البدناء يساهمون في تفاقم أزمة الغذاء وتبدل المناخ محيط مروة رزق احتلت البدانة جانباً لا بأس به من اهتمامات علماء الطب، نظراً لكثرة عدد المصابين بها حول العالم، وارتباطها في الغالب بالعديد من الأمراض، منها السكري وضغط الدم وأمراض القلب والمفاصل وغيرها. وحتى وقت قريب كانت أخطار البدانة تنحصر على المصابين بها فقط، لكن العلم الحديث أثبت أن الأشخاص البدناء يساهمون في تفاقم أزمة الاقتصاد العالمية وظاهرة تغير المناخ، إذ أنهم يستهلكون كمية من السعرات الحرارية تزيد بنسبة 18 بالمائة على المعدل الطبيعي لاستهلاك الفرد العادي. وأشارت دراسة أجراها خبراء من مدرسة لندن للصحة وطب أمراض المناطق الاستوائية، إلى أن البدناء مسئولين عن استخدام كميات أكثر من الوقود، الأمر الذي يترك أثراً على البيئة ويؤدي إلى ارتفاع أسعار الغذاء، لطالما أن قطاعي المواصلات والزراعة يعتمدان على استخدام الوقود النفطي. وأوضح الباحثون أن الفقراء يصارعون من أجل الحصول على الغذاء في الوقت الذي ترتفع فيه نسبة انبعاثات الغازات، فيما بات يُعرف بظاهرة الاحتباس الحراري. وأعلنت منظمة الصحة العالمية أن عدد الأشخاص الذين يعانون من السمنة في العالم سيرتفع إلى أكثر من الضعف في غضون سبع سنوات ليصل الرقم إلى 700 مليون نسمة بحلول عام 2015. وقد وجد فريق الباحثين المذكور أن الشخص السمين يتطلب 1680 سعرة حرارية يومياً للإبقاء على المعدل الطبيعي للطاقة لديه، بالإضافة إلى 1280 سعرة أخرى لتمكينه من ممارسة أنشطتة اليومية، وهذا أعلى بحوالي الخمس من المعدل الطبيعي عند الفرد العادي. ويقول الباحثون إن استهلاك الغذاء بمعدلات أعلى يؤدي إلى نتيجة مضاعفة تتمثل أولا بزيادة الطلب على الغذاء، وثانيا بزيادة إنتاج المواد الغذائية، ويعني هذا أن العمليات الزراعية تستهلك المزيد من النفط لتلبية الطلب، الأمر الذي يساهم بزيادة سعر الوقود. وهذا ينعكس بدوره زيادة في كلفة إنتاج الغذاء، وبالتالي جعل عملية الحصول عليه أمرا عسيرا على الأشخاص في المناطق الأكثر فقراً. والأكثر من ذلك، يضيف الباحثون، طبقاً لما ورد بموقع "بي بي سي"، أنه من المحتمل أن يعتمد البدناء على المواصلات بشكل أكبر، الأمر الذي يزيد الضغط على وسائل المواصلات بسبب حجوم هؤلاء الأشخاص البدناء، وبالتالي ينجم عن ذلك ارتفاع إضافي بالأسعار وزيادة في استخدام وسائل التنقل. بدانة الآباء تصيب الأبناء بأمراض الكبد وكشفت نتائج دراسة جديدة أن وجود أب بدين في سن صغير نسبياً قد يزيد احتمال إصابة الابن بمشكلات خطيرة في الكبد. ووجد الدكتور روهيت لومبا من المعاهد القومية للصحة في بيثيسدا بماريلاند وزملاؤه، أن الأفراد الذين كان أباؤهم بدناء قبل بلوغهم سن 45 عاماً كانوا أكثر عرضة للإصابة بمعدلات مرتفعة من إنزيم الآنين أمينوترانسفيراز "ايه . ال . تي" الذي يشير إلى تعرض الكبد لأذى في دمائهم، مقارنة مع الذين لم يكن أباؤهم كذلك. وأشار لومبا وفريقه إلى أن ارتفاع مستويات إنزيم "ايه . ال . تي" لدى عامة السكان قد يرتبط بمرض الكبد الدهني غير الكحولي وهي حالة متصلة بالبدانة، مضيفين أن أحد الأشكال الحادة والمتقدمة لمرض الكبد الدهني غير الكحولي هو التهاب الكبد التشحمي "الدهني". ولمعرفة ما إذا كان لبدانة الآباء ارتباط بارتفاع مستويات انزيم "ايه . ال . تي" بالإضافة إلى إنزيم آخر له علاقة بالحاق أضرار بالكبد هو إنزيم اسبارتيت أمينو ترانسفيريز "ايه . اس . تي"، بحث الدارسون قياسات نسبة الانزيمين لدى 1732 مريضاً من الرجال والنساء الذين شاركوا في دراسة فرامنجهام للقلب. والجديد في البحث أن العلماء وجدوا أن كون والد المرء أصيب بالبدانة في سن صغيرة، رفع احتمالات إصابته بارتفاع معدلات انزيم "ايه . ال .