تحت عنوان "ثقافة مصر في المواجهة" وبمبادرة من جموع المثقفين المشاركين بالاعتصام المفتوح الذي جرى قبل 30 يونيو الماضي في ساحة وزارة الثقافة لإسقاط نظام الإخوان المسلمين، انطلق صباح اليوم مؤتمر حاشد احتضنت جلساته الافتتاحية دار الأوبرا المصرية . حضر المؤتمر الدكتور محمد صابر عرب ليس بصفته وزيرا للثقافة وإنما كنائب عن رئيس الحكومة الدكتور حازم الببلاوي، والذي حيا المثقفين ونقل استعداد الحكومة لتحقيق مطالب المثقفين لإعادة الريادة الثقافية لمصر وتأكيد هويتها بعيدا عن محاولات فصيل إسلامي سلب المصريين وعيهم وإعادتهم لما وصفه الوزير ب"زمبيل القرون الهجرية الأولى" . وقد فوجيء الوزير بهتافات عدد من الكتاب بينهم سعدني السلاموني وهناء عطية واللذان قالا بفساد الوزارة والوزير ، فيما أكد عدد من الحضور أنهم جاءوا لإفساد المؤتمر بسبب حرمانهم من النشر على نفقة الدولة . المؤتمر رغم ذلك تابع افتتاحه ، وقال الوزير أنه يحترم معارضيه ومؤيديه على السواء ، وقال أن مصر يجب أن تتمسك بهويتها المعتدلة التي قاد مسيرتها الأزهر، وأكد أن جماعة الإخوان كانت تشكل خطرا بالغا على هوية مصر، داعيا لوقفة حداد على أرواح شهداء الجيش والشرطة اللذين قضوا أثناء تأدية واجبهم بتأمين الوطن . من جهة أخرى أعلن وزير الثقافة تحمل الحكومة الحالية المسئولية التي تتناسب ودورها لإعادة مصر لريادتها بعد المد الثاني من الثورة في 30 يونيو، مضيفا أنه يقوم بافتتاح عدد كبير من قصور الثقافة لنشر التنوير وبالأخص في قرى الصعيد المصري، وقد دعا مشاهير الكتاب للتواجد بنشاطات تلك القصور لإعادة تنشيط العمل الثقافي بعيدا عن القاهرة . وأشار "عرب" لتشكيل لجنة حكومية من الوزارات المعنية لبحث أزمة السينما ولجنة أخرى لبحث أزمة العقل المصري بمشاركة وزارات التعليم والشباب والثقافة وغيرها ، معتبرا أن العمل الثقافي لن يكتب له النجاح طالما المدرسة مجرد مبنى للحفظ والتلقين وليس الابتكار والتفكير. وقد حمل المؤتمر تساؤلات حول الثقافة المستقلة، الرقابة وحقوق المبدعين ، الثورة بمؤسسات وزارة الثقافة ، الثقافة الجماهيرية كنز الوطن المهدور وأخيرا هوية مصر الثقافة ودور المثقفين لتأكيدها. من جانبه أكد المخرج مجدي أحمد علي، منسق أعمال المؤتمر، أن الوزارة لم تشارك في المؤتمر إلا بتوفير الأماكن ورفع التوصيات لمجلس الوزراء لتفعيلها، ولكنها ليست مشاركة بمضمون المؤتمر وبالتالي جاء على نحو أكثر تحررا ، وأضاف أن المثقفين المعتصمين بالوزارة سابقا شاركوا بالمؤتمر بشكل تطوعي بالكامل . أما الأديب البارز بهاء طاهر رئيس شرف المؤتمر، فأكد أن التيارات الظلامية تقوم بما قام به المستعمر العثماني قديما، حين ارتدى عباءة الدين ليخفي وجهه المستبد، وطيلة قرون طويلة حمل المثقف المصري هم استعادة الأرض السليبة ، والهوية الضائعة بفعل الاستعمار، وتحرير المرأة المكبلة ، وتحديث البلاد وإزاحة طبقات الجهل والتطرف عنها، ودفع فاتورة ذلك المثقفون قتلا وتشريدا وسجنا . وفي كلمتها التي تمتعت بالجرأة ، أكدت الروائية والأكاديمية سحر الموجي، أن الثورة تحتاج قدرا من الجنون؛ بمعنى الخروج عن التفكير التقليدي، وأن وزارة الثقافة التي كانت وزارة للإرشاد القومي في الخمسينات وبداية الستينات ، ظلت تمارس نفس الدور حتى بعد أن أزيحت عنها فكرة الإرشاد، فالوزارة لا تقوم بالتنوير وتشارك بالتعتيم ، وتتجاهل ذلك الحراك الثقافي المستقل الذي انطلق إبان ثورة يناير وقبلها من منظمات المجتمع المدني ومن أشكاله الجرافيتي والمسرح الحر والمكتبات وغيرها، والتي ساهمت جميعا في رفع وعي المواطن العادي الذي يأس من الوزارة الحكومية . وبناء عليه دعت "الموجي" الوزارة للحاق بركب العمل المدني عبر تحرير أنشطتها من فكرة التوجيه للرأي العام لما تريده السلطة . كما دعت الموجي وزارة الثقافة لتيسير الفعل الثقافي بدلا من إنتاجه وحدها، وكسر مركزية الثقافة بالقاهرة والسعي لنشرها بربوع مصر بمنطق التنوير وليس الإرشاد القومي ، وأخيرا دعم المثقفين بالإمكانات المطلوبة ، وقالت أيضا أنه لو كان هناك شيء يجب أن نتعلمه من جماعة الإخوان المسلمين فسيكون هو الإلتحام بالشارع . أخيرا أكد الدكتور سعيد توفيق ، أن المؤتمر المثقفين حملوا شعلة التغيير بعد 30 يونيو وأكد أن المؤتمر هذه المرة جاء بجهد تطوعي من الجماعة الثقافية وبخاصة الشباب الذين عانوا تهميش المؤسسة الرسمية لهم ، وقد جاءوا لمواجهة التغييب الديني وقصور المؤسسة الرسمية وغياب الثقافة الجماهيرية