هل فكرت يوماً أن تبدأ يومك بأهم الأنشطة في الصباح الباكر، ثم الأقل أهمية، حتي إذا ما انقضي النهار أو حل الليل كنت قد أنجزت أهم أهدافك وأولوياتك.. حينئذ ستلاحظ تقدماً في حياتك. تذكرت قصة الزجاجة وترتيب الأولويات، وذلك كلما ضاقت بي الدنيا ومشاغلها العارضة، فكم أثرت في أنا شخصياً وفي كثيرين عندما حكيتها أمامهم. دخل أستاذ جامعي إلي مدرج التدريس وقبل شروعه في المحاضرة أخرج أمام تلاميذه زجاجة كبيرة فارغة، وبدأ يملؤها بكرات خشبية في حجم البيضة، ثم سأل الطلبة: هل امتلأت هذه الزجاجة أم مازالت فارغة، إتفق الطلبة علي أنها مملوءة فأخذ وعاءً مملوءًءاً الحصي الصغير وسكبه داخل الزجاجة ثم رجها بشدة حي تخلخل الحصي في المساحات الفارغة بين الكرات الخشبية، ثم سألهم مرة أخري إن كانت الزجاجة مليئة، فاتفق الطلبة مرة أخري علي أنها مليئة. حينئذ أخذ كوباً مملوءاً بالرمل وسكبه فوق المحتويات الموضوعة في الزجاجة حتي ملأ الرمل الفراغات، وسأل طلابه مرة أخري، إن كانت الزجاجة مليئة، فأجابوا بصوت واحد بالإيجاب، عندئذ أخرج الأستاذ فنجاناً من القهوة فسكبه بالكامل داخل الزجاجة، فضحك الطلبة مما حدث لغرابته، وبعد أن التزم الطلاب الهدوء نتيجة لما شاهدوه وليس لديهم تفسير لما فعله استاذهم، سكت الأستاذ للحظات ثم قال: أريد أن تعرفوا ما هي القصة. إن هذه الزجاجة تجسد حياة كل واحد منكم، وتحتل الكرات الخشبية الأولويات في حياتك مثل دينك، قيمك، أخلاقك، والديك، أسرتك، أبنائك، صحتك، فلو أنك فقدت كل شيء وبقيت لديك هذه الأمور فستبقي حياتك مستقرة ومليئة بالرضا والاطمئنان. ويضيف الأستاذ: أما الحصي فتمثل الأشياء المهمة في حياتك مثل بيتك ووظيفتك، الأصول التي تملكها، استثماراتك، سيارتك وغيرها. أما الرمل فيمثل الأشياء البسيطة أو الهامشية في الحياة التي تعترضنا وليس لها قيمة تذكر ولا توصلنا إلي أهداف مهمة، بمعني أنك لو وضعت هذا الرمل أولاً في الزجاجة فلن يتبقي لك مكان للحصي أوالكرات الخشبية، فتوقف أحد الطلبة وقال: وما قصة فنجان القهوة، فقال الأستاذ: شكراً علي هذا السؤال، كل ما أردت قوله هو أنه مهما كانت حياتك مليئة بالمشاغل والمواعيد فهناك متسع كاف من الوقت لتناول فنجان من القهوة، والفنجان هو شيء رمزي لجميع الأمور التي ترفه عن النفس، فالنفس إذا كلت ملت. هذه القصة واقعية، فكثير منا يملأ نهاره بتوافه الأمور التي ليس لها علاقة بأهم أولويات حياته .الكرات الخشبية. ولا حتي الأمور المهمة الأخري .الحصي. كالوظيفة والأموال مثلاً، فيهدر نهاره سدي يومياً، بما لا يفيده في دنياه ولا في آخرته. فالأولويات كما يعرف الجميع تتغير، فقد تكون أولوياتي هذا الشعر دراسات عليا ووظيفة جديدة أريد أن أثبت بها نفسي أو علاج أحد من أفراد أسرتي، وهو مريض في المستشفي، فأتعهده بالرعاية والاهتمام وهكذا، ولذلك لا ضرر أن يضع كل منا علي مكتبه أو إلي جانب سريره كرات خشبية يكتب عليها أولوياته، ومجموعة من الحصي يدون عليها أموراً مهمة في حياته، ويحذر نفسه من الرمل أو توافه الأمور علي جدوله اليومي وذلك لسبب بسيط أثبته العلم بأن الإنسان بطبيعته يتفاعل بصورة أكبر عند تجسيد المعاني في أمور حسية ملموسة. نصيحة من القلب، كلما ضاقت بك الدنيا ومشاغلها العارضة تذكر قصة الزجاجة وترتيب الأولويات.