ويبقي عبدالناصر.. الزعيم ايها الزعيم المصري العربي الخالد.. اتفقنا معك واختلفنا كثيرا لكننا نحبك اما اعداؤك فكانوا يحترمونك خصما عظيما وزعيما. إنهم ويا للاسف يعرفون قدرك اكثر منا. اربعون عاما مضت علي رحيل الزعيم المصري خالد الذكر جمال عبدالناصر ولايزال صوته يملأ الآذان وصورته تزين بيوت المصريين والعرب ومحبيه من كل مكان واسمه ورسمه يملأ السمع والبصر والوجدان ولانه يتربع في قلوب الاحباب فإنهم يرفعون صوره في اوقات الشدائد والمحن شحذا للهمم والقاء للرعب في قلوب الاعداء. لقد فتحت ثورة يوليو بقيادة جمال عبدالناصر ابواب التاريخ لمصر والعرب والعالم لتعلن افول عصر الاستعمار التقليدي بخروج الاستعمار البريطاني من مصر وامتداد حركات التحرير الي الشعوب العربية بل وتخطتها الي دول آسيا وامريكا اللاتينية معلنة بدء مرحلة جديدة تحكم فيها الشعوب نفسها بنفسها لاول مرة في القرن العشرين في تجربة ديمقراطية حتمية لها مالها وعليها ما عليها بعد حصولها علي الحرية. وجاءت مرحلة ما بعد الاستقلال وما تحمله خارجيا من دعوة الي التوجه العربي والقومية العربية بالاضافة الي المحور الافريقي والاسلامي ايمانا بدور مصر التاريخي والقيادي في المنطقة فكانت منارة لحركات التحرير في العالم وركنا اصيلا في سياسة عدم الانحياز واصبحت القاهرة مقصدا لكل المحبين للحرية والسلام فهي مقر انعقاد مؤتمرات القمة العربية والافريقية ودول عدم الانحياز. وبالنسبة للداخل فقد كان قرار اقامة جيش وطني قوي واصدار قانون الاصلاح الزراعي الذي اعاد للفلاح كرامته وحقه في حياة حرة كريمة وفرض التعليم الالزامي والنظامي ليفتح لابناء الشعب البسطاء والفقراء ابواب العلم علي كل المستويات ثم النهوض بالصناعة ودخول عصر النهضة الصناعية من خلال خطط خمسية ناهيك عن حدث تأميم قناة السويس الذي اعاد لمصر قرارها السياسي والاقتصادي وانزل دولا من الدرجة الاولي الي الدرجتين الثانية والثالثة وكان قرار بناء السد العالي علي قمة المشروعات فالارادة مصرية والفائدة لاتزال تعود علي الشعب كله بالخير بلا تمييز. واذا كان عبدالناصر هو المؤسس الثاني لبناء مصر الحديثة فإنه صاحب اول عقد اجتماعي للمصريين باتخاذه النظام الاشتراكي آنذاك والذي كان خط الدفاع الاول امام الرأسمالية الطاغية حتي في الدول الغربية نفسها وكانت العدالة الاجتماعية هي النتيجة الطبيعية لتاريخ وثقافة زعيم من امة مستعمرة في منطقة كانت تنتظر المخاض لمولد البطل القومي وقد تهيأت له كل الظروف من تاريخ وحضارة وثقافة عامة وقراءة للمستقبل بحس وطني خالص في اطار من الانضباط العسكري وطهارة واخلاق الثوار فلقد عاش الرجل ومات وسط الطبقة المتوسطة التي هي العمود الفقري للمجتمع المصري ولكل المجتمعات. واذا كانت القرارات الثورية وقتها قد اغضبت واثارت احقاد الاقطاعيين والرأسماليين غير الوطنيين وكبار الملاك وعلية القوم من الباشوات والبكاوات وكبار الموظفين ونسبتهم لم تكن تتعدي النصف في المائة فإن ذلك كان ضروريا في كل الثورات لتحقيق العدالة الاجتماعية التي ينتظم بها ناموس الحياة وتستقر الشعوب. لقد عايشت عصر عبدالناصر طالبا يتلقي العلم في جامعة القاهرة الوطنية احب وطني وأعتز بالانتماء اليه وترتعد فرائصي وانا اسمع النشيد الوطني واشتركت في مظاهرات ضد العدو الاستراتيجي واخري ترفض الهزيمة وتطالب بمحاكمة المتسببين في النكسة فالحاكم والمحكوم ابناء وطن واحد في خندق واحد. وترن في اذني كلمات سيدة جزائرية عجوز من الجنوب الجزائري اثناء عملي بإحدي الشركات الجزائرية وكانت نساء مدينتها يساعدن الثوار والمجاهدين في حربهم ضد الاستعمار الفرنسي قالت: لقد كنا نسمع خطابات جمال عبدالناصر من محطة صوت العرب سرا، لقد كان زعيما لكل العرب والثوار ووصفت استقبال شعب الجزائر لعبدالناصر في ميدان بورسعيد بأنه كان اسطوريا لزعيم اسطوري. ايها الزعيم المصري العربي الخالد.. اتفقنا معك واختلفنا كثيرا لكننا نحبك اما اعداؤك فكانوا يحترمونك خصما عظيما وزعيما. إنهم ويا للاسف يعرفون قدرك اكثر منا. قر عينا واهنأ بالا.. وليرحمنا ويرحمك الله.