يتحول الشارع المصري مع ثبوت رؤية الهلال إلى احتفالية جميلة، فتنشط حركة الناس في الأسواق لكي يقوموا بشراء حاجات رمضان المتعارف عليها وتتزين الشوارع بضجيج صوت الباعة والفوانيس الملونة ، وما يزيدها جمالا وهي الجميلة منظر الأطفال حاملين معهم فوانيس رمضان وهم ينشدون قائلين : رمضان.....حلّو يا حلّو. إلا أن هذا المشهد تغير هذا العام وغابت تلك المظاهر الروحانية في ظل الأحداث التي تشهدها مصر. وتوارت الرموز الرمضانية الخالدة التي يتوارثها الأجيال جيلا بعد آخر، على استحياء، خجلا مما تشهده مصر حاليا. وتراجعت الزينات زاهية الألوان التي كان شباب وأطفال الأحياء الشعبية والراقية يتعاونون في تجهيزها ويحرصون على تزيين منازلهم وشوارعهم وحواريهم بها وبالزينات المتلألئة. تراجع الخصوصية وجاءت أحداث محيط دار الحرس الجمهوري لتزيد من حزن وخوف وقلق المصريين من القادم ، وتلك الأحداث أدت لتراجع الخصوصية النادرة التي يتميز بها رمضان في القاهرة التاريخية في الحسين والجمالية والغورية وشوارع المعز وخان الخليلي، وخلت من السائحين ورواد قاهرة المعز الذين كانوا يشاركون المصريين في مظاهر رمضان وإحياء لياليه. واستعدت بعض محافظات مصر لاستقبال شهر رمضان المبارك هذا العام بدون احتفالات شعبية كالمعتاد نظرًا للظروف الراهنة والأزمة السياسية التي تمر بها مصر. وعلى الرغم من ذلك مازال المصريون من أحرص الناس على الاحتفاء بهذا الشهر الفضيل فتختلط شعائر العبادة في نهاره وليله، حيث يقضون نهارهم في صوم وقراءة القرآن الكريم ، ويقضون ليلهم في صلاة التراويح والسهرات الرمضانية. وإن كان لرمضان هذا العام طعم سياسي خاص فإنه أيضا ذو طعم مختلف حيث يحل في أيام الصيف شديدة الحرارة ، حيث يفضل الصائمون الاعتماد على وجبة السحور كوجبة رئيسية والاكتفاء في وجبة الإفطار بكسر صومهم وشرب الماء والعصائر والخشاف ، ويفضلون تناول وجبة السحور في الأماكن المفتوحة حيث نسائم الصيف في الليالي الرمضانية ، والتمتع ربما برحلة نيلية أو بسهرة رمضانية يهرعون بعدها إلى منازلهم استعدادا لصلاة الفجر. أما موائد الرحمن فهي مظهر من مظاهر شهر رمضان الكريم في مصر فقد أعلن العديد من أصحاب أعمال الخير عن إقامتها طوال شهر رمضان لغير القادرين ولعابري السبيل وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي تمر بها مصر وتقلص بعض من أجواء الاحتفال بشهر رمضان إلا أن موائد الرحمن تعد فرصة عمل للشباب من حيث إعدادها وتقديمها للصائمين من ضيوف المائدة. ويرتبط شهر رمضان بأكلات شعبية متميزة تتربع على عرشها الكنافة والقطايف التي تحظى بمكانة في التراث المصري والشعبي ولا تزال من أكثر الحلويات استدامة على مر العصور ينافسها في ذلك طبق الفول المدمس والزبادي ومشروب قمر الدين. فانوس التحرير وفي التحرير شيد المتظاهرون خلال الساعات الأولى من صباح اليوم الثلاثاء، فانوساً ضخماً أمام مجمع التحرير، وذلك بمناسبة حلول شهر رمضان الكريم، احتفالاً منهم بقدومه، فيما يعلو الفانوس لافتة كبير مكتوب عليها، "نريد مصر بدون إخوان"، "الشعب يريد تطهير مصر من الإخوان المنافقين". كما شهد ميدان التحرير مساء الإثنين، انتشارا ملحوظًا لبائعي الفوانيس، التي تسخر نغماتها من الإخوان، والتي شهدت إقبالًا من المواطنين الذين وجدوها فرصة لإسعاد أطفالهم الذين تجمعوا بالميدان، مرددين أناشيد رمضان والهتافات المناهضة للإخوان . وفى سياق متصل يقوم عدد آخر من المتظاهرين بعملية تنظيف موسعة داخل الميدان والشوارع الجانبية