حذرت جهات مسئولة في قطاع الصناعة الفرنسية من أن الإضرابات التي تشهدها البلاد احتجاجا علي مشروع إصلاح نظام التقاعد، تكبد الاقتصاد خسائر كبيرة وتعرقل مسيرة التعافي التي بدأ يتلمسها مؤخرا. وكان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قد أمر الشرطة بفك الطوق عن جميع مستودعات الوقود التي يحاصرها المضربون في إطار الاحتجاجات المتواصلة علي مشروع إصلاح يرفع سن التقاعد من 60 إلي 62 عاما يتوقع أن يقره مجلس الشيوخ. إذا لم يتوقف وبسرعة - ستكون وخيمة، حيث إن من شأنه تدمير المسار الطبيعي للأنشطة الاقتصادية. وتعيش فرنسا توترا اجتماعيا متزايدا نتيجة النفاد التدريجي للوقود من محطات التوزيع، بسبب محاصرة مصافي النفط في خضم الحركة الاحتجاجية التي تقودها نقابات العمال وشرائح اجتماعية أخري رفضاً لمشروع التقاعد. وخفضت المطارات الفرنسية عدد رحلات الطائرات، بينما اصطفت طوابير السيارات في انتظار دورها لملء خزاناتها بالوقود. وبينما تبقي السلطة متمسكة بموقفها، دعت أحزاب اليسار الرئيس ساركوزي إلي وقف نقاشات مجلس الشيوخ الذي يستعد للمصادقة علي المشروع، وطالبت بإعادة النظر في القانون برمته. وقال المدير العام لاتحاد الصناعة الكيميائية الفرنسية جان بيلين: إن الصناعة تكبدت خسائر بنحو مليار يورو (1.38 مليار دولار)، أي بواقع 100 مليون يور يوميا. وأشار بيلين إلي أن أكثر من نصف خسائر الصناعة التي ما زالت تتعافي من آثار الأزمة المالية العالمية، يأتي جراء الإضرابات في ميناء فوس لافيرا بمرسيليا حيث شلت حركة صهاريج النفط. وقال رئيس جمعية غرف صناعة وتجارة فرنسا جان فرانسيس برناردين: إن "عشرات الآلاف" من التجار تضرروا من الإضراب نتيجة شح الوقود واضطراب حركة المواصلات. من جانبها أعلنت الشركة الوطنية الفرنسية للسكة الحديدية عن تكبدها خسائر يومية بقيمة 20 مليون يورو (نحو 28 مليون دولار). وما زالت محطات تكرير النفط الاثنتا عشرة متوقفة، غير أن الشرطة تمكنت من فك الحصار المفروض منذ الجمعة الماضي عن 21 محطة لتخزين النفط، ووعدت الحكومة بأن تدفق الوقود سيعود إلي طبيعته خلال خمسة أيام. وكان يفترض أن يصوت مجلس الشيوخ الفرنسي علي تعديل نظام التقاعد أمس الأول الأربعاء، ومن المقرر أن يصوت عليه اليوم، غير أن اليساريين يعملون علي تأخير التصويت حتي يوم غد الجمعة. وحسب استطلاع للرأي أجرته صحيفة ليبراسيون الفرنسية اليسارية، أفاد أن 60% من الفرنسيين يؤيدون استمرار الإضرابات النقابية حتي تتراجع الحكومة عن قرار تعديل نظام التقاعد. وحسب نفس الاستطلاع، يأمل 79% من الفرنسيين أن يستأنف ساركوزي الحوار مع النقابات بشأن مشروع إصلاح نظام التقاعد. ويسعي المحتجون لمنع إقرار المشروع حيث يشعر كثير من العمال أن هذا التغيير سيكون خطوة أولي لتآكل الفوائد الاجتماعية التي تشمل الإجازات الطويلة والعقود التي تقيد قدرة أصحاب العمل علي تسريح العمال، ونظام الرعاية الصحية المدعوم من قبل الدولة.