مراسم الأقصر .. خصوصية تتكامل مع الطبيعة "الأقصر" تلك المدينة التي يشهد كل ركن منها على آثار وحضارة الفراعنة ، ويأتي إليها السائحون من كل بقاع الأرض ، وهي من الناحية الفنية منبع إلهام للعديد من الفنانين المصريين من جميع الأجيال ، يهرعون إليها كلما أعلنت ريشتهم رغبتها في التعبير . محيط - رهام محمود كان فنانو مصر يذهبون لمراسم الأقصر عن طريق منح دراسية أحيانا ، أو عن طريق رحلات فردية يقوم بها بعضهم للكشف عن جماليات المكان, ولكن لوحظ قدر الإهمال الذي تعاني منه هذه المراسم حاليا حتى أنها أغلقت ، وكانت سوف تنهدم مع باقي مساكن قرية "القرنة", وانتفض الفنانون مصرون على عدم القضاء عليها ، وفي بادرة فنية منه وافق وزير الثقافة المصري الفنان فاروق حسني على تخصيص بعض هذه المساكن بالقرية لكي تكون مراسم للفنانين كما كانت سابقا.
وحول هذا الموضوع توجهت شبكة الأخبار العربية "محيط" للفنان الدكتور إبراهيم غزالة مدير مراسم الأقصر والأستاذ بكلية الفنون الجميلة جامعة المنيا, وكان لنا معه هذا الحوار: محيط: من الذي أعاد فكرة تجديد مراسم الأقصر بعد إغلاقها؟ د. غزالة: المراسم لم تغلق, لكنها كانت تابعة لكلية الفنون الجميلة بالزمالك, حيث كانت مستأجرة من الفنان سيد عبد الرسول بالأقصر, وإدارة الكلية تقاعست عن دفع الإيجارات, فآلت قانونيا هذه المرسم إلى أصحابها, وتوقفت البعثات الفنية التي كانت تذهب إلى هناك للدراسة. أثناء تهجير أهالي القرنة والبار الغربي من الأقصر, وهدم المنزل اضطراريا التي كانوا يعيشون فيها, اعترضنا نحن الفنانين على هدم تلك المنازل, لما لها من سمات فنية وشكل جمالي يتكامل مع طبيعة المنطقة الأثرية والجبلية. استجاب الوزير فاروق حسني لتك الرؤية, وكذلك الدكتور سمير فرج رئيس المجلس الأعلى بمدينة الأقصر, وقرروا تخصيص عشرين بيتا لكي يكونوا نواة لهذا المشروع؛ ولاستقبال تلك المنازل بحالتها الكائنة. محيط: من الناحية الإدارية والمالية, ما هي الجهة المسئولة عن إحياء مراسم الأقصر؟ د. غزالة: صندوق التنمية الثقافية بوزارة الثقافة. محيط: عشقك للطبيعة معروف , من رشحك للإشراف على المشروع ؟ د. غزالة: وزير الثقافة الفنان فاروق حسني. محيط: هل تشرح لنا المخطط لإعادة إحياء مراسم الأقصر ؟ د. غزالة: نحاول إبقاء تلك المنازل وتعديلها بما يتوافق لاستخدامها كمراسم للفنانين, وكذلك تنسيق المحيط العام فيما حولها؛ للاستفادة بالمنظر الطبيعي للفنان, والاستثنائي الذي تتميز به تلك المنطقة, سواء من الناحية الطبيعية أو الفنية والتاريخية.
