لاحظت في الأيام الأخيرة تحولا عند بعض فناني الخزف المعروفين إلى فن النحت، وظهر هذا واضحا في سمبوزيوم النحت الدولي السنوي في أسوان ولا أدري لماذا. لقد رحل عنا خزافون كبار في طليعتهم رائد الخزف سعيد الصدر، كما رحل الخزاف الكبير نبيل درويش، وهو علامة مميزة وظل مدافعا حقيقيا عن فن الخزف سواء بفكره أو بإبداعاته أو بتطويره الدائم لأعماله. اعود إلى التساؤل هل يعود ذلك إلى اسباب متعددة ومنها ضعف بعض الخريجين الذين اكتفوا بالوظائف البعيدة عن الإبداع؟، هذه الملاحظة لا تعني أنه لن يعد لدينا فنانون كبار لهم روائعهم، لكني اتحدث عن حيوية هذا الفرع الرئيسي والهام من فروع الفن التشكيلي بعد أن لاحظت تطورات هائلة لهذا الفن في معظم دول العالم المتقدم، في أوروبا بأكملها واليابان والصين والهند وتركيا، ودول أخرى كثيرة يتطور الخزف فيها بشكل مذهل باعتباره فن يجمع العديد من فروع الفن المختلف، ويظهر ذلك في إناء خزفي يعد تحفة رائعة تتضمن تشكيلات بارزة شديدة الجمال وتحمل على سطحها ما يشبة النحت البارز والتصوير معا بعناصر جمالية كالزهور والورود والطيور والتكوينات التجريدية الجمالية بألوان مبهرة وسطوح مصقولة لامعة متألقة مع حيوية الألوان وزهوتها شديدة الإبهار. يقودون ذلك للعودة إلى التاريخ، وفي مصرنا بالذات ذلك التاريخ القديم الذي يعود إلى بدايات عصر الفراعنة، حيث تطورت الآنية من مرحلة إلى مرحلة سواء كانت للاستخدام النفعي أو الاتحاف الجمالي، ويؤكد المتحف المصري من خلال معروضاته التاريخية كل ذلك حين نرى نماذج من تلك التحف التاريخية بجانب سائر معروضاته، كما نعرف أنه حين تكتشف إحدى مقابر الفراعنة تكتشف معها أواني كانت مرتبة بعقيدة البعث توضع فيها الأطعمة مهيئة لذلك اليوم. ربما يكون من اسباب بعض الركود في ازدهار هذا الفن الرائع اليوم تلك الظاهرة التي سادت نظام القبول في كليات الفنون المختلفة في الأعوام الأخيرة، وهو القبول بالمجموع دون اهتمام بالمواهب. ربما نكون بحاجة اليوم إلى ارسال بعثات إلى تلك الدول التي يزدهر فيها هذا الفن ويتطور باستمرار. إن قطعة الخزف التي نتجت عن إبداع فنان هي تحفة بلا شك، كما أن كثير من الأسر مازالت تعتز وتفخر بتحفة خزفية تقتنيها قبل أن تفخر بلوحة أو تمثال.