دأبت بعض الأقلام والأصوات العربية "الأمريكية الهوى" على إضفاء وصف عدم المشروعية على موقف وتصرفات سوريا حاليا . ويؤسسون عدم المشروعية على عدم الخضوع الكامل لقرارات مجلس الأمن . فقرارات مجلس الأمن بالنسبة لهم تمثل المشروعية الدولية . وعدم الإنصياع الكامل لها يعتبر عدوانا على المشروعية . وبذلك يكون وصف المشروعية أمريكى الهوية ، لأن أمريكا تسيطر على مجلس الأمن من خلال المصالح والهيمنة الإقتصادية المفروضة على الدول المسيطرة على مجلس الأمن . فقد تمكنت أمريكا من الحصول على القرارات العديدة المتتالية . وسمحت لها هذه القرارات بمحاصرة وتجويع وتهجير وإذلال الشعب السورى منذ 5 سنوات . وهكذا يتضح أيضاً أن هذه المشروعية تعنى خضوع شعب بأسره للذل وللجوع وللمرض وللفقر . وتعنى موت الآلاف من الشيوخ والأطفال لاستحالة العلاج ولعدم كفاية الغذاء . إذا كانت هذه هى المشروعية ، فإن الحكم يكون عدم مشروعية المشروعية . وبمعنى آخر يحتاج الأمر إلى البحث فى مشروعية المشروعية ، فليست مشروعية تلك التى تهدر الحق والعدل والقيم الإنسانية ، والتى تكرس الظلم والطغيان والعربدة استنادا إلى القوة الغاشمة وإلى التفوق العسكرى ، وإنما هى شريعة الغاب التى تكون فيها الغلبة للأقوى . وهو منطق الوحوش التى تتعامل بالأظافر والأنياب . وهو ما يدفع الجميع إلى التسلح بوسائل الحماية والهجوم . وهو السبب الحقيقى لسعى الجميع لامتلاك الأسلحة الفتاكة وأسلحة الدمار الشامل . فامتلاك الذئب الصهيونى للرؤوس النووية دفع الجيران إلى البحث عن الممكن للرد والدفاع . ويُستخلص من ذلك أن المشروعية ليست قواعد القانون بغض النظر عن مضمونها . فقواعد السلوك عموما عبارة عن مضمون قبل أن تكون إطاراً . والمضمون يستمد من الأخلاق ومن القانون الطبيعى ومن الفطرة السليمة والمنطق المستقيم . وبذلك تقوم المشروعية على تسلسل تصاعدى يستند فى نهايته إلى العدل والحق وإلى الأخلاق والإستقامة . فالسلوكيات والتصرفات تكون مشروعة إستنادا إلى "مسطرة" أى إلى "مقياس". وهذا المقياس يبدأ بالقرارات واللوائح . فعلى الأفراد إحترام هذه القواعد الدنيا . وهذه القرارات لاتكون مشروعية إلا إذا احترمت قواعد القانون . وقواعد القانون لاتكون مشروعة إلا إذا إحترمت قواعد الدستور . والدستور ذاته لايكون مشروعا إذا أهدر حقوق الإنسان ومبادىء الأديان والأخلاق والمنطق القويم . فليست مشروعة قاعدة الدستور التى تبيح تعذيب الإنسان وإهدار كرامته . وليست مشروعة تلك القاعدة التى تسهل على الإدارة تزوير إرادة الأمة . وبنفس المنطق لاتكون قرارات المنظمات الدولية مشروعة إلا إذا إحترمت حرمة وسيادة الدول وحق الشعوب فى الحياة . فعليها أن تلتزم بمبادىء العدل والحق والقيم الإنسانية . والخلاصة أنه بالبلطجة الأمريكية أصبح القانون الدولى سفينة يركبها قرصان ، وأصبح معبدا يعظ فيه السفاحون ومصاصو الدماء . [email protected]