ويقبل العمل في أي شيء.. نسوق منطقنا " الأهبل " أن العروبة تحتم علينا أن نوفر فرص العمل أولا لأبناء جلدتنا.. ! ونجهل أن لبعض أصحاب الشركات حسابات أخري غير حساباتنا الساذجة.. الربح أولا وعاشرا.. أنها نفس حسابات الدكتور عثمان محمد عثمان ! اذا علينا أن نتعامل مع تصريحات الدكتور عثمان علي هذا النحوأنه رجل أعمال وأحد أعضاء مجلس ادارة شركة أفريكاسيا.. وازدهار شركة أفريكاسيا ينبغي أن يترجم إلي مزيد من الأرباح لأصحابها.. حتي لوكان ذلك علي حساب أجور العاملين بها والمصري الذي لايقبل بال 400جنيه.. مع ألف سلامة.. شركة أفريكاسيا في هذه الحالة سترفع شعار " بنجلة العمالة " وتجلب عمالا من بنجلاديش سيقبلون حتي ب300 جنيه.. وطظ في المصري الأنزوح.. ! وأمام هذا المنطق قد يرضخ العامل المصري.. وسيكون سعيدا لونجح أحد كبار رجالات الشركة والمشهود له عالميا بالعبقرية - أعني وزير ماليتنا الدكتور بطرس غالي - في التوفيق بين مبلغ ال 400جنيه واحتياجات العامل من الايجار والمواصلات والكهرباء والمياه والبوتاجاز والخبز والأرز والفول وشيء من الخضار وغيارين في السنة ولاداع للفاكهة أواللحوم أوالسمك أوالفراخ.أوالدكاترة.. حبة اسبرين تكفي حتي لوكان عيان لاقدر الله بالسرطان.. لونجح غالي في تحقيق هذه المعادلة فخير وبركة.. سيرضخ العامل المصري لقرار المجلس القومي للأجور ومفيش داع ينفذ عثمان تهديداته ببنجلة الشركة.. ! لكن هل ينجح الدكتور غالي في تحقيق التوافق بين طرفي المعادلة في ظل الارتفاع الجنوني لأسعار السلع الضرورية ؟!.. فالمشكلة في مصر ليس فقط كم دخلك.. بل كم تنفق ! حين حددت ثورة يوليوالحد الأدني لأجر العامل الزراعي ب 18 قرشا في اليوم.. كان المبلغ يكفي لشراء ستة أرطال من اللحم.. أي حوالي 2 كيلو ونصف الكيلوجرام.. وكما نري مبلغ ال400 جنيه الذي حدده عضومجلس ادارة شركة أفريكاسيا كحد أدني مهددا عمال الشركة بجلب عمالة من بنجلاديش ان لم يقبلوه.. هذا المبلغ يساوي سبعة كيلوجرامات من اللحم.. أي أجر ثلاثة أيام فقط في زمن الثورة.. ! وهكذا ينبغي أن تقاس الأمور.. صحيح أن زيادة الأجور قد تجلب الانهيار للمجتمع المصري ان لم تواكبها طفرات في معدلات الانتاج.. الاأن ثمة عنصرا مهما للغاية لووضع في الحسبان قد تستقيم به المعادلة.. فرملة الأسعار.. فالزيادات الفلكية في أسعار بعض السلع الضرورية قد لاتكون ناتجة عن أزمات عالمية أوتقلبات المناخ أونقص في الانتاج.. بل جشع التجار ورجال الأعمال.. لذا يتطلب الأمر تدخلا حاسما وصارما من الحكومة حتي لووصل الأمر إلي حد وضع تسعيرة جبرية ملزمة للتجار.. ! هل تقدر الحكومة علي ذلك.. ؟ التجار الذين بعضهم أعضاء في مجلس ادارة الشركة للأسف يظهرون العين الحمرا لكل من يرفع صوته بتحديد الأسعار.. وحجتهم أن هذا يدمر أساسيات اقتصاد السوق.. والتي ترتكز علي مبدأ دعه يعمل.. دعه يمر.. ! لكن هؤلاء يتجاهلون عمدا أنه حتي في أعتي النظم الرأسمالية والتي يهمش فيها دور الدولة ثمة قوانين تطبق بصرامة للحيلولة دون الفساد والاحتكار والتنكيل بالعمال.. منظومة عادلة من التشريعات تحافظ علي مصالح الجميع.. صاحب رأس المال والعامل والدولة.. هؤلاء التجار ورجال الأعمال ان كانوا يرفعون في الظاهر شعار دعه يعمل دعه يمر".. الا أنهم يسعون الي تكوين ٍثرواتهم طبقا لمبدأ " دعه يسرق دعه يفر "!