وفقاً لإعلان مدريد الذي صدر في ختام المؤتمر العالمي للحوار الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي في العاصمة الإسبانية مدريد خلال شهر يوليو الماضى دعا خادم الحرمين الشريف الملك عبد الله بن عبد العزيزإلى عقد اجتماع عالي المستوى للحوار بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات المعتبرة، الذى انطلقت فعالياته اليوم الثانى عشر من نوفمبر في مقر الأممالمتحدة في نيويورك ويختتم غدا الخميس ، بمشاركة وفود تمثل70 دولة بينهم17 رئيسا ورئيس وزراء, ومن أبرز المشاركين في المؤتمر ملوك وأمراء ورؤساء الولاياتالمتحدة والسعودية والبحرين والكويت والأردن ولبنان وباكستان وفنلندا وإسرائيل والفلبين, إضافة الي رؤساء حكومات قطر والمغرب والامارات العربية المتحدة وبريطانيا وأسبانيا, إضافة الي قادة ومسئولين من مستويات مختلفة من دول عديدة أخري. يرأس الإمام الأكبر محمد سيد طنطاوي شيخ الجامع الأزهر والدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية وفد مصر المشارك في أعمال المؤتمر ، وقد أكد ميجيل ديسكو تو رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة المنظمة للمؤتمر ، أن المؤتمر لا يهدف الي الحديث عن الأديان أو العقائد, ووصفه بأنه محاولة من جانب المنظمة الدولية للتواصل مع القيم الأخلاقية التي يحتاجها العالم لإنقاذ البشرية من الافلاس المعنوي الذي تعاني منه. وكان الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية قد وجه باسم خادم الحرمين الشريفين الدعوة للجمعية العامة للأمم المتحدة إلى عقد اجتماع عالي المستوى لتأييد ودعم استمرار مسيرة الحوار بين أتباع الأديان والشعوب وفقاً لإعلان مدريد، تأكيداً لتوافر الإرادة السياسية الدولية لنشر قيم الحوار والتسامح ومكافحة أفكار التطرف والإقصاء، جاء ذلك في الخطاب الذي ألقاه الأمير سعود الفيصل في سبتمبر الماضي، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. فى اكتوبر 2007 أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة عقد حوار رفيع المستوى بشأن التعاون بين الأديان والثقافات للتشجيع على التسامح والتفاهم والاحترام العالمي للمسائل المتصلة بحرية الدين أو المعتقد والتنوع الثقافي، وذلك بالتنسيق مع المبادرات المماثلة الأخرى في هذا المجال والنظر في إعلان أحد الأعوام المقبلة سنة للحوار بين الأديان والثقافات. وطلبت الجمعية العامة إلى الأمين العام كفالة المتابعة المنهجية والتنظيمية لجميع المسائل المشتركة بين الأديان والثقافات والحضارات داخل منظومة الأممالمتحدة، والتنسيق والاتساق بصورة عامة لما تبذله من جهود من أجل الحوار بين الأديان والثقافات والحضارات والتعاون فيما بينها، بطرق عدة من بينها تعيين وحدة تنسيق في الأمانة العامة للاهتمام بهذه المسائل. وأكد (بان كي مون) الأمين العام للأمم المتحدة إن "المبادرة ستكون مهمة وستقدم لنا قوة دفع مهمة للغاية مع وجود زعماء من مختلف أنحاء العالم وممثلين عن مختلف الأديان ومختلف المناطق ليجلسوا معا". وأيدت الكثير من الدول تنظيم هذا المؤتمر الذى يأتى في سياق حرص خادم الحرمين الشريفين على كل ما من شأنه أن يحقق الأمن والسلام بين الشعوب ونشر ثقافة إسلامية سامية تدعو للحوار والتسامح والاحترام، فقد أيدت باكستان المبادرة السعودية لإقامة حوار بين الأديان والثقافات في جلسة غير عادية للجمعية العامة للأمم المتحدة، وجاء في بيان لوزارة الخارجية أن باكستان تؤيد مبادرة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز لإقامة حوار بين الثقافات لتعزيز السلام والتفاهم والتسامح بين البشر واحترام جميع الاختلافات الدينية والثقافية واللغوية. واعتبر عمرو موسي أمين عام جامعة الدول العربية مؤتمر نيويورك السبيل الأمثل للرد علي خصوم الاستقرار والتعايش والسلام الذين ينادون بصدام الحضارات, واشاعوا التوتر بين الغرب والاسلام. وأشاد عمرو موسي, بمبادرة العاهل السعودي المعتمدة بالأساس علي إعلاء كرامة الانسان بغض النظر عن ديانته أو معتقداته, وأن الحوار والتفاهم والتعاون تشكل السبيل البناء لتقارب الأمم فى الوقت ذاته انتقدت جماعة الاخوان المسلمين فى مصر بشدة هذا المؤتمر واعتبرته مؤتمراً سياسياً لا علاقة له بالاديان وحذرت من خطورة الزج بالاديان فى عمل سياسى لا يقدم للمسلمين شيئاً ولا لقضيتهم الاولى فى فلسطين . ونفى عضو مكتب الارشاد فى الجماعة عبد المنعم ابو الفتوح فى تصريحات للقدس برس اى علاقة للدين بمؤتمر نيويورك لحوار الاديان معتبره مؤتمر سياسى بامتياز لا دخل للاديان فيه . ويحضر المؤتمر المديران العامان للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو" ومنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونيسكو" الذين أشادا في وقت سابق بمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حول الدعوة إلى إجراء حوار للأديان. وفى رسالة مشتركة بعثاها الى خادم الحرمين الشريفين رحبا كلا من عبد العزيز بن عثمان التويجري وكويشيرو ماتسورا بهذه المبادرة تحقيقا للمصالح العليا للإنسانية لبناء مستقبل أمن ومستقر تسود فيه قيم التسامح والتفاهم والتعايش. ووصفا هذه المبادرة ب "الحضارية المتميزة والواعدة"، مؤكدين أنها جاءت في الوقت المناسب. وذكرت "اليونسكو" أن المسؤولين أكدا مساندة المنظمتين الإسلامية والدولية لهذه المبادرة واستعدادهما للمساهمة في بلورتها من خلال عمل ميداني لما للمنظمتين من خبرة في مجال الحوار بين الثقافات والحضارات والأديان. وقالا : "إن دعوتكم إلى إقامة حوار بناء وهادف بين القيادات الدينية الإسلامية والمسيحية واليهودية تخدم أهدافنا المشتركة وتعزز جهودنا المتواصلة من أجل القضاء على أسباب الصراعات الناتجة عن التعصب والجهل وعدم التمسك بالقيم الدينية السمحة". ومما لا شك فيه ان الملك عبد الله يعد من الداعمين الرئيسين للحوار بين الأديان، وشدد في هذا الصدد أثناء استقباله المشاركين في المنتدى السادس لحوار الحضارات بين اليابان والعالم الإسلامي الذي عقد في الرياض خلال مارس الماضي، على أهمية الاتفاق على ما يكفل صيانة الإنسانية من العبث وحث على التمسك بمبادئ القيم الإنسانية. وذكر خادم الحرمين في المؤتمر الإسلامي العالمي في مكةالمكرمة : "سننطلق في حوارنا مع الآخر بثقة نستمدها من إيماننا بالله ثم بعلم نأخذه من سماحة ديننا، وسنجادل بالتي هي أحسن، فما اتفقنا عليه أنزلناه مكانه الكريم في نفوسنا، وما اختلفنا حوله نحيله إلى قوله سبحانه وتعالى {لكم دينكم ولي دين}.