محيط: هل هناك لائحة لترشيح الدارسين في هذا المشروع؟ د. غزالة: تمت بالفعل تشكيل لجنة أو أمانه عليا للمراسم, قامت بعمل لائحة للدراسة والإقامة بهذه المراسم, واللائحة معروضة الآن على السيد الوزير لاعتمادها. محيط: ما الشروط التي سيتم من خلالها قبول الفنانين الذين يتقدمون للالتحاق بهذا المشروع؟ د. غزالة: يتم مشاركة الفنانين في المراسم بواسطة أربع طرق, أولا: "منحة المرسم لشباب الفنانين", وهي للفنانين دون سن الثلاثين, حيث تختار اللجنة مابين 12- 15 فنان, بعد الإطلاع على أعمالهم الفنية وسيرتهم الذاتية, وكذلك وفقا للشروط والضوابط التي تضعها اللجنة, على أن يتم اختيار عملين فنيين من كل فنان استفاد من المنحة كمقتنيات لمتحف المرسم, كما سيختار عضويين من أعضاء اللجنة العليا للإشراف على مجموعة الفنانين بالمرسم. ثانيا: "الفنان المقيم –مصري أو أجنبي- " وهي للفنانين الذين تزيد أعمارهم عن سن الثلاثين "ويعفى الفنان الأجنبي من هذا الشرط", حيث يتقدم الفنان بسيرته الذاتية, وصور فوتوغرافية لنماذج من أعماله الفنية, ومبررات حاجته للاستفادة من الإقامة بالمرسم, وتختار الجنة العليا الفنان المقيم وفقا لمدى ارتباط تجربته الفنية بأهداف المرسم, وهذا على أن يقوم الفنان بإهداء أحد أعماله لمتحف المرسم. ثالثا: "ملتقى الأقصر الدولي للفنون التشكيلية", وهذه الفعالية سيقيمها المرسم سنويا تحت موضوع تطرحه اللجنة, وسيكون عدد المشاركين فيه 25 فنانا في كل دورة "خمسة فنانين عرب, وعشرة من الأجانب, وعشرة من المصريين", وسيتضمن هذا الملتقى ورشة عمل ذات صلة بموضوع الملتقى, وندوة تناقش الموضوع المطروح ومحاوره, وسيتم تكريم ثلاثة ضيوف شرف "أجنبي, عربي, مصري" من أصحاب التجارب الفنية ذات العلاقة بموضوع الملتقى, مع طبع كتالوج لأعمالهم باللغة العربية والإنجليزية. الطريقة الرابعة للالتحاق بالمشروع هي: "برنامج تنمية المهارات الفنية للهواة", فالمرسم سينظم دراسات فنية للراغبين من الهواة؛ لتدريبهم وتنمية مهاراتهم الفنية في مجالات الرسم والتصوير والجرافيك والنحت, وسيتم ذلك بمصروفات قدرها 300 جنية مصري "للمصري", وما يعادلها باليورو أو الدولار للأجنبي, ويمكن أن يعفى بعض الدارسين من المصروفات في بعض الحالات التي تستدعى ذلك, بعد العرض على اللجنة العليا, وسيتولى الأستاذ القائم بالتدريس إعداد المنهج الخاص به بالتشاور معي. محيط: ما التسهيلات التي يقدمها المرسم للفنانين؟ د. غزالة: المرسم يوفر الإقامة لجميع الفنانين المقبولين به, وسيمنح الفنان المقبول ب"منحة المرسم لشباب الفنانين" مبلغ شهري قدره 1000جنية مصري, وبدل خامات قدرها 1000جنية كل ثلاثة أشهر, كما يمنح تذكرة ذهاب وعودة للأقصر, وسيحصل الفنان في نهاية دورة إقامته ما يفيد على حصوله منحة الرسم, كما سيقام بعد نهاية كل دورة معرضا لفنانين المنحة في قاعة المرسم, وسيمتد لقاعات القاهرة والمدن الأخرى.
