عشية انطلاق المظاهرات الضخمة التي دعت لها حملة تمرد الشبابية التي جمعت ملايين التوقيعات من المواطنين من أجل سحب الثقة من الرئيس المصري محمد مرسي ، أعلن العشرات من أعضاء مجلس الشورى استقالاتهم من المجلس . فقد أعلنت الهيئات البرلمانية لأحزاب الوفد والمصري الديمقراطي والمصريين الأحرار المعارضة استقالة نوابها من مجلس الشورى، دعما لحملة تمرد. وقال إيهاب الخراط رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي :"إن 22 عضوا هم أعضاء الهيئات الثلاث قدموا استقالاتهم، لتأكيد نزولها على رغبة الشعب، الذي وقع استمارات سحب الثقة من الرئيس، والمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة". وتأتي هذه الاستقالة بعد ساعات من إعلان تسعة نواب معينين ينتمون للتيار المدني استقالتهم خلال مؤتمر صحفي عقدته حركة تمرد. وبرر الأعضاء المستقيلين قراراهم بأنه جاء دعما لحملة تمرد التي تطالب برحيل الرئيس بعد مرور عام على توليه الرئاسة في الوقت الذي تشهد فيه مصر الكثير من أزمات من كهرباء وبنزين وتهديد مياه النيل والارتفاع المبالغ في الأسعار . وتأتي استقالة البرلمانيين في الوقت الذي يحبس المصريون أنفاسهم من انطلاق المظاهرات الحاشدة التي تدعو لانتخابات رئاسية مبكرة، في أجواء شديدة التوتر قد تمهد لأعمال عنف خطيرة ، حيث تشهد مصر انقساما حادا بين مؤيدي مرسي . ولاقت تلك الاستقالات الكثير ردود الأفعال المختلفة ففي الوقت الذي رحب فيه البعض بهده الخطوة ، نجدها قوبلت بالرفض من أطراف أخرى إلا أن أسباب الرفض جاءت متباينة فهناك من رأى أن هذا المجلس ملك للشعب وليس ملك للإخوان حتى يستقيل أعضائه ، وهناك من رأى أن تلك الخطوة جاءت متأخرة تتوالى الرسائل فمن جانبه أعلن عمرو موسي رئيس حزب المؤتمر، ترحيبه بهذه الخطوة التي اتخذها عدد من أعضاء مجلس الشورى بالانضمام لمطالب الشعب، مضيفا "تتوالى الرسائل للحكم ولا بد من الاستجابة قبل فوات الأوان" فى إشارة إلى إعلان 9 من نواب المجلس، السبت، استقالتهم منه. ونعى موسي في حسابه على "تويتر" العميد محمد هاني مفتش الأمن العام في شمال سيناء، الذي تعرض للاغتيال فى هجوم مُسلح، السبت، مُضيفًا "تعازي الخالصة لمحبي وذوي شهداء الوطن، الذين يتساقطون دون تفرقة بينهم، سلمية المظاهرات أمر أساسي، وضرورة وطنية". ركوب الموجة إلا أنه على النقيض هاجمت عدد من الحركات القبطية، فى بيان مشترك السبت، بعض النواب الأقباط الذين استقالوا من مجلس الشورى قائلين إن تلك الخطوة جاءت متأخرة، على حد تعبيرها. ووقع على البيان حركات: "أقباط من أجل مصر - اتحاد أُسر شهداء ماسبيرو - أقباط ماسبيرو الأحرار - أقباط بلا قيود - حركة دم الشهداء - حركة نساء من أجل مصر - مركز المليون لحقوق الإنسان - حركة حماية". واعتبر هانى الجزيرى مؤسس المجلس الاستشارى القبطى أن انسحاب هؤلاء النواب في هذا التوقيت المُتأخر هو شو إعلامى ومحاولة لركوب للموجة والقفز من سفينة الحكم الحُكم الإخوان التي توشك على الغرق، بحسب تعبيره. وقال الجزيرى :"إن هؤلاء النواب تم تعيينهم بمعرفة مكتب إرشاد الجماعة كمكافأة لهم على الانضمام للجمعية التأسيسية للدستور والاستمرار فيها برغم انسحاب الكنيسة وباقى القوى المدنية ، إضافة إلى حضورهم جلسات الحوار التي قاطعتها الكنائس والأحزاب المدنية، وانسحابهم الآن يكشف أن ولائهم الحقيقي ليس لمصر بل لأنفسهم ولمصالحهم الخاصة، فهم أنفسهم الذين خدموا نظام مبارك ثم انقلبوا عليه في زمن الإخوان، واليوم يحاولون الظهور كثوريين بإعلان تمردهم على حكم المرشد". كما أعرب هيثم كميل العضو المؤسس بحركة "أقباط بلا قيود" عن استنكاره لموقف بعض النواب المحسوبين على الأقباط في مجلس الشورى، مُشيراً إلى ما أسماه بالدور الذي لعبوه من أجل إضفاء الشرعية على حكم الإخوان وادعاء تمثيل الأقباط أمام الرأي العام والمجتمع الدولي، ومُساهمتهم في التغطية على ما وصفه ب "جرائم الجماعة وتمرير قوانين وتشريعات تخدم مصالحها وتُمكنها من مفاصل الدولة". هدف إعلامي هذا وأكد عصام سلطان نائب رئيس حزب الوسط أن نواب مجلس الشورى الذين أعلنوا استقالتهم من المجلس أثناء حضورهم مؤتمر حملة تمرد أبلغوا رئيس المجلس بأن استقالتهم