اختتم مؤخرا مؤتمر الأثريين العرب والذي عقد بمدينة شرم الشيخ المصرية . شمل المؤتمر توصيات عديدة لحفظ التراث العربي، وتضمنت أبحاثا عديدة رائدة، ومنها دراسة "النيل والمصريون" المقدمة من الدكتورة عفاف الأتربي، وأكدت خلالها أن قدماء المصريين شكلوا أول حكومة وجيش منظم فى التاريخ وكان النيل هو ما دفعهم للعمل بروح الفريق والبحث عن شكل إدارى لمواجهة خطر الفيضان وتنظيم الزراعة والتى كانت عصب الحياة فمنها صنعوا الحبال والمكيال والنول والفأس والمنجل والمغازل والكتان وأوراق البردى وعرفوا الحبر والأقلام واخترعوا الكتابة . أما ورقة الدكتور خالد شوقى البسيونى الأستاذ المساعد بجامعة قناة السويس فعنوانها " شعر الغزل والغرام فى مصر القديمة" أكد من خلالها أن قدماء المصريين أول من كتبوا أشعار الغزل والغرام فى التاريخ وقد عرفت مصر القديمة أنماطاً متنوعة وأجناساً مختلفة من الأدب مثل أدب السير الذاتية والتراجم الشخصية وأدب الحكمة وهو أدب التربية والتعليم والأدب الإصلاحى والتهذيبى الذى ظهر على يد من أطلق عليهم اسم الأنبياء الاجتماعيون مثل الحكيم بتاح حوتب والحكيم آنى والحكيم أمنؤبى وقد شمل الأدب المصرى القديم أدب القصة مثل بردية الملاح الغريق وبردية القروى الفصيح وبردية سنوهى وبردية الأمير المسحور وبردية الأخوين وفى مقدمة هذا بردية خوفو والسحرة وأدب الرسائل والخطابات الملكية مثل رسائل تل العمارنة والدبلوماسية فى مصر القديمة والأدب الدينى والجنائزى وقد ظهر فى الدولة الحديثة نمط جديد من الأدب فى سياق الوثائق الكتابية والنصية وهو شعر الغزل والغرام من قصائد عاطفية ووجدانية مما يعكس تطور الحياة الاجتماعية والثقافية والفكرية فى عصر الدولة الحديثة والتطور الطبقى بمعناه الحضارى وتعتبر بردية شستر بيتى النموذج الأمثل الذى يعكس هذا النوع من الشعر فى مجال الحب والغرام والمشاعر الحميمة مما ينفى صفة الجمود والجنائزية ومظاهر الميلودراما فى مجمل الحياة المصرية القديمة (حياة القصور والترف فى أحياء العواصم الكبرى فى طيبة وتل العمارنة ) وهناك نماذج من الشعر المصرى القديمة فى ترنيمة نفتيس إلى أوزوريس أحضر توا يا سيدى يا من ذهبت بعيداً - أحضرلكى تفعل ما كنت تحبه تحت الأشجار لقد أخذت قلبى بعيداً عنى آلاف الأميال – معك أنت فقط أرغب فى فعل ما أحب إذا كنت قد ذهبت إلى بلد الخلود – فسوف أصحبك فأنا أخشى أن يقتلنى طيفون ( الشيطان ست ) – لقد أتيت هنا من أجل حبى لك – فلتحرر جسدى من حبك ومن قصيدة إيزيس العاشقة الأولى : النداء الأبدى لأوزوريس بردية برلين رقم 3008 تعالى نحو بيتك تعالى إلى بيتك – أنت يا من لا أعداء له – أيها الشاب الجميل الطلعة تعالى بيتك لكى ترانى– لا تفترق عنى أبداً – أنا لا أراك – ولكن قلبى يتطلع للقياك وعيونى تبحث عنك – تعالى يا من توقف قلبه عن الخفقان – أننى أناديك ويرج صراخى أجواء السماء – ولكنك لا تسمع صوتى – أنت لم تحب إمرأة أخرى سواى ومن قصيدة العاشقة العذراء الغزل العفيف عن بردية شستربيتى تشبه أغنية ( يا اما القمر على الباب) لقد أثار حبيبى قلبى بصوته – وتركنى فريسة لقلقى وتلهفى – أنه يسكن قريباً من بيت والدتى – ومع ذلك فلا أعرف كيف أذهب نحوه – ربما تستطيع أمى أن تتصرف حيال ذلك – ويجب أن أتحدث معها وأبوح لها – أنه لا يعلم برغبتى فى أن آخذه بين أحضانى – ولا يعرف بما دفعنى للإفصاح بسرى لأمى – إن قلبى يسرع فى دقاته عندما أفكر فى حبى – أنه ينتفض فى مكانه لقد أصبحت لا أعرف كيف أرتدى ملابسى – ولا أضع المساحيق حول عينى ولا أتعطر أبداّ بالروائح الذكية