الهجوم علي المجلس الأعلي للقوات المسلحة هو ما نزع فتيل القنبلة الموقوتة للفتنة الطائفية ودعا إلي إنقسام المجتمع المصري إلي فريقين ، مسلمون وأقباط ، حيث الإنتقادات الحادة التي تعامل معها الجيش بنوع من الديمقراطية أعطت مؤشراً للمتربصين بأن القوات المسلحة في موقف ضعف وعليهم التحرك لإن يضربوا ضربتهم في الوقت المناسب ، وكان طبيعياً أن يتعاملوا مع أحداث ماسبيروا بوصفها الشرارة التي يمكن أن تشعل الحرائق فنفخوا فيها وتأججت النيران علي خلفيات كثيرة لم تنتبه وزارة الداخلية إلي خطورتها ، من بينها ما حدث في أسوان والأعداد المتزايدة من الأقباط أمام ماسبيروا والمستبعدون من إنتخابات مجلس الشعب من فلول النظام ،
فضلاً عن الإحتقانات الفردية القديمة بين المتعصبين من الجانبين بفعل الحوادث الطائفية المتوالية .
الجديد والخطير في أحداث الأمس هو إستخدام القوة والعنف مما أدي إلي إرتفاع عدد القتلي حتي كتابة هذه السطور إلي 22 قتيلاً من صفوف الجيش والمتظاهرين وهو الأمر الذي يستوجب إتباع أقصي درجات الحسم والعقاب فسقوط هيبة الجيش وفقدان عدد من جنوده وضباطه معناة إنهيار حائط الصد الأخير للحيلولة دون حماية البلد الأمين من الضياع ،
وقد حذرنا قبل ذلك من التطاول علي رموز القوات المسلحة في إشارة إلي الدخول في فوضي عارمة وتحقق نبؤءة مبارك الذي قال قبل التنحي إما أنا وإما فوضي ، وها هى فلوله تحاول إثبات صحة مقولته فليس غيرها من يقف وراء الحرائق والفتنة وأعمال البلطجة والقتل وفقدان الثقة بين الشعب والجيش لتتحول مصر إلي غابة فنتباكي علي أيام المخلوع ونظامه .
كنت قبل وقوع الأحداث المؤسفة أستعد لكتابة مقال أطالب فيه بإلغاء قانون الطوارئ وتفعيل مبادئ الثورة فيما يتعلق بالحريات ولكن بعد أن شاهدت الكوارث وعلمت بنبأ الضحايا من القتلي والمصابين تراجعت عن الفكرة ،
حيث قانون الطوارئ في هذه الظروف الصعبة هو ما يخول للحكومة القبض علي المشتبه فيهم من مثيري الشغب والمحرضين ، فالإنتظار أكثر من ذلك دون الأخذ بالشدة و التعامل بالعصا الغليظة مع الخارجين علي القانون سيودي ببقية الشعب إلي التهلكة وحينئذ سنندم ندماً شديداً علي أننا تهاونا وتعاطفنا مع المجرمين والقتلة ومشعلوا الحرائق من أرباب السوابق والمسجلين والممولين وأصحاب الأجندات الخارجية .
لقد ظللت لفترة طويلة من أشد الرافضين لهذه الأفكار وكثيراًما سخرت من الشكوك حول وجود أجندات ولكن الآن أصبحت أرتاب في الأمر وأكاد أقطع بأن هناك من يعمل ضد هذا البلد ويسعي لخراب مصر وبالطبع هؤلاء ليسوا من أبنائها فمن يطلق الرصاص علي قواته المسلحة ويزهق أرواح الضباط والجنود لا يمكن ان نعتبره مصرياً فهو من قبض الثمن قبل أن يتخذ قراراً بالقتل العمد ويطعن غدراً العسكري الذي جاء ليحميه ويشعل النيران فيحرق الأخضر واليابس ويضيع هيبة الدولة والقانون ويؤلب عنصري الأمة علي الوطن .
إنها المؤامرة لا ريب فيها ..ملامحها ليست خافية علي أحد إلا من يفتقدون البصر والبصيرة ويريدون توفير الحماية للبلطجية بإسم حقوق الإنسان ، الدجاجة التي تبيض لهم الذهب، فكثرة الكلام واختلاق القضايا حول الحقوق المزعومة للمخربين دفعت بهم إلي إرتكاب المزيد من الجرائم وهم مطمئنون ،
فقد شاهدوا الفضائيات وسمعوا النشطاء السياسيين والقانونيين ينتحرون في إثبات حقهم في المعاملة الكريمة داخل أقسام الشرطة والسجون وإلزام الضباط والمحققين بأداء واجب الضيافة معهم بإحضار وجبة ساخنة وكوب شاي بالنعناع أو واحد ليمون مثلج لكل قاتل أو قاطع طريق أو مغتصب !
هذه الغوغائية كانت المقدمات لتجاهل القانون والمضي قُدماً نحو المخططات الصهيونية والأمريكية التي أكدتها وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في خطابها الموجه للمجلس العسكري لحظة إندلاع الفتنة وإعرابها عن الإستعداد لإرسال قوات أمريكية للدفاع عن الكنائس فيما يشبه الترقب وتحين الفرصة لتحويل القاهرة إلي بغداد جديدة ،وما يحدث في ليبيا أكبر دليل علي أن مصر في طريقها لدخول حزام الزلازل الإستعمارية فأول الغيث كان نزوح احد اليهود من إيطاليا إلي طرابلس للإستيطان وقيامه فور وصوله بترميم المعبد اليهودي لإتخاذه ذريعة للإستقرار في العاصمة الليبية وعدم العودة إلي روما .
الخطوة الثانية - كانت زيارة أحد نجوم أفلام العصابات ورعاة البقر الأمريكية إلي طرابلس أيضاً للإلتقاء بصديقة اليهودي لتأسيس إمبراطورية صهيونية علي أرض ميعاد جديدة !