أعلنت منظمة الصحة العالمية أنه ولأول مرة انخفضت الإصابات السنوية الناجمة عن السل، كما أظهرت البيانات الجديدة، أن عدد الوفيات الناجمة عن هذا المرض تراجعت إلى أدنى مستوياتها منذ عشرة أعوام، إلا أن هذا التقدم معرض للخطر بسبب نقص التمويل. وبحسب البيانات التى نشرت مؤخرا فى تقرير المنظمة الخاص بمكافحة السل في العالم لعام 2011، انخفض عدد إصابات السل إلى 8و8 مليون حالة فى عام 2010، بعد بلوغه مستوى الذروة في عام 2005، حيث كان يناهز 9 ملايين حالة ، كما انخفضت وفيات السل إلى 4و1 مليون وفاة في عام 2010، بعد بلوغها 8و1 مليون وفاة عام 2003.
إلا أن التقرير أشار إلى أن التقدم الراهن معرض للخطر بسبب نقص التمويل لاسيما الجهود التي تبذل من أجل مكافحة السل المقاوم للأدوية المتعددة.
وبينما شهد الإنفاق المحلى المخصص لمكافحة السل زيادة في جميع أنحاء العالم، ومن المتوقع أن تبلغ 86\% في عام 2012، إلا أن معظم البلدان المنخفضة الدخل مازالت تعتمد، بشدة، على التمويل الخارجي، وقد أبلغت البلدان، إجمالا، عن عجز تمويلى قدره مليار دولار ينبغى سده حتى لتمكن من تنفيذ برامج مكافحة السل في عام 2012.
وقال بان كي مون، أمين عام الأممالمتحدة، "هناك انخفاض في وفيات السل وإصاباته وذلك يمثل تقدما كبيرا، ولكنه ليس مدعاة للرضا"، واضاف "الكثير ما زالوا يصابون بالسل كل عام، والكثير يقضون نحبهم بسببه، وعليه أحث على تقديم دعم مهم ومتواصل لأنشطة الوقاية من السل ورعاية مرضاه، لاسيما لفائدة أشد سكان العالم فقرا وأكثرهم عرضة للخطر".
وأوضح التقرير أن معدل وفيات السل قد تراجع بنسبة 40\% في الفترة بين عامي 1990 و2010، وباتت جميع المناطق، باستثناء القارة الأفريقية، على الطريق لتحقيق انخفاض بنسبة 50\% في معدل تلك الوفيات بحلول عام 2015.
وقد أحرز قسط كبير من التقدم المبلغ عنه اليوم بفضل الجهود التي تبذل على نطاق واسع في عدد كبير من البلدان، مثل كينيا وتنزانيا، حيث تشير التقديرات إلى أن عبء السل شهد، في هذين البلدين الأفريقيين، انخفاضا خلال السنوات العشر الماضية بعد بلوغه مستوى الذروة من جراء وباء الإيدز.
وقد أبلغت البرازيل عن تراجع كبير ومستمر في عبء السل منذ عام 1990، أما الصين فقد أحرزت تقدما هائلا في هذا المجال، حيث شهد معدل وفيات السل في الفترة بين عامي 1990 و2010، انخفاضا بنحو 80\%، أى من 000و216 وفاة في عام 1990 إلى 000و55 وفاة في عام 2010.
كما شهدت معدلات انتشار السل- في الفترة ذاتها- تراجعا بنسبة النصف، أي من 215 حالة إلى 108 حالات لكل 000و100 شخص.
وقالت مارغريت تشان، المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية، "إن الدور القيادي القوي والتمويل المحلى، والدعم الذى قدمته الجهات المانحة، من الأمور التى بدأت تحدث الفارق في مكافحة السل في كثير من البلدان"، مضيفة "إن التحدي المطروح حاليا هو الاستناد على ذلك الالتزام وتعزيز الجهود العالمية، وتوجيه اهتمام خاص للخطر المتنامى الذى يشكله السل المقاوم للأدوية المتعددة".
ولأن مرض السل من الأمراض المنتشرة فى معظم دول العالم ، وفى محاولة جديدة للقضاء عليه أعلنت منظمة الصحة العالمية أنها أقرت خطة عالمية للقضاء على داء السل (2011 - 2015) بتكلفة تصل إلى 37 مليار دولار ، وناشدت المنظمة الدولية الدول المانحة الاسراع فى تسديد إلتزاماتها المالية لسد العجز المالى الذى يقدر بنحو 14 مليار دولار حتى تتمكن من تنفيذ الخطة .
وكانت منظمة الصحة العالمية قد اعتمدت فى ديسمبر الماضى نوعا سريعا من فحص السل، والذي قالت إنه يمثل انجازا كبيرا في تشخيص المرض وتوفير العناية بتقديم تشخيص دقيق في نحو 100 دقيقة مقارنة بالفحوصات السابقة التي قد تستغرق ثلاثة أشهر.
وقال الدكتور ماريو رافيغليوني، مدير إدارة دحر السل بمنظمة الصحة العالمية، "هذا الاختبار يحدث الآن ثورة في مجال تشخيص السل، وقد بلغ عدد البلدان التي تستخدم ذلك الاختبار 26 بلدا بعد ستة أشهر من اعتماده ومن المتوقع حصول ما لا يقل عن عشرة بلدان أخرى عليه بحلول أواخر عام 2011".
