أثارت عودة الرئيس السوداني عمر البشير من العاصمة النيجيرية أبوجا قبل إكماله جلسات قمة أفريقية الحديث عن تحد لطلبات المحكمة الجنائية الدولية بإلقاء القبض عليه إلى محاولة إيجاد مبررات لقطعه الزيارة والعودة إلى الخرطوم باكرا. ورغم نفي سفارة السودان بالعاصمة النيجيرية أن تكون مغادرة البشير مرتبطة بالدعوات لتوقيفه وإنما لارتباطات أخرى، لم يمنع ذلك جهات أخرى من محاولة إيجاد مبررات بغير ما ساقته السفارة المعنية. وغادر البشير أبوجا أمس بعيد مشاركته في بداية أعمال القمة الأفريقية التي خصصت لمناقشة أمراض الملاريا والإيدز والسل في أفريقيا، رغم مطالبة المحكمة الجنائية الدولية باعتقاله. وكانت منظمات حقوقية نيجيرية حثت إدارة الرئيس جودلاك جوناثان قبل زيارة الرئيس السوداني بالالتزام بتعهداتها باعتقاله فور وصوله تنفيذا لمذكرة من المحكمة الجنائية الدولية صادرة بحقه قبل أربع سنوات، مهددة باللجوء إلى القضاء المحلي لحمل السلطات النيجيرية على الالتزام بقرارات المحكمة. واعتبرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن زيارة البشير لأبوجا تمثل امتحانا حقيقيا لالتزام نيجيريا بقرارات المحكمة الجنائية. وجدير بالذكرأن الجنائية أصدرت عام 2009 مذكرة اعتقال بحق الرئيس السوداني بتهمة ارتكاب جرائم حرب وإبادة وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور غربي السودان. رفع الحرج ورأى محللون سياسيون أن هناك علاقة بين عودة البشير ورغبته في رفع الحرج عن أبوجا بسبب المطالبات المحلية والدولية المتكررة بتوقيفه "كون نيجيريا عضوا في المحكمة الجنائية الدولية". وقال المحلل السياسي عثمان ميرغني للجزيرة نت ،أن الزيارة أدت أغراضها بإجراء البشير لقاءات مع رؤساء ثلاث دول -نيجيريا وإثيوبيا وكينيا- مهتمة بأمر الأزمة الحاصلة بين جمهوريتي السودان وجنوب السودان. وأستبعد ميريغني وجود ضغوط أدت لعودة الرئيس السوداني قبل نهاية القمة الأفريقية، مشيرا إلى انتهاء الأعمال المطلوبة من الرئيس البشير تنفيذها أثناء الزيارة. ويتوقع ميرغني أن تكون العودة مرتبطة بأعمال سودانية غاية في الأهمية "رغم عدم معرفتنا بتلك البرامج والأعمال الهامة". أما الباحث في الشؤون الأفريقية محمد سليمان الدبيلو ربط العودة السريعة للرئيس السوداني بمحاولة رفع الحرج عن نيجيريا في ظل مطالبات دولية دعتها للالتزام بتعهداتها الدولية بشأن تحقيق العدالة. ولا يستبعد في حديث للجزيرة نت أن يؤدي استمرار البشير في القمة الأفريقية إلى أزمة بين الحكومة النيجيرية وبعض المنظمات المحلية والدولية والمطالبة بالقبض على الرئيس السوداني. إدانات دولية وعلى الجانب الدولي أدانت الولاياتالمتحدةالأمريكية رفض الحكومة النيجيرية اعتقال الرئيس السوداني عمر البشير أثناء زيارته منذ يومين للعاصمة أبوجا بدعوة من الحكومة لحضور مؤتمر الاتحاد الأفريقي حول الإيدز والملاريا والدرن. وذكر بيان أصدره مدير المكتب الإعلامي في السفارة الأمريكية بأبوجا ، روندا اوغويتوس ، أن بلاده تعرب عن أسفها لقرار الحكومة النيجيرية استقبال البشير وعدم اعتقاله لتسليمه إلي المحكمة الجنائية الدولية التي طلبت اعتقاله بدعوى ارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور. من جانبها ، أكدت الحكومة النيجيرية أنها التزمت بقرار الاتحاد الأفريقي بعدم القبض على أي رئيس دولة متهم من قبل محكمة الجنايات الدولية بتهم ارتكاب جرائم ، في إشارة إلي الرئيس السوداني ، الذي اتهمته محكمة الجنايات الدولية بارتكاب جرائم حرب في دارفور منذ أعوام وهو ما نفاه البشير بشدة. وذكرت منظمات حقوق إنسان نيجيرية أنها رفعت دعوى قضائية ضد الرئيس السوداني أثناء وجوده في العاصمة أبوجا للقبض عليه وتسلميه إلي محكمة الجنايات الدولية. وعلى جانب أخر ذكرت جريدة "الجارديان" البريطانية، أن وزارة الخارجية البريطانية؛ عبرت عن استيائها العميق من استضافة نيجيريا للرئيس السودانى عمر حسن البشير وسماحها له بزيارتها. ونقلت الجريدة