جاءت زيارة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الي لبنان وسط ضجة اعلامية وسياسية اثارت تكهنات وتحليلات حول الاسباب الخفية وراء هذه الزيارة التي تعد الاولي له منذ توليه منصبه عام 2005 خاصة بعد ما اثارته من لغط في الاوساط السياسية اللبنانية . كما اثارت زيارة نجاد انقساما في الشارع اللبناني وانتقادات من جانب إسرائيل التي وصفتها ب"الاستفزازية" ومن الولاياتالمتحدة التي تنفس المسئولون فيها الصعداء بعد ان استقل نجاد طائرته عائدا الي طهران دونما حدوث ما لا يحمد عقباه. ويري المتحفظون علي الزيارة ان تحفظهم ليس علي مبدأ الزيارة التي تأتي تلبية لدعوة رئيس الجمهورية ميشال سليمان بل علي برنامجها وتفاصيلها التي يعتبرونها خرجت عن البروتوكول الذي يعتمد عادة في تنظيم مثل هذه الزيارات بل ويعتبر هؤلاء أن خروج أحمدي نجاد عن القواعد المعتمدة في زيارات رؤساء الدول يعكس طبيعة النظر الإيرانية الاستراتيجية إلي الوضع اللبناني وهي نظرة تقوم علي اعتبار ‘حزب الله‘ الركيزة التي تستند إليها إيران في التعاطي مع لبنان. ومن الواضح ان الزيارة كان لها وجهان هما الوجه الرسمي المتمثل في لقاءات نجاد مع الرؤساء ميشال سليمان ونبيه بري وسعد الحريري وكلماته الشديدة الدقّة ونبراته البالغة الهدوء والتي تعكس خطاب زائر دولة حيث تم توقيع عدة اتفاقات للتعاون بين لبنان وايران في مجالات علمية وثقافية واقتصادية الي هنا والامور تبدو عادية جدا لكن ما أثار الانقسام في الشارع اللبناني هو الوجه الآخر من الزيارة والذي يرتبط بالجنوب وبحزب الله الذي نظم تظاهرة شعبية في مدينة بنت جبيل التي تبعد اربعة كيلومترات فقط عن اسرائيل ارتفعت فيها الاعلام الايرانية وألقي نجاد خطابا امام الحشد الهائل من اهالي الجنوب كرر فيه مواقفه المعروفة من اسرائيل وتوقع زوالها. وعاد الرئيس الايراني الي الحديث عن حتمية ازالة اسرائيل مع تأكيد وقوف شعب ايران الي جانب الشعب المقاوم في لبنان والمنطقة دائماً وأبداً. واراد الرئيس الايراني ان يؤكد ان زيارته للبنان تستهدف التأكيد علي الدور الايراني المباشر في الصراع مع اسرائيل حيث اوضح ان الصراع لم يعد من السهل إدارته في واقع التوازنات الإقليمية الراهنة بمعزل عن الدولة الايرانية وامتداداتها الفاعلة في لبنان وبعض البلدان الاخري في المنطقة. وكأن نجاد اراد من هذه الزيارة تثبيت الحدود السياسية لايران في المنطقة وان يثبت لاسرائيل وللحكومات الغربية التي تواصل ضغوطها علي طهران من اجل منعها او ترويضها ان ايران تلعب دورا اقليميا هاما من خلال الالتحام مع لبنان فضلاً عن تثبيت التحالف مع سوريا بعدما طارت مبررات التفاوض المباشر بين الفلسطينيين واسرائيل في الهواء بعدما عجزت الادارة الامريكية عن فرض ارادتها علي اسرائيل لايقاف بناء المستوطنات ولو لشهرين انقاذا للمفاوضات المباشرة التي رعتها ولاتزال تصر علي امكانية عودة المفاوض الفلسطيني والاسرئيلي الي مائدة المفاوضات. وهكذا انتهت زيارة نجاد الذي سبق قدومه إلي لبنان حملة من التهديد والوعيد الصهيوني وحالة من الترقب العربي وصعد سلّم الطائرة والدموع في عينيه ولوّح بيده مبتسماً لمن رافقه إلي مطار بيروت الدولي وعاد إلي طهران بعد ان ترك الجدل يحتدم في الشارع اللبناني حول نتائج هذه الزيارة. E.atshahin1951.yahoo.com