فى مشهد جنائزى مهيب، ارتدت فيه شوارع قريتى سنهرة بمركز طوخ، وكفرعطاالله ببنها، اللون الأسود، حزنا على استشهاد اثنين من أبناء القريتين، حيث خرج الأهالى يتسابقون فى تشييع شهيدى العملية الإرهابية التى شهدتها رفح، معلنين رفضهم للإرهاب الغاشم، حيث رددوا الهتافات المناهضة للإرهاب، مطالبين بالقصاص للشهداء الذين ارتوت الأرض المصرية بدمائهم، ليتحقق الأمن والأمان للمصريين. بدأت حالة الحزن التى خيمت على أهالى القريتين فور انتشار نبأ استشهاد كل من المجندين محمد صبرى مصطفى، ابن قرية سنهرة، ومحمد مرسى عبدالله، ابن قرية كفر عطاالله، وعلى الفور خرج الجميع ينتظر قدوم الشهيدين، على الطرق الرئيسية بالقريتين، وتعلو وجوههم حالة من الحزن الشديد، فيما تلقت أسرتيهما العزاء من محافظ القليوبية، المهندس محمد عبدالظاهر، وقيادات الشرطة، وعلى رأسهم اللواء محمود يسرى، مدير أمن القليوبية، حيث قدم يسرى واجب العزاء لأسر الشهداء نائبا عن وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، فى الحادث الأليم الذى نفذته مجموعة مسلحة استهدفت تفجير مدرعة تابعة لجهاز الشرطة بقرية الوفاق بمدينة رفح بمحافظة شمال سيناء، وأسفر عن استشهاد 11 شرطياً بينهم ضابطا، من ناحية أخرى تحولت جنازة الشهيدين إلى مظاهرة رافضة للعنف والأعمال الإرهابية، وراح المشاركون فى الجنازة يردد الهتافات المناهضة للإرهاب، والعنف، قائلين "الشعب يريد إعدام الإرهاب"، حتى تم الانتهاء من مراسم دفن جثماني الشهيدين الى مثواهما الأخير، كما طالب المشاركون فى تشييع الجثامين مطالبين بالقصاص العادل والناجز من الجناه. سجلت " المسائية"، لحظات الحزن التى عاشتها أسر الشهيدين، ففى قرية سنهرة بطوخ، انتظر الأهالى أمام مسجد الأربعين، قدوم جثمان الشهيد مجند محمد صبرى البيجاوى، والذى استشهد عن عمر يناهز 26 عاما، تاركا خلفه زوجة شابة انهمرت فى نوبة من البكاء، تندب حظها العثر على فراق الزوج، وكان مشهد احتضانها لطفليها اللذين رحل الشهيد وتركهما لها محزنا للصغير قبل الكبير، وكانت كلمات طفلتهما الصغيرة نادين البالغة من عمرها عامين، بحروفها المتقطعة "بابا فين يا ماما"، "هو خلاص راح عند ربنا"، فيما راحت عين طفلها "صبرى" البالغ من عمره 4 أشهر، تنظر يمينا ويسارا، وكانت دموع الزوجة التى اندمجت فى صرخات الطفلين، هى رسالة الحزن القوية التى عبرت بها الأسرة الصغيرة على فراق العائل الوحيد لها، ويذكر أن الشهيد له 4 أشقاء هم عماد32 سنة، ومها 35 سنة ربة منزل، ومصطفى 23 سنة، واحمد 19 سنة، وهو أوسطهم. رصدت "المسائية"، مشهد حزن قاتم جمع والدة الشهيد نادية عنتر البيجاوى، البلغة من عمرها 55 عاما، وزوجته إيمان شوقى، 22 سنة، وراحت كلاهما تحتضن الأخرى وهى "تردد منهم لله"، و"حسبى الله ونعم الوكيل"، و"قتلوا فرحة حياتنا". فيما تماسك شقيق الشهيد الأكبر، "عماد"، 32 سنة، موظف بالتليفزيون، وراح يطالب يروى لنا بدموع غمرت وجهه الشبابى، أن والد الشهيد كان يعمل ضابطا فى القوات المسلحة، وتوفى منذ أكثر من 10 سنوات، وأن الشهيد كان يتمنى الشهادة، ولتحقيقها تقدم للتطوع فى جهاز الشرطة، عسكرى درجة أولى. وأضاف عماد، أنه منذ ارتفاع حدة الأحداث الإرهابية فى سيناء، حاول إقناع شقيقه بتقديم استقالته من العمل فى الشرطة، خوفا عليه، لكنه أجابه " انت عايز تحرمنى من الشهادة يا عمدة"، وهنا انهمر عماد، فى نوبة من البكاء المتواصل، وأوضح شقيق الشهيد أن آخر مرة شاهد فيها شقيقه الجمعة الماضية، حيث كان يستعد لحضور حفل زفاف ابن عمه إلا أنه فور حضوره حفل الحنة، يوم الجمعة، قام أحد قاداته باستدعاءه