عن وزير شئون إفريقيا مارك سايموند بوزارة الخارجية البريطانية في تصريحات صحفية نشرت اليوم؛ "إن مثل هذا العمل يرسل رسالة مخيبة للآمال لعائلات الضحايا بأن المحاسبة التى ينتظرونها ستتأخر لفترة أطول"؛ مؤكدا أن "المملكة المتحدة تحافظ على التزاماتها وفقا لنظام عمل المحكمة الجنائية الدولية، كما نهيب بالدول الأعضاء الأخرى ومن بينها نيجيريا أن يتحملوا مسئولياتهم". تحدي البشير من الممكن وصف الرئيس السوداني بالعنيد فعند الرجوع إلى التاريخ ، تعرّضت السلطات الكينية إلى انتقادات المجتمع الدولي في أغسطس 2010،لأنها لم تبادر إلى اعتقال الرئيس السوداني عمر البشير، الذي حضر في نيروبي حفل المصادقة على الدستور الكيني الجديد. وقد طغى حدث زيارة الرئيس السوداني على أجواء الاحتفالات في نيروبي وقتها، فرغم صدور مذكرة توقيف بحقه من المحكمة الجنائية الدولية، قرر البشير حضور هذا الاحتفال،وقد تعرضت كينيا لانتقاداتٍ شديدة اللهجة لعدم إلقاء القبض عليه، وهي تحاول الآن بشتى الطرق الدفاع عن قرارها. حاولت وزارة الخارجية الكينية تبرير دعوة البشير " كون السودان من جيرانها "، معتبرة أن أي اعتقال له يعرّض السلام للخطر في السودان وفي المنطقة بأسرها. في هذا السياق، أعلن وزير الخارجية الكيني ريشار أونيونك أنه بالرغم من واجب كينيا احترام قرارات المحكمة الجنائية الدولية، فلبلده الحق المشروع والاستراتيجي في تأمين السلام والاستقرار في المنطقة، وتشجيع السلام والعدل والوفاق في السودان. وبما أن كينيا وقعّت على مؤتمر روما لتأسيس المحكمة الجنائية الدولية عام 2002، كان لا بد لها، من حيث المبدأ، من استجواب البشير، فعمر البشير المتهم بالإبادة الجماعية، بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، هو أول رئيس دولة يبقى في الحكم رغم ملاحقة المحكمة الجنائية الدولية له. تشاد والوعود وعلى جانب أخر طالب الاتحاد الأوروبي في يوليو 2010 تشاد بالوفاء بواجباتها القانونية وتوقيف الرئيس السوداني عمر البشير الموجود في نجامينا للمشاركة في قمة رؤساء دول مجموعة الساحل والصحراء، والمطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية، وكانت تشاد قد أبلغت البشير أنه بإمكانه المشاركة بدون أي قلق. حضت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون الخميس تشاد على الوفاء بواجباتها القانونية وتوقيف الرئيس السوداني عمر البشير الموجود في العاصمة التشادية والمطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية. وجاء في بيان للمتحدثة باسمها، ان الممثلة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي "قلقة من زيارة الرئيس عمر البشير الى تشاد" للمشاركة في قمة مجموعة دول الساحل والصحراء (سين-صاد). وذكرت في البيان "بالاهمية بالنسبة لكل الدول الاعضاء في الاممالمتحدة بتطبيق قرارات مجلس الامن الدولي" و"تحض تشاد على احترام واجباتها في اطار القانون الدولي" وتدعوها "الى توقيف المتهمين من قبل المحكمة الجنائية الدولية واحالتهم امامها". واضاف البيان "ان الاتحاد الاوروبي يدعم بقوة المحكمة الجنائية الدولية والمعركة ضد الافلات من العقاب". وتابع بيان الاتحاد الاوروبي ان "الجرائم الاكثر خطورة بالنسبة للمجتمع الدولي في مجمله، مثل الابادة والجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب، لا يجب ان تمر من دون عقاب. الملاحقات يجب ان تضمنها اجراءات محلية ودولية". الا ان اشتون لم تأت على ذكر اي اجراء انتقامي من جانب الاتحاد الاوروبي باتجاه تشاد اذا لم ترضخ الاخيرة للدعوة بتوقيف البشير. واكد وزير الداخلية التشادي احمد محمد بشير ان الرئيس السوداني لم يكن لديه "ما يخشاه" خلال زيارته الى نجامينا. ومن جانبه اتهم لويس مورينو اوكامبو ممثل الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية الرئيس السوداني عمر حسن البشير باساءة استغلال كرم الضيافة الافريقية وبتهديد الغرب أثناء سعيه لتفادي الاعتقال بتهمة الابادة الجماعية.