سلط عدد من الصحف الأجنبية الضوء على مسودة الدستور المصرى "الجديد" ضمن تغطيتها الصحفية اليوم وأمس. يأتى ذلك بعد أن أنهت لجنة الخمسين المكلفة بإعداده مواد الدستور الجديد أعمالها، أول أمس الأحد، والموافقة على تحويله لرئيس الجمهورية المؤقت عدلي منصور، لطرحه في استفتاء شعبي. ومن المقرر أن يقوم المصريون بالتصويت على "الدستور الجديد" في الاستفتاء المزمع عقده في وقت لاحق من شهر ديسمبر الحالي، أو في يناير 2014، حيث من المفترض أن يحل محل الدستور السابق الذى تم الاستفتاء عليه فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى. يشار إلى أن المصريين منحوا ثقتهم في الاستفتاء على الدستور السابق السابق بنسبة 64 في المئة، بنسبة مشاركة 33 في المئة من الناخبين. فيما يلى استعراض لبعض ما ورد فى هذه الصحف. فوق الرقابة فى الفايننشال تايمز، كتبت "هبة صالح" مقالا عن وضع الجيش المصري في مسودة الدستور، حيث قالت إنها حصنت الجيش من رقابة المدنيين، ومنحته حق تعيين وزير الدفاع، وهو ما يجعله بعيدا عن أعين الرقابة. وأضافت صالح أن الوثيقة تسمح أيضا بمحاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، ونقلت عن خبراء قولهم إن الوثيقة الجديدة كسابقاتها تحمي مصالح الهيئات ولكنها لا تحمي حقوق الناس العاديين. وتستطرد كاتبة المقال بالقول إن التيارات العلمانية واليسارية التي ساندت الانقلاب تأمل أن يصوت الشعب لصالح الدستور الجديد في الاستفتاء المقبل بأغلبية أكبر من تلك التي حصلت عليها النسخة السابقة. ضربة موجعة أما صحيفة "وول ستريت" الأمريكية فوصفت المسودة الجديدة بأنها «ضربة موجعة» للإسلاميين، حيث قلصت من دور الشريعة الإسلامية، وإعطت للقوات المسلحة مزايا تجعلها مستقلة عن باقى مؤسسات الدولة، حسب قولها. وأكدت الصحيفة، عبر موقعها الإلكتروني، أن التغييرات الأساسية في الدستور تهدف لمنع تصاعد دور التيار الإسلامي في السياسة، فضلا عن منح الجيش وقوات الأمن سلطات موسعة. وأفادت وول ستريت أن تلك التغيرات فتحت الباب للخبراء لاتهام الدستور الحالي بالعودة إلى النظم الديكتاتورية السابقة، من حيث تقييد بعض الحريات كحرية التظاهر. وأشارت الصحيفة إلى أن الدستور الحالي يشبه إلى حد كبير دستور 1971، واصفة أياه بأنه أول من وضع أسس الاستبداد في العقود السابقة. ولم تتوقع الصحيفة أن يلبى الدستور الجديد أحلام المصريين الثورية، ويقدم لهم نموذجًا لمستقبل مغاير. الجماعة الخاسر الأكبر واتفقت مجلة "فرونت بيج" الأمريكية أيضًا مع سابقتها الوول ستريت فى أن الدستور الجديد يعد صفعة على وجه "الإسلاميين"، حيث قالت إن جماعة "الإخوان المسلمين" ستكون الخاسر الأكبر في الدستور الجديد، حيث يحظر تأسيس الأحزاب على أساس دينى، كما أنه يدعو إلى المساواة المطلقة بين الرجل و المرأة، وهى مواد جديدة اعتبرتها الصحيفة "صفعة" على وجه الإخوان المسلمين الذين حاولوا تشكيل دولة "ذات مرجعية إسلامية". وقالت المجلة إنه ليس بالأمر الغريب أن يندد الإخوان المسلمين بمشروع الدستور الجديد واصفين منة قاموا بصياغته " بالانقلابين المتعسفين" وأنهم قاموا بتشويه "الدستور الشرعي" في مصر. وأضافت أن واضعي الدستور وقيادات الحكومة المصرية المؤقتة يأملون أن يكون هناك نسبة إقبال أكبر للموافقة على الدستور من نسبة ناخبي "دستور مرسى" على حد وصفها، حيث من شآن هذا الإقبال الكبير أن يضفى الشرعية على تحرك الحكومة الحالية التي نصبت نفسها من أجل نظام "أكثر شمولا وديمقراطية". ونوهت المجلة أنه ما تزال المسألة مفتوحة بشآن ما إذا كانت الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية ستعقد أولاً، وأضافت ربما يكون ذلك لإتاحة الفرصة للفريق السيسى، وزير الدفاع المصرى، لخوض الانتخابات الرئاسية وتدعيم نفوذه في وقت مبكر قبل الانتخابات البرلمانية المثيرة للجدل والتي تستغرق الكثير من الوقت. واختتمت "فرونت بيج" مقالها بأن مسودة الدستور المصري الجديد حتى وإن لم تكن كاملة، فإنها تمثل تحسنا عن