لوجود حالة طوارئ فى المنطقة، فراح يودع الجميع، ويعتذر لابن عمه الذى كان تجمعه به صداقة قوية، وودع أسرته بطريقة لفتت انتباه الجميع، وسافر السبت الماضى إلى المعسكر حتى فارق الحياة. وعن علمه بالخبر قال شقيق الشهيد، أنه تلقى اتصالا هاتفيا من أحد قيادات وزارة الداخلية، وعلى الفور انتشر الخبر فى القرية حتى حضر القاصى والدانى لتقديم واجب العزاء فى الشهيد. من ناحية أخرى طالب شقيق الشهيد بالاهتمام بعساكر الدرجة الأولى، ورفع رواتبهم، وقيمة التأمين الخاص بهم، مشددا على أنهم الأكثر عرضة للمخاطر على يد الإإرهابيين، مطالبا الدولة بالاهتمام باسر الشهداء وأبناء شقيقه، وتوفير حياه كريمة لهم. وأما ابن عم الشهيد "سامح"، فطالب الرئيس السيسى بالقصاص العادل من الإرهابيين، معترضا على طريقة محاكماتهم التى تضيع معها أموال الدولة، فيما لا تأتى أحيانا كثيرة بحقوق الشهداء . ومن جانبه وصف عبدالنبى أبوزيد، موظف، أحد جيران الشهيد، الشهيد، بصاحب الخلق، والمحترم، مؤكدا أنه كانت تجمعه صداقات وعلاقات طيبة بالكثير من أبناء القرية، ولا توجد لديه خصومات مع أحد. وفى بنها سادت حالة من الحزن داخل قرية كفر عطاالله ، التابعة لمركز بنهامسقط رأس الشهيد مندوب الشرطة، محمد مرسي عبدالله، 26 سنة، سائق المدرعة، حيث تجمع المئات من آهالى القرية بالقرب من المسجد الجديد بالقرية، فى انتظار وصول الجثمان. خيمت حالة من الحزن والألم، سيطرت حالة من الحزن الشديد والزهول على والد الشهيد الحاج مرسي عبدالله وشقيقة الاكبر وليد الذين تواجدا بمدخل القرية انتظارا للجثمان من جانبة قال والد الشهيد، إنه لا راد لقضاء الله موضحا أن الشهيد كان في أجازه منذ أسبوعين، وكانت الأسرة تنتظره اليوم فى أجازته الجديدة، لكن الأقدار قالت كلمتها. وأوضح والد الشهيد أنه علم بالخبر الذى هبط على مسامعه كالصاعقة من التليفزيون، وأسرع بالاتصال بابنه الشهيد فلم يردن حتى علم باستشهاده، وأوضح أن آخر اتصال كان مع الشهيد منذ عدة أيام طالبه فيها بالدعاء له بالنجاه من الحرب التى يديرونها مع الإرهاب فى سيناء. وأضاف شقيق الشهيد، وليد، الذى انهمر فى نوبة من البكاء المتواصل، أن شقيقه الشهيد التحق بالخدمة بالشرطة، منذ عامين وكان يعمل قبلها سائقا، ووصفه بأنه كان ابن موت وجدع ومحبوب من كل البلد والكل يحترمه لشجاعته وبسالته . وأما خال الشهيد محمود عبد الفتاح فأكد أن الحادث الذي تعرض له الشهيد لم يكن الأول لكنه سبق له وأن تعرض لحادث مماثل ونجا منه بأعجوبة، عندما هاجم الإرهاب دورية أمنية كان الشهيد أحد أفرادها، ولفت إلى أن الشهيد في آخر زيارة لم يكف عن الضحك، وقال له "ممكن آجي المرة الجاية ميت". من جانبه أكد اللواء محمود يسرى، مساعد وزير الداخلية لأمن القليوبية، أن العمليات الإرهابية لن تثنى أبناء الجهاز الشرطى، عن تقديم أرواحهم فداء للوطن، وتحقيقا للأمن والأمان، لافتا إلى أن سقوط الشهداء يشعل الحماس لدى ضباط وأفراد الجهاز الأمنى للتفانى فى الشهادة والقصاص من الجماعات الإرهابية والتكفيرية، التى لا تريد استقرارا للبلاد. وأما المهندس محمد عبدالظاهر، محافظ القليوبية، فقدم عزاءه لشهداء الشرطة الأبطال، وشهيدي المحافظة، الذين ضحوا بأرواحهم بكل بسالة وفداء من أجل مصر الحبيبة. وأضاف محافظ القليوبية، أنه لولا التضحيات التى يقدمها رجال الشرطة الأبطال والشرفاء، ما تحقق الأمن والأمان لمصر والمصريين. كما وعد عبدالظاهر، بكفالة أسر الشهداء، خلال الفترة المقبلة، لافتا إلى أن هناك اهتماما كبيرا من الدولة لتقديم الدعم اللازم لهم، تكريما على ما قدموه من تضحيات كبرى.