يبدو أن سلاح الحرب الاقتصادية.. بات أكثر فتكاً من الحرب العسكرية والصدامات المسلحة خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط وسط صراعات دامية ونذر حرب عالمية ثالثة.. وغدا أيضا أن الحل العسكري لا يمكن أن ينهي أي صراع ولابد من الحل السياسي والاقتصادي وهو ما يبين بشكل فارق في الملف السوري والأزمة بين تركياوروسيا والحرب في اليمن ومواجهة الدواعش في العراق وليبيا وسوريا ومصر. فقد أعلنت تركيا أن خسارتها من العقوبات الاقتصادية التي فرضتها روسيا علي أنقرة علي أرضية إسقاط الأتراك لمقاتلة السوخوي الروسي هو خير دليل، حيث بدأت الأوساط الشعبية والاقتصادية في تركيا تعاني بشكل خطير جراء العقوبات الروسية، فيما يمارس رجال البيزنس والمزارعين الأتراك ضغوطا شديدة علي حكومة أردوغان للإسراع بحل الأزمة وإرضاء موسكو حتي لو كان باعتذار رسمي علي مستوي الدولة.. بعدما توقفت صادرات زراعية تركية إلي موسكو ب 3 مليارات دولار. وبينما هدد أوباما في خطاب مدته 14 دقيقة من البيت الأبيض بالقضاء علي الدواعش.. أكد أن أمريكا لن تنجر إلي حرب برية في سوريا حتي لا تتحمل تكلفة عالية.. فحسبة أوباما مالية اقتصادية في المقام الأول وهو يعي الدرس من غزو أمريكا للعراق ومئات المليارات التي تكبدتها الميزانية الأمريكية وسددها دافعو الضرائب الأمريكان. .. وحيث إن اسرائيل ستظل العدو الاستراتيجي الأول لمصر رغم وجود علاقات تطبيع رسمية.. فإن تفجر النزاع المصري الإسرائيلي حول الغاز ينطوي تحت غطاء حرب اقتصادية شرسة بين القاهرة وتل أبيب، وهو ما يتعين حشد امكانات الدولة لكسب هذه «الحرب» دونما إغفال رد الفعل الشعبي وحساسية التعامل مع العدو الصهيوني، صحيح أن كلمة حسابات المصالح لها تأثير علي صانع القرار لكن الشعب في النهاية هو صاحب الكلمة الأخيرة.. وأحسب أن «كلمة الشعب» هي رفض التعامل في ملف الغاز مع إسرائيل سواء تصديرا أو استيرادا «يا نحلة لا تلدغيني ولا أريد عسلك»، واذا كانت مصر قد أوقفت ضخ الغاز المصري إلي تل أبيب في ابريل 2012 وحتي الآن بسبب الضغط الشعبي علي أثر ثورة 25 يناير 2011 وهو ما دعا الشركات الاسرائيلية إلي اللجوء للتحكيم الدولي والحصول علي حكم بتعويض اختلفت تقديراته بين 2 مليار دولار و 1.7 مليار دولار و 732 مليون دولار فقط والرقم الثالث علي مسئولية وزارة البترول المصرية، لكن رغم تأكيد الحكومة المصرية علي وقف استيراد الغاز من إسرائيل فإن هناك مفاوضات مستمرة وضغوطا تقودها شركات خاصة مصرية لاستيراد الغاز من تل أبيب لدرجة أن زميلنا خالد النجار في جريدة «الأخبار» أمس وصف حرب الغاز بين مصر وإسرائيل بأنها تمثيلية وأن مفاوضات استيراد الغاز مستمرة وفي النهاية ستتغاضي الأطراف المتنازعة ونستورد الغاز الإسرائيلي وتصبح مصر في النهاية تحت ضرس إسرائيل.. بصراحة لماذا تصر مصر علي استيراد الغاز من إسرائيل.. لماذا هذا الإصرار علي «غرس» الدولة والضرب بعرض الحائط للرفض الشعبي المصري هل من بديل غير تل أبيب؟ وأين الغاز الذي ستستخرجه شركة ايني الإيطالية من البحر المتوسط، بصراحة هناك لغط شديد وأمور ملتبسة حول ملف الغاز واحتياجات مصر وسبل تدبيرها يحتاج إلي شفافية مطلقة أمام الرأي العام.. حفظ الله الوطن.