سافرت للكثير من بلاد العالم "الأوروبية والعربية والإفريقية", وتأثرت بها قليلا, وساعدتها رؤيتها لحضارات البلاد المختلفة على ثقل موهبتها, إلا أننا نجد الروح المصرية تتغلغل في وجدانها, وتنطبع على لوحاتها. محيط رهام محمود نادية التطاوي فنانة مصرية لم تتلقى الفن على أيدي كبار الفنانين "كما تعودنا أن نرى", بل سارت مشوارها بمفردها, حيث مارست الفن منذ الطفولة وأنعكس على لوحاتها خبرة أربعين عاما, تخرجت في كلية الإقتصاد والعلوم السياسية, لكنها اصرت أن تخوض مجال الإبداع الفني, لتلتقي بنا في معرضها الأخير الذي أقامته بقاعة بورتيرية تحت عنوان "أصداء الجنوب", ثمرة إبدع عشرين عاما في خمسين لوحة ينبثق منها المذهب الإنطباعي الذي تأثرت به الفنانة منذ تلك السنوات. ألوانها ساخنة وضربات ريشتها جريئة وقوية لتظهر تلك التأثيرات واللمسات التي تبرز أشخاصها وتعبر عن موضوعاتها النوبية والريفية, كما يتزايد الإندماج بين الخلفية والأمامة في المجموعة اللونية داخل اللوحة الواحدة, مع السيطرة على الاحتفاظ بمعالم الشكل في العمل الفني. عبرت في اغلب لوحاتها عن الاحتفالات النوبية وطقوس الرقص والغناء, ففي لوحة نرى الرجال يقرعون الطبول, كما يظهر رجل الجنوب في لوحة أخرى وهو يرقص بالعصا, بينما يجلس آخرون يعزفون بآلاتهم الموسيقية المعروفة "الربابة, المزمار", وارادت الفنانة استخدام الألوان الساخنة في تلك اللوحات رمزا لطقس الجنوب الحار, فنرى الألوان تندرج من البيج والأصفر منتقلة إلى البني المحمر, كما تحكمت في استخدام اللون الأبيض وتحميله قدرا من النقاء رغم تسربه بين الألوان, ولم تتقيد الفنانة بالألوان الساخنة فقد بل أتقنت استخدام الألوان الباردة كالأزرق والأخضر في التعبير عن أجواء الجنوب. أما في لوحات الريف فقد احتل اللون الأصفر أغلب الأعمال, واهتمت الفنانة بالتبسيط والتأثير التجريدي في اللوحة, حيث نرى العائلة الريفية وهي تعبر عن بعد في رحلة طويلة في طريقها للعودة إلى البيت. ويختتم المشاهد جولته بين لوحات المعرض الخمسين فيستشعر وكأنه في بانوراما تحيط به في مشهد عريض يكاد يتجاوز كل آفاق الجنوب حتى يصل إلى الصحاري الممتدة من ورائها. ومن هنا وقد نجحت الفنانة في إثارة وتحريك مخيلة المتلقي بشحنات وجدانية اكسبتها تلك اللوحات في مجموعها, بينما يتسرب إلى أذن المتلقي صوت الطبول وتختلط النغمات الونية بالموسيقى النوبية. أقامت نادية التطاوي العديد من المعارض الفردية, وشاركت في معارض جماعية داخل مصر وخارجها, ولها مقتنيات في كثير من الدول, كما أنها تعرض اعمالها بصفة مستمرة في الجاليري الخاص بها.