لندن: يتصدر الكاتب والروائي البريطاني مارتن ايميس صفوف الكتاب الذين يناصبون الاسلام العداء ويلصقون به شتى الأوصاف الدونية ويدعون الى الوقوف بوجه ما يعتبرونه "المد الاسلامي"، وذلك بعد دراسة مطولة نشرها في صحيفة "الاوبزرفر" البريطانية في الذكرى الخامسة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر حملت عنوان "عصر الارعاب" وبعد قصة قصيرة كتبها بعنوان "الأيام الاخيرة في حياة محمد عطا". في حوار مفتوح مع قراء صحيفة "الاندبندنت" البريطانية نشر في 15 يناير من هذا العام, قال مارتن ايميس - كما نقلت عنه امل الشرقي بجريدة "العرب اليوم" الأردنية -: "لقد جنت الاسلاموية زخما كبيرا من رفضها للمنطق واعتناقها للموت, وهما توجهان تحفيزيان بطريقة يفهمها جيدا كل من لينين وهتلر" على حد تعبيره . وفي مقابلة له مع صحيفة "التايمز" اللندنية, دعا ايميس إلى " ترويض " المسلمين حيث يقول "سيكون على الجالية المسلمة ان تتعذب حتى تعمد الى ترتيب بيتها الداخلي. تسألني اي نوع من العذاب? اقول لك منعهم من السفر والترحيل, والابعاد, تحجيم الحريات. تعرية الاشخاص الذين تبدو عليهم ملامح القادمين من الشرق الاوسط او باكستان بغرض تفتيشهم. كل اعمال التمييز ضدهم لحين الحاق الالم بمجموع الجالية كلها مما يحملها على ان تصبح حازمة مع ابنائها". ويربط ايميس بين الاسلام والارهاب كما لو ان الاثنين كانا وجهين لعملة واحدة. في مقالته المطولة "عصر الارعاب" يقول ايميس "يعيش على كوكبنا ذلك النوع من الكائن البشري الذي يعتنق الاسلام من اجل ممارسة القتل بالتفجير الانتحاري". ومن بين المسلمين, يخص مارتن ايميس العرب بقسط متميز من الازدراء حين يقول عنهم في مقالته "عصر الارعاب" انهم "متخلفون عن الغرب وعن الشرق الاقصى بجميع المؤشرات في الصناعة, والانتاج, وايجاد الاعمال, والتكنولوجيا, والقراءة والكتابة" حتى في "معدل الاعمار, والنمو البشري, والحيوية الذهنية". ولماذا "الارعاب" وليس الارهاب, يقول ايميس انه قد صاغ هذه الكلمة خصيصا للارهاب الاسلامي وهي مشتقة من الرعب وهو اقصى درجات التخويف. وفي مقال نشره الروائي والسيناريست البريطاني رونان بينيت في صحيفة "الجارديان" بعنوان "عار علينا" يقارن الكاتب - وفقا لنفس المصدر - بين الصمت او القبول الذي يقابل به ايميس عندما يهاجم الاسلام والمسلمين وبين ردة الفعل المتوقعة لو ان هدف ذلك الهجوم كان اليهود او اليهودية. ولد مارتن ايميس في انجلترا عام 1949 وهو ابن الكاتب والروائي الشهير كينجسلي ايميس الذي حصل على لقب "فارس" واصبح يدعى "السير كينجسلي ايميس"، استقبل الوسط الادبي مارتن ايميس بالترحاب فعند صدور روايته الاولى "اوراق راشيل" 1973 حصلت الرواية على جائزة سومرست موم الادبية, بعدها بعامين, اصدر مارتن ايميس روايته الثانية "اطفال ميتون". الى جانب الرواية, كتب مارتن ايميس القصة القصيرة، كما يكتب المقالات وله ستة كتب غير روائية تناول فيها مواضيع مختلفة مثل رحلاته الى الولاياتالمتحدة والحرب والتجربة الستالينية. وعندما سأل احد القراء ايميس في الحوار المفتوح الذي اجرته معه صحيفة "الاندبندنت" عما اذا كان مصابا برهاب الاسلام "اسلامو فوبيا". اجاب مارتن ايميس: " كلا انا مصاب برهاب الاسلاموية "اسلاميسفوبيا" او ان من الافضل القول انني معاد للاسلاموية. لان الرهاب "الفوبيا" هو الخوف غير المنطقي" ، ومعتبرا أن خوفه ممن اعتبره يريد قتله وهو المسلم هو خوف مبرر . يذكر ان مصطلح "الإسلاموفوبيا" يعد من المصطلحات الحديثة التداول والخاص بعلاقة الإسلام بالغرب. وقد ظهر هذا المصطلح للتعبير عن ظاهرة الرهاب أو الخوف المرضي من الإسلام. وهي في الواقع ظاهرة قديمة جديدة، قديمة قدم الدين الإسلامي نفسه، وإن كانت قد تصاعدت حدتها في عالم اليوم، وبخاصة في دول الغرب بعد التفجيرات الشهيرة التي شهدتها الولاياتالمتحدةالأمريكية في الحادي عشر من أيلول عام 2001، التي أسندت إلى تنظيم القاعدة. ظاهرة الإسلاموفوبيا ترتبط بتنامي المشاعر السلبية تجاه الإسلام والمسلمين في المجتمعات الغربية وتشكل هذه المشاعر أسسا لانطلاق سلوكيات غربية مجحفة بحقوق الأطراف المسلمة. وعلى المستوى الفكري ترتبط هذه الظاهرة بنظرة اختزالية للإسلام كدين وكثقافة في تصور الإسلام كمجموعة محدودة وجامدة من العقائد التي تحض على العنف والرجعية والنظرة السلبية للآخر وترفض العقلانية والمنطق وحقوق الإنسان. وينظر المصابون بالإسلاموفوبيا إلى المسلمين - وفق فضائية "الجزيرة" - على أنهم مجموعة واحدة تؤمن بتشدد بالفهم الاختزالي السابق للإسلام، وهم منخرطون في حركة سياسية عالمية لفرض هذه الرؤية على الآخرين في حرب حضارية لا تتوقف. وتجدر الإشارة إلي أن معظم الجاليات العربية في بريطانيا تعاني من فشل مؤسسي واضح يتمثل في عدم القدرة على إقامة منظمة أو رابطة واحدة لكل جالية عربية, والجالية المصرية مثال واضح على ذلك فالخلافات حول جمعية الجالية المصرية وصلت إلى قاعات المحاكم قبل سنوات, إضافة لأن العلاقة بين هؤلاء العرب المهاجرين وبين أبناء المجتمع البريطاني تأخذ تقريباً صفة الانفصال بمعنى أن العلاقات الاجتماعية بين الجانبين تكاد تكون غير موجودة . وتزداد معاناة المسلمين في بريطانيا كلما أمعنت وسائل الإعلام والمناهج الدراسية هناك في الإساءة إليهم وتشويه صورتهم، فالكتب المدرسية تقدم العرب باعتبارهم شعوبا متخلفة، يكرهون المسيحيين، ويشكلون خطرا على السلام العالمي، وعبر عن ذلك نيكولاس فون هوفمان الصحفي بجريدة "واشنطن بوست" حين قال : انه لم تشوه سمعة جماعة دينية أو ثقافية أو قومية، ويتم الحط من قدرها بشكل مركز ومنظم كما حدث للعرب .