وأضاف "ولكن يجب أن يكون الوعد بتشخيص المرض مساويا للالتزام بعلاج جميع الحالات التي تكتشف، فمن العار أن يترك المرضى الذين يشخص المرض لديهم بدون علاج".
يأتى هذا فى الوقت الذى حذرت فيه منظمة الصحة فى سبتمبر الماضى من ان أشكالا من مرض السل المقاوم للعقاقير تنتشر بمعدل ينذر بالخطر فى أوروبا وستقتل الاف الاشخاص ما لم توقف السلطات الصحية هذا الوباء. ومع اطلاق خطة اقليمية جديدة لرصد المرض المعدى التى ينتقل عبر الهواء وتشخيصه وعلاجه بشكل أكثر فعالية حذرت سوزانا جاكاب المديرة الاقليمية لمنظمة الصحة العالمية في منطقة أوروبا من أن الرضا الذاتى سمح بعودة مرض السل وأن الفشل في معالجته الان سيعنى خسائر بشرية وتكاليف اقتصادية هائلة فى المستقبل ، وقالت جاكاب "السل مرض قديم ولم يتوقف قط والان يتطور بشراسة."
والسل وباء عالمي يقتل نحو 7و1 مليون شخص سنويا، ويحدث المرض بسبب جرثومة السل المتفطرة ويدمر أنسجة رئة المرضى مما يجعلهم يسعلون البكتيريا التي تنتشر عن طريق الهواء ويمكن ان يستنشقها اخرون. وتنتشر حالات السل المقاوم للعقاقير المتعددة والمقاوم للعقاقير على نطاق واسع -حيث تقاوم العدوى الخط الاول ثم الخط الثانى من العلاجات بالمضادات الحيوية- بشكل سريع مع اصابة 440 ألف مريض كل عام فى انحاء العالم .
وبحسب منظمة الصحة العالمية وشراكة القضاء على السل هناك 15 دولة من 27 دولة تحمل العبء الاكبر لحالات السل المقاومة للعقاقير المتعددة فى المنطقة الاوروبية لمنظمة الصحة العالمية التي تضم 53 دولة في أوروبا واسيا الوسطى.
ويصاب أكثر من 80 الف شخص بالسل المقاوم للعقاقير على نطاق واسع فى المنطقة كل عام أو حوالي خمس اجمالي الاصابات في العالم ، وقالت منظمة الصحة العالمية ان الرقم الدقيق لحالات السل المقاوم للعقاقير على نطاق واسع غير متوفر لان معظم الدول تفتقر الى مرافق التشخيص لكن الحالات التي تسجل رسميا زادت بمقدار ستة أضعاف بين عامي 2008 و 2009.
وحتى علاج السل العادى عملية طويلة ومزعجة حيث يحتاج المرضى الى مجموعة من المضادات الحيوية القوية لمدة ستة أشهر، ويفشل العديد من المرضى في اكمال العلاج بشكل صحيح وهو عامل أسهم في زيادة أشكال المرض المقاومة للادوية.
وتؤكد خطة عمل منظمة الصحة العالمية لمكافحة السل على حاجة الاطباء والمرضى الى أن يكونوا أكثر وعيا بالمرض وأعراضه من أجل تشخيص وعلاج الحالات على وجه السرعة بالعقاقير الصحيحة ومتابعة المرضى على مدى عدة أشهر أو سنوات للتأكد من أنهم يواظبون على اخذ الادوية.
والسل او الدرن الرئوى من الأمراض المعدية ويظل مشكلة صحية عالمية، فهو مرض شائع شديد العدوى وينتقل عبر الهواء.. ومع تزايد حركة السفر والعولمة، فإن الجميع عرضة لالتقاط المرض، حتى الدول المتطورة لم تعد بمنأى عنه.
ووفقا لاحصائيات الصحة العالمية كل 20 ثانية يفتك السل بشخص ما حول العالم ، وهناك مليارا شخص، أى حوالى ثلث سكان العالم، يحملون البكتيريا المسببة للمرض ، وواحد من بين كل عشرة من هؤلاء ستتطور حالتهم في مرحلة لاحقة للإصابة بالسل النشط . وتؤكد تقارير الصحة العالمية انه فى حال إهمال علاج المرض، يمكن لشخص مصاب بالسل إصابة ما بين عشرة إلى 15 شخصا بالمرض سنويا ،كما يعد السل القاتل الأول للأشخاص المصابين بفيروس الأيدز حول العالم ، و حملت الهند عبء أكبر عدد من الحالات الجديدة المصابة بالسل تليها الصين وإندونيسيا وجنوب أفريقيا ونيجيريا.
ويقول خبراء الصحة إن السل، فى حد ذاته، مرض قابل للعلاج، إلا أن سوء استخدام العقاقير المعالجة له، أفرز نوعيات شرسة منه ، وأشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن العلاج لمرض السل التقليدي لا تتعدى تكلفته 20 دولارا فى الدول النامية، إلا أنه ليس هناك تمويل كاف لمواجهة المرض المرتبط بقوة بالفقر.
بشكل عام يجب على الحكومات ان تضع اولوية السيطرة على الدرن بدلا من الوقاية لانه مرض معدى و تتم الوقاية منه بالسيطرة على الحالات المصابة النشطة .