دعت الأوضاع المتفاقمة بين السودان، ودولة جنوب السودان بشأن منطقة «أبيي» الحدودية المتنازع عليها إلى عقد قمة بين الرئيسان عمر البشير و سلفاكير ميارديت، يوم الثلاثاء الماضي، في ثاني زيارة للبشير إلى جوبا منذ انفصال الدولة الجنوبية في يوليو 2011. واتفق الطرفان على بدء فتح معابر حدودية بين البلدين بعد تحديد النقطة الصفرية الحدودية وإنشاء منطقة عازلة في الجانبين. مصير أبيي وناقش البشير وسلفاكير، أهمية تكوين مجلس إداري وتشريعي لمنطقة أبيي الحدودية المتنازع عليها، التي شهدت عدة اشتباكات بين قوات السودان وجنوب السودان وينتشر فيها حوالي أربعة آلاف عنصر أممي. ويشكل وضع منطقة أبيي، التي توازي مساحة لبنان وتقع بين السودان وجنوب السودان، إحدى نقاط الخلاف الرئيسية التي لم يعالجها اتفاق السلام الشامل المبرم عام 2005 لإنهاء الحرب الأهلية الذي أدى إلى انفصال الجنوب. وأرجئ الاستقاء -الذي ينص عليه اتفاق السلام- بشأن تقرير مصير أبيي أكثر من مرة بسبب خلاف بين الخرطوموجوبا على الكتلة الناخبة التي يحق لها التصويت في الاستفتاء. وفي السياق ذاته، بحثت قمة البشير وسلفاكير قرارات الاتحاد الأفريقي ذات الصلة بالبلدين، إلى جانب ملفات تتعلق بالتبادل التجاري والاقتصادي وحركة البترول والقضايا الأمنية. في مطلع سبتمبر الماضي زار سلفاكير الخرطوم ليعود السودان عن إمكانية قطعه تدفق نفط الجنوب عبر أنابيبه عملا بتهديداته للجنوب لاتهامه بدعم مجموعات مسلحة على أراضي الشمال. وطالب البيان المشترك الذي صدر في ختام مباحثات الدولتين على مستوى القمة بالإسراع في إنشاء إدارة وقوة شرطة ومجلس تشريعي لمنطقة أبيي الغنية بالنفط والمتنازع عليها، والتأكيد على أن تسدد نسبة ال2% المخصصة للمنطقة من عائدات النفط المنتج فيها. ويشكل وضع منطقة أبيي إحدى نقاط الخلاف الرئيسية التي لم يعالجها اتفاق السلام الشامل المبرم عام 2005 لإنهاء الحرب الأهلية التي أدت إلى انفصال الجنوب. وأرجئ الاستفتاء -الذي ينص عليه اتفاق السلام- بشأن تقرير مصير أبيي أكثر من مرة بسبب خلاف بين الخرطوموجوبا على الكتلة الناخبة التي يحق لها التصويت في الاستفتاء. غير أن زعماء من قبيلة الدينكا نقوك الموالية لجنوب السودان قرروا إجراء استفتاء الأسبوع المقبل لتحديد مصير منطقة أبيي، رغم إعلان الخرطوموجوبا مسبقا أنهما لن تعترفا بنتيجة هذا الاستفتاء. وبينما أعرب الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة عن قلقهما بشأن هذا الاستفتاء، أفاد دبلوماسي غربي -وفق وكالة الصحافة الفرنسية- بأنه "ليس من حل منظور على المدى الطويل" لملف أبيي حيث ينتشر 4000 عنصر أممي. ومن القضايا التي اتفق بشأنها الطرفان الاستمرار والتحرك لإعفاء الديون، ودعم التنمية بالبلدين، والبدء الفوري في التنسيق للإدارة المتكاملة للحدود لتكون جسرا للتواصل وتبادل المنافع، وفق البيان المشترك. كما أكد البيان على أهمية تعزيز التعاون بين المصرفين المركزيين والقطاع المصرفي في البلدين وتسريع عمل اللجان المشتركة ومراقبة وتصدير النفط وتنظيم مؤتمر بالولايات الحدودية في البلدين منتصف ديسمبر/كانون الأول. قضايا عالقة اتفق الرئيسان البشير و سلفاكير على جملة من القضايا العالقة بين البلدين، منها التعجيل بتحديد الخط الصفري بين البلدين لإنشاء منطقة منزوعة السلاح، والإسراع بإنشاء السلطة الإدارية بمنطقة أبيي، فضلا عن قضايا أخرى حدودية واقتصادية. واتفق الطرفان كذلك على الإسراع في فتح المعابر الحدودية وتنظيم مؤتمر للولايات الحدودية في البلدين لتعزيز التعاون المشترك بين الجانبين. ووصف البشير اللقاء مع سلفاكير بالمثمر والأخوية، مؤكدا أنهما سيقومان بكل ما بوسعهما لإيجاد حلول لكل المسائل العالقة بين البلدين، مشيرا إلى أن زيارة سلفاكير للخرطوم في سبتمبر الماضي كانت "ناجحة وبداية حقيقية لانطلاقة العلاقات وفتح صفحة جديدة بين السودانيين". من جانبه، اعتبر وزير الخارجية السوداني علي أحمد كرتي في تصريح لوكالة الأنباء السودانية أن "المحادثات بين الرئيسين تكفي لإبعاد المخاوف من أن يسيء ملف أبيي إلى العلاقات التي تشهد تقدما بين البلدين". يشار إلى أن جنوب السودان دولة لا منفذ لها على البحر، وقد حصلت على 75% من الاحتياطي النفطي عند التقسيم في يوليو 2011، ولكن هذا النفط لا يمكنها تصديره إلا عبر أراضي الشمال. وكان البشير وافق في قمة سبتمبر الماضي على عدم وقف تدفق نفط الجنوب عبر أراضيه حيث موانئ التصدير، فضلا عن تعهده في تلك القمة بتطبيق كل الاتفاقات المبرمة بين البلدين. وبدأ البلدان في مارس 2012 تطبيق تسعة اتفاقات تشمل منطقة عازلة منزوعة السلاح على طول الحدود بين البلدين التي لم يتم ترسيمها بعد، وسمحت هذه الاتفاقات أيضا باستئناف نقل النفط من جنوب السودان إلى الشمال وحرية تنقل الأفراد والسلع. ويتبادل البلدان الاتهامات بدعم المتمردين على جانبي الحدود، وهو ما تنفيه العاصمتان لكنه حقيقي بحسب مراقبين، كما أن منطقة أبيي المتنازع عليها بين البلدين تشكل مصدر توتر آخر بين الخرطوموجوبا.