كُنّا لا نشبع من القراءة عن الإمام أحمد بن حنبل، وقصته مع الخليفة المأمون، ورفضه القول بما يقول الخليفة، وصبره على محنة القول بخلق القرآن مع أن غيره من العلماء قد أخذ بالرخصة، ووافق بالقول دون الاعتقاد، وقد كان للمعتزلة تخريج لتلك المسألة يقول بخلق القرآن، وكانوا يتصورون أن ذلك أقرب للتوحيد فقد كان يحكي أن هناك راهبا اسمه "حنا الدمشقي" يُعلّم تلامذته الجدل؛ فكان يقول لهم إن قالوا لكم إن عيسى كلمة الله ولكنه مخلوق، فاسألوهم عن القرآن كلام الله، فإن قالوا ليس مخلوقا فكذلك عيسى بن مريم كلمة من الله غير مخلوقة؛ فتنبه المعتزلة لذلك فأرادوا قطع الطريق عليه؛ فقالوا بخلق القرآن مخافة أن يتشكك العوام، وثبت أهل السنة والجماعة على ما سمعوه من توقيف بأنه كلام الله المنزل ولا نزيد. فكانت فتنة خلق القرآن، وثبت الإمام بن حنبل واتُّخذ إمامٌ، وهو الإمام الرابع من أئمة أهل السنة المشهورين (أبو حنيفة – مالك – الشافعي - بن حنبل)، وروّج لمذهبه في الأصول والفروع، وتبعه على منهجه علماء كُثَّر ومن أشهر علماؤه شيخ الإسلام ابن تيمية العالم المشهور وتلامذته ابن القيم وابن كثير. ثم جاء دور الشيخ محمد بن عبد الوهاب الحنبلي الدراسة، قرأ للشيخ ابن تيمية، وحاول الاجتهاد على أثره، ثم أولاده إلى يومنا هذا. وكان الإخوان قد تولى مُرشدهم الأستاذ عمر التلمساني بعد موت المرشد المستشار الهضيبي، فضلا عن جو التوجس والترقب بين الإخوان ونظام السادات؛ فاختار التلمساني الموادعة والمسالمة ورآها أنفع للإسلاميين، فاختار الإخوان المصالحة، وكادت حادثة الفنية العسكرية أن تحدُث فتنة بين الإخوان والنظام، وتبرأ الإخوان من تلك الحادثة، وأكد الإخوان على شرعية النظام، واعترفوا به وهادنوه وصالحوه على أن يبقوا كجماعة مترابطة ولها مرشدها وتكوينها. وكان المرشد التلمساني له رؤية فقهية مختلفة عن مدرسة الإمام أحمد بن حنبل، والشيخ ابن تيمية، والشيخ محمد بن عبد الوهاب، ولكنها لم تكن تخرج عن باقي المدارس الإسلامية من وجهة نظره، ومن وجهة نظر أتباعه. وأسس الأستاذ عُمر التلمساني للإخوان مدرسة مختلفة عن المدرسة التي سمت نفسها المدرسة السلفية طلبا لنصرة الإسلام كل من وجهة نظره. واستمرت المدرسة السلفية تدرس للناس اختيارات الأئمة الأعلام (الإمام أحمد بن حنبل – الشيخ ابن تيمية – الشيخ محمد بن عبد الوهاب – آل الشيخ وغيرهم). واستمرت مدرسة الإخوان، وعلى رأسها المرشد التلمساني في الانفتاح على كل المذاهب مع مراعاة مصلحة الجماعة (هذا الاصطلاح له دور في توجيه دفة الجماعة). وازداد الخلاف الفقهي بين المدرسة السلفية ومدرسة الإخوان، وزاد من هذا الخلاف طبيعة جماعة الإخوان، التي تميل إلى احتراف السياسة ومارس الدعوة في الإخوان من غلّب عليه الجانب السياسي. أما المدرسة السلفية، فالتزمت بأقوال علمائها الذين اختاروا عدم الخروج على حكام الجور، وحاربوا الجهل بالعلم الشرعي ما استطاعوا. والآن وقد مَنَّ الله على الإسلاميين سواء كانوا سلفيين أو إخوان أو جهاديين، ومن قِبل هذا أزهريين وكلٌ يدّعي تحكيم شرعه الحكيم، أما من آلية تجمعهم على الخير.
أدعوكم جميعا إلى الشورى، والولاء العام للمسلمين، وتقديم مصلحة الأمة على مصلحة التجمع أو الجماعة والإسلاميون أولى ببعضهم؛ فاتقوا الله ما استطعتم.