من غير المرجح أن يؤدي تغيير مزمع في القيادة يمكن أن يشهد تنازل أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثان نهاية المطاف عن الحكم لابنه، إلى تغيير اتجاه البلاد من القيام باستثمارات جريئة في الخارج، ودعم انتفاضات الربيع العربي. ويقول محللون إن ولي العهد الشيخ تميم لن يتخلى على الأرجح عن سياسات والده الذي أصبحت الدولة المصدرة للغاز في عهده قوة في الرياضة العالمية والإعلام والتجارة وحليفة مهمة لجماعة الإخوان المسلمين. من المتوقع، أن يترك رئيس الوزراء الحالي الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني (53 عامًا) منصبه بموجب خطة الانتقال التي تحدثت عنها تقارير إعلامية ويرجح أن يظل رئيسًا لجهاز قطر للاستثمار، مما يعني استمراره في ذراع رئيسية من أذرع سلطة الدولة. وتفاوض الشيخ حمد بن جاسم على بعض من أبرز صفقات الجهاز فعلى سبيل المثال أجرى محادثات مع رئيس شركة جلينكور العام الماضي، حين طلبت قطر شروطًا أفضل لتأييد شراء الشركة لشركة اكستراتا. واندمجت الشركتان في نهاية المطاف لتصبحا جلينكور اكستراتا. ويبلغ الشيخ تميم من العمر 33 عامًا، وهو صغير السن بالمقارنة بحكام دول الخليج. لكن نيل باتريك الخبير في أمن الخليج الذي يسهم في برنامج الدراسات الخليجية التابع لكلية لندن للاقتصاد يقول: إن الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثان "سيمارس قدرًا من النفوذ على ابنه قليل الخبرة نسبيا." وأشار باتريك إلى أنه من المعروف عن الشيخ تميم أنه من المتحمسين لجماعة الإخوان المسلمين التي تصاعد نفوذها بشدة في العالم العربي منذ بدأت الانتفاضات ضد الحكام الشموليين في أوائل عام 2011. واستطرد قائلاً: إن "من غير المرجح أن يود (الشيخ تميم) أو يتمكن من الانحراف كثيرًا عن المحور الأمريكي الأهم حتى إذا ظلت لديه الرؤية التي تعتبر أن قطر تكتسب ثقلا من خلال مصادقة الإسلاميين خارج بلاده." وقال دبلوماسيون عرب وغربيون هذا الأسبوع: إن الشيخ حمد بن جاسم يستعد لترك منصبه في إطار تغيير واسع النطاق قد يشهد أيضا خلافة الشيخ تميم للأمير. وتوقعوا أن يأخذ التغيير أحد مسارين فإما أن يحل الشيخ تميم محل الشيخ حمد بن جاسم في رئاسة الوزراء إلى أن يصبح الأمير حين يتنازل والده في نهاية المطاف أو أن يصبح نائب رئيس الوزراء الحالي أحمد المحمود رئيس الوزراء القادم حين يترك الشيخ حمد بن جاسم منصبه. ولم يعلق مسئولون قطريون على هذه التقارير. وكتبت إيمان عبيد القاضي من مجموعة أوراسيا تقول: إنها لا تتوقع أن يطرأ تغير كبير على اولويات قطر في الداخل او سياستها الخارجية مع تغير الحاكم. وقالت: "تميم يباشر السياسات الأساسية لقطر منذ فترة ويشارك والده آراءه على صعيد التنمية السياسية في قطر والتنوع الاقتصادي." وأضافت أنه تم إقرار الميزانيات الوطنية حتى عام 2016-2017 وفي ظل الاستعدادات لاستضافة قطر نهائيات كأس العالم 2022 فإن من غير المرجح أن يطرأ تغير كبير على الوضع في الداخل. ويقول مايكل ستيفنز الباحث في المعهد الملكي لدراسات الدفاع والأمن ومقره الدوحة إنه لا يتوقع أيضًا تغيرًا يذكر، لأن الشيخ تميم يشارك في وضع مبادرات الإنفاق في الداخل وتحديد الاطر الزمنية لها. وأضاف: "بالنظر الى اعتمادات الميزانية التي تمت فسيكون من غير المتصور أن يتمكن او ان يتراجع عن كل هذا، الطريقة التي تم بها وضع الخطط الداخلية للبلاد تعني أن عليك إما أن تتوقف أو أن تمضي قدما. لا يمكنك تغيير اتجاه السفينة". وخصصت البلاد مبلغ 150 مليار دولار لمشروع سيغير من ملامح العاصمة على مدى السنوات العشر المقبلة، إذ سيتم إنشاء مطار جديد وشبكة للمترو وميناء، فضلاً عن مئات الكيلو مترات من شبكات الطرق الجديدة. وتولى الأمير الشيخ حمد بن خليفة زمام الحكم في انقلاب أبيض على والده عام 1995. واكتسب هو وزوجته الثانية الشيخة موزة سمعة بوصفهما من دعاة التحديث ونجح في تحسين مكانة البلاد بدرجة كبيرة بإنشاء شبكة قنوات الجزيرة التلفزيونية فضلاً عن فوز الدوحة بتنظيم نهائيات كأس العالم لكرة القدم. وكثف الأمير بدرجة كبيرة من إسناد المهام إلى ابنه على مدى العامين المنصرمين ويشار للشيخ تميم حاليا بلقب "نائب الأمير". لكن خلال عهده كان على الأمير أن يوازن دومًا بين تحديث السياسات وتقديم تنازلات للمحافظين في المجتمع ممن يمثلون قطاعًا عريضًا من المواطنين وينتسب أغلبهم للمذهب الوهابي. وقال ستيفنز: "العلاقات مع المجتمع السلفي محل تفاوض مستمر في قطر، زعماء البلاد لديهم قدر غير قليل من الحساسية تجاه هذا الأمر، وهم لا يريدون المضي بقوة غير عابئين بأمنيات شعبهم. عملية التفاوض هذه ستستمر تحت قيادة تميم."