كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية الصادرة اليوم الأحد، أن الولاياتالمتحدة لم تحرك ساكنا إزاء الوضع الانساني في سوريا منذ أن اتهم وزير خارجيتها جون كيري قبل سبعة أسابيع ديكتاتور سوريا بشار الأسد بأنه يشن "حربا لتجويع شعبه" داعيا المجتمع الدولي إلى "سرعة التحرك" لإنقاذ الشعب السوري. وقالت الصحيفة – في افتتاحيتها التي بثتها على موقعها الالكتروني: "إن مئات الآف من الشعب السوري في المناطق الخاضعة لسيطرة المتمردين يعيشون منذ شهور تحت حصار قاسي بسبب الحصار الذي تفرضه قوات الأسد ولا تسمح بدخول المواد الغذائية أو الدوائية، في حين لم تتحرك واشنطن لانقاذ الوضع رغم امتلاكها وسائل لكسر الحصار لكنها ترفض استخدامها". ونتيجة لذلك، أوضحت الصحيفة أن سوريا، ومع اشتداد فصل الشتاء، سقطت في هاوية "السيد كيري"، على حد قولها...لافتة إلى ان تقرير فاليري آموس منسقة الأممالمتحدة للشؤون الانسانية أشار الى أن 7 ملايين سوري أو نحو 40% من السكان، في حاجة ماسة إلى الغذاء والمساعدة الطبية. وحذر التقرير من أنه بحلول نهاية العام سيصل عدد اللاجئين السوريين في الدول المجاورة الى 3 مليون لاجئ، مشيرا الى أن جزء صغيرا من المحتاجين، يحصلون على مساعدة دولية. ونقلت الصحيفة عن منظمة هيومان رايتس ووتش الحقوقية القول ان ما يقرب من 290 ألف سوري في المناطق المحاصرة بالقرب من العاصمة دمشق لا تصل اليهم المساعدات الغذائية والدواء منذ أكثر من ستة أشهر، وان المواطنين هناك يعانون من النقص الحاد في الغذاء ويلقى بعضهم حتفه من قلة الرعاية الطبية بسبب الحصار. وأردفت الصحيفة تقول: "إن كيري، الذي كرس نفسه خلال الأسبوعين الماضيين للقيام بجولات مكوكية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لم يبد اهتماما يذكر بالكارثة الانسانية في سوريا" مشيرة إلى أن السياسات الأمريكية اقتصر اهتمامها على اخراج ترسانة الأسلحة الكيماوية لنظام الأسد إلى خارج البلاد والتشجيع على عقد مؤتمر للسلام حول سوريا الشهر القادم في سويسرا. إلى جانب ذلك، أكدت الصحيفة الأمريكية أن الإستراتيجية التي حظيت بدعم كيري ذات يوم وهي تعزيز الثوار المعتدلين قد انهارت، وان الولاياتالمتحدة اضطرت الآن إلى التحدث مع ائتلاف يضم الجماعات الإسلامية المتشددة في سوريا بعد أن تفوقت على الجماعات الحليفة لواشنطن، في معاركها ضد الأسد. وأضافت أن استراتيجية كيري لمؤتمر السلام تهدف إلى الاتفاق على تشكيل حكومة انتقالية بممثلين من كل الأطراف، وهو الهدف الذي بات بعيد المنال؛ حيث تفتقر القوى المعارضة المعتدلة الى النفوذ اللازم لتبني مثل هذا الاقتراح، في حين ترفض الجماعات الاسلامية والنظام السوري الفكرة برمتها". وأوضحت أن روسيا وإيران – الدولتان اللتان ساعدتا قوات الأسد في تحقيق سلسلة من الانتصارات العسكرية خلال الأشهر الأخيرة لم تبديا أي مؤشرات لسحب تأييدهما للأسد. ورأت "واشنطن بوست" أن مؤتمر السلام أصبح بمثابة "ورقة تين" لإخفاء غياب الإستراتيجية الأمريكية حيال سوريا، ومن غير المقرر أن يبدأ خلال الاسابيع الستة المقبلة بينما من المنتظر أن يموت بلا شك خلال ذلك الوقت آلاف أخرى من أبناء الشعب السوري بسبب الجوع ونقص الدواء إن لم يموتوا بسبب القصف الشعوائي لقوات النظام السوري. واختتمت الصحيفة الأمريكية مقالها بذكر أن واشنطن مازال لديها خيارات لم تستخدمها بعد؛ فهي قادرة على مطالبة روسيا بعدم عرقلة اصدار قرار أممي يأمر الأسد بالسماح بعبور قوافل الاغاثة، وذلك في مقابل عقد مؤتمر السلام والذي كان في الاساس مبادرة روسية، إلى جانب قدرتها على التهديد بشن ضربات صاروخية وجوية ضد القوات التي تفرض الحصار على المناطق الخاضعة لسيطرة المتمردين في سوريا.