له، لإزالة أثار تظاهرات اليوم، فضلاً عن القمامة وزجاجات المياه والمخلفات. وفي العشر الأواخر من شعبان من كل عام ينتشر الشباب من مختلف الفئات والأعمار والمستويات الإجتماعية في الشوارع يعلقون الفوانيس اليدوية المصنوعة من الخشب والورق الملون وأوراق الزينة وقصاصات الورق والقماش الملصوقة على أفرع من الخيوط الرقيقة على هيئة دوائر أو نجوم أو هلالات تتدلى بخيوط ملونة من الأعلى وفروع الإضاءة بكل أشكالها وألوانها. إلا أن الاحتفالات هذا العام اكتست برداء سياسي، فتحولت الفوانيس إلى "فوانيس تمرد" و "فوانيس السيسي" ، وذلك حسبما جاء بصحيفة "الحياة" اللندنية. فرصة للمصالحة ومع حلول الشهر الكريم وجه الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية- رسالة تهنئة إلى المصريين جميعًا بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، داعيًا الله أن يعيد هذه الأيام على مصر بالخير واليمن والأمن والسلام. وحثَّ المصريين أن يجعلوا شهر رمضان الكريم فرصة لإصلاح ذات البين والسعي الجاد والحثيث في تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة بهدف إيجاد صيغة تفاهمٍ بين أبناء الوطن الواحد للوصول إلى برنامج متفقٍ عليهِ لإنقاذ الوطن من أزمتهِ ووضعهِ على الطريق الصحيح. وأضاف أن شهر رمضان فرصة ذهبية يجب استثمارها لتأكيد صلات الترابط والتراحم والتكامل والتعاون والتكاتف بين المصريين جميعًا قولاً وعملاً ليستعيد الوطن عافيته ويسترد ريادته. وأكد مفتي الجمهورية أن أبناء مصر رجالاً ونساءً .. شبابًا وشيوخًا مطالبون اليوم وخاصة في رمضان بالتفكير مليًّا في الأولويات والاحتياجات الأساسية لوطنهم، وخوض الجهاد الأكبر المتصل بجهاد النفس، وجهاد البناء والتنمية الشاملة من أجل إعمار الحياة، وتحقيق النهضة الحضارية، وإنجاز المزيد من الإصلاحات المجتمعية الشاملة التي تحقق التقدم والنهوض لشعبنا وتخدم المصالح العليا للدين والوطن. وأشار فضيلته إلى أن من أهم أولوياتنا اليوم هي أولوية الحفاظ على البنيان المصري والعربي والإسلامي الواحد المتماسك من أجل تجنيبه خطر التصدع والانهيار، في أعاصير المتغيرات، لنبقى أمة واحدة في وجه ما يحاك لها من مؤامرات، تستهدف وحدتها وخيراتها. وأوضح مفتي الجمهورية في رسالته إلى المصريين بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك أن من مقاصد الشريعة الإسلامية التي بعث لأجلها سيد البشرية محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والتي لا يستقيم قوام المجتمعات والحضارات إلا بها انتشار الرحمة والمحبة بين الناس، ومحاربة أشكال الاعتداء والتخريب التي ليست من الإسلام في شيء، بل هي تشويه لصورة الإسلام الناصعة المشرقة، وتحريف لمقاصده، وربط لصورة العنف والتخريب بمبادئه الرحيمة، بينما الإسلام بريء من كل ذلك. واختتم مفتي الجمهورية تهنئة بشهر رمضان بقوله: "أدخلوا السعادة على قلوب من تعرفونهم ومن لا تعرفونهم تجدوا السعادة في قلوبكم، فنحن أحوج أن يحب بعضنا بعضًا ويرحم بعضنا بعضًا في هذه الأيام وفى كل الأيام، وهيا بنا نستعيد هيبة رمضان وأن نجعل منه منهجًا لاستعادة مجد أمتنا من جديد". كما أكد خطيب الجامع الأزهر الدكتور عباس شومان الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر خلال خطبة الجمعة الماضية ، حرمة الدم المصري وحفظ الشريعة الإسلامية لدماء ومال وأعراض وحياة المسلمين والمواطنين جميعا, مشيرا إلي ضرورة الحفاظ علي أرواح المصريين جميعا خاصة ونحن نستقبل شهر رمضان الكريم.