تي" الذي يرفع أخطار أمراض الكبد، بغض النظر عن وزنه الشخصي، إلا إنه لم يتضح وجود صلة بين بدانة الأمهات وارتفاع مستويات انزيم "ايه . ال . تي". البدانة مرض معد وفي نفس السياق، أفادت دراسة أمريكية حديثة بأن البدانة مرض معد اجتماعياً وأن الأشخاص الذين يصاحبون أصدقاء لهم يعانون من البدانة قد يصابون بها أيضاً. وأشار باحثون أمريكيون من جامعتي هارفارد وكاليفورنيا، إلى أن احتمالات إصابة شخص بالبدانة ترتفع بأكثر من 50 بالمائة وذلك إذا وجد شخص بدين في محيطه. وأوضحت الدراسات أن 119 مليون بالغ يعانون من الوزن الزائد في الولاياتالمتحدة أي 64,5 بالمئة من السكان. وفي الوقت نفسه، أثبتت أبحاث نفذت على الجرذان في أمريكا بأن السمنة قد تنجم عن استعدادات في بعض انحاء الدماغ التي تسيطر على الشهية. وظهرت لدى الجرذان التي تميل الى السمنة تشوهات في مراكز ديماغية تلعب دوراً رئيساً في السيطرة على الشهية، مقارنة بأخرى لا تعاني من السمنة. واكتشف الباحثون أن الجرذان السمينة تظهر شوائب في الخلايا العصبية في النواة المقوسة، وهي احدى مجموعات خلايا ما تحت المهاد "هيبوتالاموس"، وتؤدي هذه الشوائب الى إضعاف رد فعل الدماغ على هورمون "لبتين" الذي يلغي الشعور بالجوع وينظم مخزون الدهون في الجسم. السمنة.. أخطار وأضرار أما عن بعض الأخطار المتعلقة بالسمنة، فقد أكدت دراسة طبية أن سمنة البطن تؤدي إلى إصابة الفرد بأمراض القلب، حيث أن الخلايا الدهنية الموجودة بالنسيج الدهني المبطن لجدار البطن تفرز الكثير من المواد التي تسبب تصلب الشرايين والضغط وحدوث الجلطة، كما أنها تتسبب في خلل في نسبة الدهون الموجودة ببلازما الدم وأيضا مرض البول السكري. وأوضحت الدكتورة عزة احمد على بقسم الباثولوجيا الكيميائية والاكلينكية بالمركز القومي للبحوث، أن قياس نسبة الدهن المبطن لاحشاء البطن أهم بكثير من قياس الوزن الكلي لمرضى السمنة، مشيرة إلى أن الخلايا الدهنية الموجودة بالنسيج الدهني المبطن لجدار البطن والموجودة حول الاحشاء البطنية أكثر نشاطً من خلايا الدهن الموجودة في أماكن أخرى من الجسم البشري. وأضافت عزة أن المواد التي تفرزها تلك الخلايا الدهنية تودي إلى ارتفاع الكولسترول المنخفض الكثافة وانخفاض مستوى الكولسترول عالي الكثافة وارتفاع نسبة الدهون الثلاثية وعدم استجابة خلايا الجسم لهرمون الانسولين الذي يعمل على انخفاض مستوى السكر بالدم. ونصحت الدكتورة عزة مرضى السمنة بضرورة تقليل الوزن عن طريق اتباع نظام غذائي معين أو باستخدام العقاقير الطبية تحت إشراف طبي حسب حالة المريض ومتابعته عن طريق قياس محيط الوسط وقياس نسبة الدهون الثلاثية حتى يمكن التحكم في الأمراض التي تسبب اضرار القلب والأوعية الدموية. ومن جهة أخرى، كشف علماء من جامعة Adelaide باستراليا عن السبب العلمي الذي يفسر تسبب السمنة في إحداث العقم عند النساء، فعلى الرغم من اعتبار السمنة عاملاً أساسياً لحدوث العقم منذ فترة طويلة، إلا أن هذه الدراسة تعتبر الأولى من نوعها من حيث تركيزها على العلاقة المباشرة بين البدانة وبين البويضات داخل المبيض. وأشار الباحثون إلى أن تناول النساء للغذاء الغني بالدسم من شأنه أن يسبب إيذاءً للبويضات الموجودة داخل المبيض، وبالتالي عندما يتم تلقيح هذه البويضات فإنها لن تتطور بشكل طبيعي ولن تتحول إلى أجنة بشكل سليم.