الدستور الذي دعمته جماعة الإخوان المسلمين، حيث أنها صيغت بمشاركة أكثر شمولا، على حد قولها. وأضافت المجلة أن الدستور الجديد يعد اختيارًا بين نظام علماني أكثر شمولا ولكن بسلطة ملتزمة بمحاربة "الإرهاب"، كما أنه يضمن التعاطى مع المعاهدات الدولية في مقابل نظم "جهادية استبدادية" تغض البصر عن "العنف"، على حد تعبيرها. التوحد ضد الدستور من جانبها، قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إن "النفوذ" الذي منحه الدستور المصري الجديد للجيش سيؤدي إلى التحام التيارات الليبرالية والعلمانية مع تظاهرات الإخوان لتعطيله، حسب قولها. وأضافت الصحيفة، عبر موقعها الإلكتروني، أن الدستور الجديد يعطي الأولوية للحقوق السياسية والشخصية أكثر من غيره من الدساتير السابقة، على الرغم من كونه يمنح الجيش السلطة في تعيين وزير الدفاع، مؤكدة أنه سيتسبب في جدل واسع في الفترة القادمة. وأشارت إلى إن أنصار تنظيم الإخوان المسلمين سيستمرون في تظاهراتهم أملا في تعطيل هذا الدستور الجديد. رئيس قوى واعتبرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، أن مسودة الدستور المصري الجديدة تعفي الجيش من الرقابة المدنية وتعطيه حق تحديد وزير الدفاع، كما أنها تخفف كثيرًا من المواد ذات الصلة بالشريعة الإسلامية التي شملها الدستور السابق. وأضافت الصحيفة، عبر موقعها الإلكتروني، أن أهم تغيير في وضع الجيش في ظل الدستور الجديد هو أنه على مدى السنوات الثمانية المقبلة - أي ما يعادل فترتين رئاسيتين – فإن المجلس العسكرى سيكون له الحق في اختيار وزير الدفاع. وترى الصحيفة، أنه من الناحية النظرية، فإن الدستور الجديد يمنح المواطنين المصريين حقوقًا أقوى من سابقه. وأوضحت الصحيفة إلى أن مسودة الدستور لم تحدد موعد عقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وأيهما قبل الآخر. وأشارت إلى أن بعض المراقبين تكهن من أن هذا التغيير؛ نتيجة لضغوط من الجيش والأجهزة الأمنية لضمان اختيار رئيس "قوي" قبيل الانتخابات البرلمانية، والتي منالمرجح أن تؤدي إلى انقسامات. وأشارت الصحيفة إلى اعتقاد الكثير من المصريين أن وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي سيترشح للرئاسة، مضيفة أنه من المرجح أن يفوز بأصوات الناخبين الذين يحرصون على رجل "قوي" لاستعادة النظام بعد ثلاث سنوات من الاضطرابات. من جانبها، قالت هدى الصدة، أستاذة الأدب الإنجليزي للصحيفة، إن استمرار المحاكمات العسكرية للمدنيين هي "المعركة الرئيسية" التي فقدها أولئك الذين يسعون إلى تعزيز الحقوق المدنية، بالرغم من تفاؤلهم. وترى الصدة أن الدساتير تعكس الواقع وتوازن السلطة في المجتمع "ولقد خسرنا هذه المعركة ولكن فزنا بآخري"، منوهة إلى أن هناك أشياء في هذا الدستور ستساعدنا على مواصلة العمل "بمزيد من الحريات" . وبحسب الصحيفة، يرى خبراء آخرون أنه بالرغم من أن الدستور الجديد يحمي مصالح مؤسسات الدولة القوية إلا أنه فشل في توفير ضمانات كافية لحماية حقوق الناس العاديين. وقال زيد العلي، الخبير في المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية، وهي منظمة حكومية دولية، إن وضع الحقوق، وخاصة الاقتصادية والاجتماعية أفضل من دستور العام الماضي ولكن لا توجد آليات لتعزيزها، زاعما أن النظام "غير كامل" من البداية. الأفضل للجيش وأكدت صحيفة "ساينس مونيتور" على ما ذهبت إليه غالبية الصحف الأجنبية من أن دستور مصر الجديد «الأفضل» ولكن للجيش. وقالت إن مشروع الدستور الجديد من شأنه الحفاظ على امتيازات الجيش والقضاء على الكثير من الامتيازات التي كان يتمتع بها الإسلاميون في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي. ورأت الصحيفة، في تقرير لها نشر أمس الإثنين، أن الدستور المقترح حديثًا يعد "الأفضل" للجيش وهو يتيح للمجلس الأعلى للقوات المسلحة اتخاذ قرار من يشغل منصب وزير الدفاع الذي من شأنه أن يخدم لمدة ثماني سنوات بعد التصديق على الدستور الجديد. وأضافت أن اعتماد دستور جديد هو علامة على خطوة كبيرة لعملية "الانتقال إلى الديمقراطية" التي تم الإعلان عنها في وقت سابق بعد "الانقلاب" الذي أطاح بمرسي في أوائل يوليو الماضي. ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن كتابة الدستور تزامن مع "الحملة الوحشية" التي تشنها السلطات المصرية على جماعة الإخوان ومؤيديها، حيث تم اعتقال الآلاف واحتجازهم، بالإضافة عقوبات قاسية بالسجن. وأبرزت صحيفة "حوريت" التركية، رفض جماعة "الإخوان المسلمين" الدستور الجديد، وقولهم إن لجنة الخمسين شوهت دستور البلاد الشرعي. وقالت الصحيفة، إن المادة الأكثر جدلا والتي وافقت عليها اللجنة هي"إنه لا يمكن محاكمة أي مدني محاكمه عسكرية باستثناء جرائم هجمات مباشرة على القوات المسلحة، أو المنشآت العسكرية والأفراد العسكريين". مسار الديمقراطية ونقل موقع قناة "بلومبرج" الأمريكية عن أحمد عزت، مدير الوحدة القانونية لمؤسسة حرية التعبير عن الرأي والفكر بالقاهرة، أن المواد التي تم التصديق عليها في الدستور الجديد تعطي سلطات مطلقة للمؤسسة العسكرية على الحكومة المنتخبة، حسب قوله، مضيفًا أن: "هذه المواد تثبت أن الجيش لا يزال لديه السيطرة على مسار الديمقراطية في البلاد". وأضاف عزت: "إن التسرع في التصويت على الدستور الذي يدعم هذا القدر الكبير من انتهاكات حقوق الإنسان – حسبما زعمه – بما في ذلك سقوط المئات من القتلى وعشرات المئات من المعتقلين الآخرين، سيؤدي بدوره إلى دستور لا يرتقي إلى تلبية طموحات الشعب المصري. دولة داخل الدولة من ناحية أخرى، كشفت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الأمريكية، عن أن السبب الخفي وراء التظاهرات الأيام القليلة الماضية في مصر هو عدم رضا النشطاء الحقوقيين عن بعض بنود مسودة الدستور المنتظر التصويت عليه قريبا. ونقلت الصحيفة، عبر موقعها الإلكتروني، عن نشطاء أن بعض بنود الدستور قد تفتح الباب أمام الجيش ليكون له سلطات هائلة وتجعل منه "دولة داخل الدولة". وأشارت الصحيفة إلى أن التظاهرات التي قام بها آلاف الطلاب المصريين أمس الأحد، أكدت وحدة الليبراليين والإسلاميين ضد الحكومة المؤقتة. ونوهت الصحيفة إلى حملة الاعتقالات الهائلة التي تضمنت نشطاء علمانيين ما دفع الفصائل العلمانية للشعور بالغضب تجاه الحكومة الحالية، مشيرة إلى اعتقال الناشط علاء عبد الفتاح وتجديد حبسه. وقالت الصحيفة، إن النشطاء العلمانيين الذين أيدوا الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي، تجمعهم الآن نفس مشاعر الغضب تجاه الحكومة الحالية، الأمر الذي ظهر خلال مظاهرات الأسبوع الماضي ضد قوات الأمن. خطوة أولى واهتمت الصحف الفرنسية، أمس الاثنين، بإقرار أعضاء لجنة الخمسين لمسودة الدستور الجديد لمصر في مرحلة ما بعد "ثورة ثلاثين يونيو". واعتبرت صحيفة (لوموند) اليومية أن الموافقة على نص الدستور يعد "الخطوة الأولى" في تنفيذ خارطة الطريق التي وضعها "الجيش المصري" من أجل "التحول الديمقراطي" بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي. وأضافت لوموند أن اللجنة الدستورية رفضت مشروع مادة تحدد جدولا زمنيا لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية.. مشيرة إلى أن المادة المعدلة تنص على أن تجرى الانتخابات الأولى بعد ثلاثين يوما على الأقل من اعتماد الدستور وبوعد أقصاه تسعين يوما، على أن تجرى الانتخابات التالية في غضون ستة أشهر بعد الاستفتاء". واعتبرت "لوموند" أن هذا الأمر يفتح الطريق أمام تغيير الجدول الزمني للانتخابات، وهو ما يتعارض مع خارطة الطريق. ومن ناحيتها، تناولت إذاعة "فرنسا الدولية" في تقرير لها أمس إقرار مسودة الدستور من قبل لجنة الخمسين.. مشيرة إلى أن نص الدستور يتضمن تعديلا جديدا يسمح بإجراء الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية عكس ما تضمنت خارطة الطريق التي أقرت أنه يتعين إجراء الانتخابات البرلمانية قبل انتخابات الرئاسة"مما يشير إلى حدوث تغيير في خارطة الطريق التي أعلنها الجيش".