أما الفنان المقيم سيمنح 500 جنية مصري شهريا بدل خامات, وسيتحمل صندوق التنمية الثقافية مصاريف سفره من القاهرة إلى الأقصر والعودة لمرة واحدة, وفي ملتقى الأقصر ستصرف مكافأة للفنانين المشاركين 1000 دولار أو ما يعادلها بالجنية المصري للفنان الأجنبي , و3000 جنية مصري للفنان المصري, وسيتولى المرسم توفير الانتقالات الداخلية للفنانين, وكذلك الخامات الفنية الأساسية, كما سيعد برنامجا سياحيا وثقافيا خلال فترة الملتقى, كما سيوفر لضيوف الشرف الانتقالات الداخلية والخارجية, شاملة تذاكر الطيران ذهابا وعودة, وبالنسبة لبرنامج تنمية المهارات الفنية للهوة, سيوفر المرسم الخامات الأساسية للدارسين, كما سأقترح المكافأة الخاصة للقائمين بالتدريس, ومعاونيهم لإقرارها من اللجنة العليا. محيط: هل هناك مدة محددة لاستضافة الفنانين؟ د. غزالة: تكون المدة لمنحة المرسم من ثلاثة لستة أشهر, تبدأ قي أول أكتوبر حتى 30 مارس من كل عام, بينما يحدد الفنان المقيم المدة التي يحتاجها على ألا تقل عن شهر, ولا تزيد عن ثلاثة أشهر, كما لا يتقدم الفنان المقيم للمشاركة في المرسم إلا بعد مرور ثلاثة سنوات على مشاركته بالمسابقة, أما مدة الملتقى الدولي فستكون ثلاثة أسابيع خلال شهر أبريل من كل عام, في حين تكون مده استضافة تنمية مهارات الهواة للدراسة ثلاثة أشهر, بواقع ثلاثة أيام أسبوعيا. محيط: كم مرسم اعد حتى الآن؟ د. غزالة: ثلاثة مراسم . محيط: هل بدأت المراسم في استقبال الفنانين؟ د. غزالة: تم عمل معرض وورشة عمل لطلبة كلية الفنون الجميلة بالأقصر. محيط: كيف استقبل الفنانون إحياء هذا المشروع؟ د. غزالة: طبعا الناس سعيدة جدا بهذا المشروع, وتنتظر افتتاح المراسم بفروغ الصبر؛ ليذهب الفنانون إلى هناك. محيط: هل هناك وجه شبه بين مشروع التفرغ, ومشروع مراسم الأقصر؟ د. غزالة: ممكن, لكن مشرع التفرغ يكون الفنان حر, غير مرتبط بمكان معين, لكن بالنسبة لمراسم الأقصر لابد أن الفنان يقيم هناك. محيط: هل واجه هذا المشروع أي مشاكل؟ د. غزالة: حاليا لا يوجد أي مشاكل.
محيط: في تصورك ماذا سيثمر هذا المشروع على الساحة التشكيلية المصرية؟ د. غزالة: بالتأكيد سيكون لهذا المشرع ثمارا ونتائج إيجابية لا شك؛ لأن الفنانين سيتواجدون في الطبيعة, وفي مواقع ذات سمة فنية وتاريخية, وسيوفر المشروع كل شيء للفنان, فكل هذا سيساعد الفنان على الإبداع؛ فالإبداع يحتاج معطيات ومقومات, ونحن نهيأ المناخ الذي يساعد على الإبداع, وكون المراسم دولية فهذا سيساعد على الاحتكاك بين الفنانين المصريين وفناني الدول الأخرى, فسيتحقق نوع من الحوار وتبادل الرؤى ووجهات النظر الفنية, وسوف يتعرف الفنانون أكثر على بعضهم البعض, مما يساعد على تنشيط الحالة الفنية على مستوى الفنانين أنفسهم, ونتمنى أن يكون مرسم الأقصر مدخل أو بداية لظهور مدرسة مصرية فنية جديدة. الجدير بالذكر أن اللجنة العليا للمراسم تتشكل من عشرة أعضاء برئاسة الدكتور أحمد مجاهد مدير صندوق التنمية الثقافية, والأعضاء هم: د. إبراهيم غزالة مدير المراسم, الناقد إبراهيم عبد الملاك, د. رضا عبد الرحمن, د. صالح عبد المعطي, د. صبري منصور, د. عبد الوهاب عبد المحسن, الناقد عز الدين نجيب, د. حازم فتح الله, د. محمد طراوي, د. محمد عرابي.