التاريخ الإسلامى بوجه عام ليس قصة سعيدة تثير البهجة والسرور فى نفس من يقرؤها ، فهو قصة الصراع الأبدى بين الحق والباطل ، وبين الحق والحق ، وبين الباطل والباطل ، ونهاية التاريخ لا ندركها ، ولا يعرف أحد إلى أين يسير ، والتاريخ هو مأساة البشر . فلقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين بما سيحدث فى تاريخهم قبل أن يلحق بالرفيق الأعلى ، مما يؤكد نبوته ، فقال للزبير أنه يقاتل " عليا " وهو له ظالم ، وقال أن حفيده " الحسن بن على " سوف يصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ، وقال صلى الله عليه وسلم : إن الخلافة بعدى ثلاثون سنة ثم تكون ملكا عضوضا . إن الخلافة الإسلامية التى عرفتها الأمة مع ولاية سيدى أبى بكر الصديق رضى الله عنه هى نظام من نظم الحكم تقوم على مؤسسات وآليات تقيمها الأمة لتحقيق المقاصد والغايات والمصالح لوحدة الأمة ( أى أن هذه الخلافة كنظام للحكم " مؤسسة مدنية بشرية أبدعتها الأمة وأقامتها لتحقيق مقاصد ومصالح محددة . فالدولة فى الإسلام " مدنية " والأمة فيها مصدر السلطات ، والسلطة فيها تختارها الأمة وتراقبها وتحاسبها وتعزلها عند الاقتضاء . أهم ما أرساه " المصطفى صلى الله عليه وسلم " أن الحكومة أصل رئيسى من أصول الأسلام وأن غاية الدين ، أن يحتكم بما أنزل الله بخصوص المعنى وعمومه وهو الحكم ، فقد قال تعالى : " لقد أرسلنا رُّسُلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط .." فالهدف كما هو واضح من الآية هو الحكم ، والحكم يستدعى القواعد التى تُجرى على الناس ، والميزان والقسط هو تحقيق العدالة . وعندما أنتقل " النبى الى الرفيق الأعلى" ، لم يترك شكلا محددا ملزما للحكومة ، ولكنه ترك مبادئ وقواعد ووصايا ملزمة للحكومة . وقبل أن يلحق " النبى بالرفيق الأعلى " عبر عن الأصلان العظيمان اللذان لا يجوز التغيير فيهما بحال هما : " تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة نبيه " وبالتالى لم يحدد شكل الحكم وأكتفى باقرار القواعد والمبادئ لتغير الزمان والمكان .، وكذلك فالحاكم ، يمكن أن يسمى أسما رمزيا " كخليفة رسول الله " كما سُمى أبو بكر الصديق ، ويمكن أن يسمى " أمير المؤمنين " كعمر بن الخطاب وهكذا أو يسمى "ملكا " أو رئيسا " أو سلطانا أو يسمى " صاحبا " كما فى الهند ، أذن تخضع التسمية لظروف الزمان والمكان النبى " صلى الله عليه وسلم " لم يعهد الى ( سيدى " أبو بكر " عمر أبن الخطاب ، عثمان بن عفان ، على أبن أبى طالب ) رضى الله عنهم بشئ بعده . والحقيقة أن رسول الله (ص) قد مدح أصحابه وأختص مجموعة منهم بالمدح والثناء . وليس صحيحا أن أشارة وأمر الرسول لسيدى أبو بكر أن يصلى بالناس فى مرضه صلى الله عليه وسلم ، تكون أختيارا ليكون أبى بكر الصديق " خليفة للمسلمين بعده ، " ، ولا يخطر على بال أى مسلم أن الرسول ( ص ) قد قصر فى تبليغ الرسالة عن ربه ، فيأتى الى ركن أصيل من أركان الدين ويسكت عنه أو يذكره بغير وضوح ، فمن المؤكد أنه سكت عن هذه النقطة دون نسيان ، حيث أن تولية غيره بعده ليست من صميم الرسالة لقوله تعالى : " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس.." سورة المائدة : 67 وقد ذكر فى " نهج البلاغة " كتاب من الإمام " علىّ" رضى الله عنه الى " معاوية بن ايى سفيان " الأنى : (إنه بايعنى القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان ، على ما بايعوهم عليه فلم يكن للشاهد أن يختار ، و لا للغائب أن يرد ، وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار .) كان الإمام ( علىّ) يقاتل " معاوية بن أبى سفيان وأهل الشام ، بحق البيعة ، فهو الذى إختير أميرا للمؤمنين من نفس المكان الذى تم إختيار من سبقه فيه وهو الذى أستقر عليه الناس من أهل الشورى بعد مقتل عمر بن الخطاب ، فولى عثمان بن عفان ، وقد أستقر الرأى على بيعة " علىّ" بعد مقتل عثمان وتم ذلك فى مسجد رسول الله (ص) وبايعه الصحابة وجميع الثوار لمقتل سيدى عثمان . أن لفظ " مولى " قد ورد فى القرآن الكريم كثيرا بمعنى ( الموالاة فى الدين والنصرة فيه) لقوله تعالى : ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا ..) سورة محمد : 11 ( فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين ) سورة التحريم : 4 ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) سورة التوبة :71 ، فالمراد بالموالاة : النصرة فى الدين . ثم إن الإمام " علىّ " يستخدم مصطلح " الولاية " بمعنى النصرة المقابلة " للعداوة " وليس بمعنى (الإمامة / أو الخلافة / أو السلطان ) وذلك فى نصوص خطبه وحواراته التى جمعتها الشيعة فى كتاب ( نهج البلاغة ) ولا ذكر فيه للنص الإلهى والوصية النبوية لعلىّ للخلافة . وخصوصا وأن مذهب الشيعة يجعل "الإمام معصوما لا سلطان للأمة عليه بل إن له فى رأيهم سلطة تكوينية حتى على ذرات الكون ؟؟.. وخير دليلا على الولاية فى الدين كانت للإمام " علىّ " رضى الله عنه ،، يقول أبن أبى الحديد : روى المدائنى قال خطب " علىّ " عليه السلام فقال : " لو كسرت لى الوسادة لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم ، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم ، وبين أهل الفرقان بفرقانهم ." وعن أبى الطفيل يقول : شهدت " عليا " يخطب وهو يقول : " سلونى فو الله لا تسألونى عن شئ الإ أخبرتكم .. وسلونى عن كتاب الله فو الله ما من آية الإ وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار ، أم فى سهل أم فى جبل ." وقال صلى الله عليه وسلم " أنا مدينة العلم و" علىّ " بابها فمن أراد العلم فليأته من بابه ." بعد ثورات الربيع العربى فقد تعددت تيارات الاسلام السياسى والفكرية المتطرفة التى ترفض الدولة المدنية الوطنية فيما عكر صفو أبناء الدولة المصرية ، وأدى الى الإنقسام والشرذمة بين أطياف المجتمع ، فتآمرت القوة الخفية ( الماسونية ) بتعاونها مع التنظيم الدولى لجماعة الأخوان على الأمة الاسلامية ورموزها عبر المراحل التاريخية الاسلامية منذ نشأتها حتى الآن وذلك بتدبير الانقلابات والثورات والحروب فى الكثير من دول العالم العربى لصالح اليهود واسرائيل والصهيونية العالمية.