قال القيادي الإخواني الدكتور محمد علي بشر إنه لا توجد مبادرات لإجراء مصالحة وطنية في الوقت الراهن، نافيًا بذلك تسريبات عن بدء جولة جديدة من المفاوضات بين جماعة الإخوان المسلمين والسلطات الجديدة في مصر بوساطة قوى سياسية مصرية. وتجنب بشر في حوار مع صحيفة «الشرق الأوسط» التعليق على المشهد السياسي، مكتفيًا بتأكيد عدم وجود مبادرات حاليًا، سواء من أطراف غربية أو مصرية. ومنذ عزل قادة الجيش الرئيس السابق محمد مرسي تحت الضغط الشعبي، في 3 يوليو الماضي، تولى بشر، وهو وزير التنمية المحلية السابق، ملف المفاوضات مع أطراف غربية وعربية، والتقى أكثر من مرة مسئولين غربيين وعربًا رفيعي المستوى، على رأسهم كاثرين آشتون مسئول العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي، ووليم بيرنز نائب وزير الخارجية الأميركي. وأعلنت الرئاسة المصرية رسميًا، في 7 أغسطس المنصرم، فشل الوساطة الغربية والعربية، في التوصل إلى تسوية سياسية، بعد رفض جماعة الإخوان الاعتراف بشرعية تحرك الجيش، وخارطة المستقبل التي توافقت عليها قوى سياسية ورموز دينية مع الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع. ورغم نفي بشر لوجود وساطة أو مبادرة للحل، قال قيادي بارز في حزب النور السلفي ل «الشرق الأوسط» إن حزبه يعمل على ثلاثة محاور للتوصل إلى تسوية سياسية للأزمة التي تعيشها البلاد حاليًا. وأضاف القيادي، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن حزب النور يحاول لملمة ما وصفه ب «أشلاء حل سياسي ممكن.. بعد كل الدم الذي سال»، مفضلاً عدم الكشف عن تفاصيل أكثر. وبفشل جهود الوساطة الدولية، التي سمتها السلطات المصرية ب «جهود التبصرة»، في محاولة لتأكيد عدم نيتها تقديم تنازلات عن «خارطة المستقبل»، فضت السلطات الأمنية بالقوة اعتصامين لمؤيدي مرسي منتصف الشهر الماضي، ما تسبب في موجة من أعمال عنف، سقط خلالها مئات القتلى. وتصر سلطات البلاد على تحقيق بنود «خارطة المستقبل» التي تشمل تعديل دستور 2012 الذي وضعته جمعية تأسيسية هيمنت عليها القوى الإسلامية، وإجراء انتخابات برلمانية تعقبها انتخابات رئاسية بحلول فبراير من العام المقبل. ويرى مراقبون أن جماعة الإخوان فقدت قدرتها على الحشد والتنظيم، في أعقاب الملاحقات الأمنية لقادتها، ما أفقد المظاهرات التي دعت لها الجماعة على مدار الأسبوعين الماضيين قدرتها على التأثير في المشهد، وأضعفت القدرة التفاوضية للجماعة. وتواجه جماعة الإخوان حاليًا واحدة من أعنف الأزمات في تاريخها الحافل بالمحن، بعد أن وجهت سلطات البلاد ضربات أمنية موجهة للجماعة بتوقيف مرشدها العام محمد بديع، واثنين من نوابه، خيرت الشاطر ورشاد البيومي، وعدد كبير من قيادات مكتب الإرشاد، والقيادات المحلية في المحافظات. ونقلت تقارير إخبارية محلية على لسان قيادات إخوانية وأخرى من حزب الوفد، أعرق الأحزاب الليبرالية في البلاد، وجود اتصالات بين قيادات إخوانية وإسلامية معتدلة والسيد البدوي رئيس حزب الوفد. وأشارت التقارير الإعلامية إلى أن هذه الجهود تجري بالتنسيق مع القيادة السياسية للبلاد، لكن قياديين بارزين في حزب الوفد نفيا صحة هذه التقارير. وقال عصام شيحة عضو الهيئة العليا في الحزب، إن الوفد لم يتبن أو يطرح أي مبادرة لإجراء مصالحة وطنية مع «الإخوان»، مضيفًا ل «الشرق الأوسط» أن «جماعة الإخوان أغلقت السبل أمام أي حل سياسي، وأقصت نفسها عن المشهد، وإن كان هناك مبادرة فهي تعبر عن صاحبها». ومن جانبه، قال ياسر حسان عضو الهيئة العليا في الحزب، إن «الدكتور السيد البدوي لم يقدم أي مبادرة للحل ولم يتصل بأي من قيادات "الإخوان"، هذا محض خيال. ورجح مراقبون أن تكون الجماعة خلف تسريب الأنباء عن وجود مبادرات للمصالحة، في مسعى منها لإيجاد «طوق نجاة» بعد أن حاصرها الغضب الشعبي والملاحقات الأمنية.