كانت بهدف إعلامي وأنهم لن يتقدموا باستقالة مكتوبة - على حد قوله. وكتب سلطان في تدوينه له مساء أمس على صفحته الرسمية على فيسبوك قائلا: "أعلن ثمانية نواب من مجلس الشورى استقالتهم من المجلس أثناء حضورهم مؤتمر تمرد، منضمين ومؤكدين على سقوط النظام.. وعلى الفور قرر الدكتور أحمد فهمي رئيس المجلس دعوة هيئة المكتب للانعقاد للنظر في قبول استقالة السادة النواب المحترمين". وأضاف سلطان قائلا: "وفى مفاجأة من العيار الثقيل، اتصل السادة النواب المحترمون بالمجلس وقرروا أنهم لم يستقيلوا، وأن إعلانهم الاستقالة كان المقصود به هدف إعلامي بحت، ليس إلا.. واستند الثمانية الموقرون في تبريرهم، إلى أنهم لم يوقعوا استقالة مكتوبة على نحو ما تشترط لائحة المجلس، وإنما هي استقالة شفهية لا قيمة لها". وتابع نائب رئيس حزب الوسط قائلا: "وعلى ذلك فإن الشعب المصري أمام نواب يقولون شيئا، ويقصدون شيئا آخر! ويفعلون فعلا ويثبتون عكسه بطريقة أخرى! ويتخذون مواقف سياسية إعلامية ثم سرعان ما يتراجعون إذا جد الجد ولا يرون لكلامهم قيمة أصلا". اختتم سلطان تدوينته برسالة وجهها للنواب قال فيها "أيها السادة النواب: نحن لسنا بصدد إيصال أو شيك مطعون عليه بالتزوير أمام محكمة الجنح، ولكننا بصدد إرادة وقيم ومقادير شعب عريق، تكفيه صدور كلمة شفهية واحدة فقط منكم، دون حاجة إلى كتابتها أو توثيقها، وقد صدرت فعلا منكم، فكونوا عند كلمتكم، ولا تتراجعون هذا التراجع المخزي.. وكفاية فضايح". لن تؤثر وأعلنت عدد من الأحزاب الإسلامية منها: «الحرية والعدالة والنور والبناء والتنمية»، إن استقالة عدد من نواب الشورى لا تمثل أي ضغوط على المجلس، مشيرين إلي أن معظم هذه الاستقالات وهمية ولم تصل منها استقالات مكتوبة إلي رئيس المجلس. وقال الدكتور سعد عمارة عضو مجلس الشورى عن حزب الحرية والعدالة، إن أوراق الاستقالات لم تصل إلى الدكتور أحمد فهمي رئيس المجلس، مشيرًا إلي أنها لن تؤثر على المجلس الذي يبلغ عدد أعضائه 270 عضوًا بالإضافة إلي كون المستقيلين من المعينين. وأعلن الدكتور أحمد فهمي انه قرر دعوة هيئة مكتب المجلس للاجتماع لاتخاذ الإجراءات بشأن قبول استقالات نواب التيار المدني. وقال فهمي في بيان له :"إن المجلس يعتز بجميع أعضائه خاصة الذين أعلنوا استقالتهم من عضوية المجلس، مشيدًا بمشاركتهم الإيجابية والفاعلة في لجان وجلسات المجلس خلال الفترة الماضية" . نواب يرفضون وفي الوقت الذي أعلن فيه بعض النواب استقالتهم عبر آخرون عن رفضهم ، حيث رفض نواب حزب "غد الثورة" بمجلس الشورى تقديم استقالاتهم ، على غرار بعض نواب التيار المدني. وقال الدكتور محمد محي الدين المتحدث باسم الهيئة البرلمانية للحزب "هذا المجلس ملك للشعب وليس ملك للإخوان وإذا أردا الإخوان أن يستقيلوا فليستقيلوا أما نحن سنظل ندافع من خلال مجلس الشورى عن أفكار الدولة المدنية وأهداف الثورة". فيما رفض النائب ممدوح رمزي، قرار الاستقالة، وقال: "لم يخبرنا أحد من أعضاء التيار بخبر الاستقالة وكل ما نعلمه أنهم سيشاركون في مؤتمر تمرد للتأييد فقط، وفوجئنا بخبر الاستقالة، ولم ينسق معنا أحد". وأضاف رمزي: "النواب حضروا المؤتمر فأخذتهم الحماسة فأعلنوا الاستقالة»، متسائلاً: «كيف يعلن 9 استقالاتهم في الوقت الذي يضم التيار حوالي 70 نائبًا". ووصف الاستقالة بأنها "لا تقدم ولا تؤخر فإذا كانوا غير مقتنعين بالمجلس كانوا رفضوا التعيين من البداية". "ليست شو" وبالتطرق لأراء المستقيلين ومنهم النائب كمال بشارة أكد إنه استقال استجابة لإرادة 22 مليون مصري وقعوا على استمارة تمرد وطالبوا بانتخابات مبكرة، ورفضًا لخطاب الرئيس مرسي الذي لم يقدم أي مبادرة أو مصالحة وطنية". كما أعلن عبدالرحمن هريدى عضو مجلس الشورى عن حزب التيار المصري: إنه تقدم باستقالته بشكل نهائي من المجلس أمس وقام بإرسال نسخة منها إلى رئيس المجلس بالبريد الإلكتروني نظرا لكون المجلس كان فئ إجازة عن العمل أمس السبت"، نافيا ما تردد حول كون استقالته بهدف الشو الإعلامي. واستنكر هريدى قاله عصام سلطان حول اتصال تم بينه وبين رئيس مجلس الشورى أخبره الأخير فيه أن نواب التيار المدنى الذين أعلنوا استقالتهم تراجعوا عنها وأخبروه بأنها لهدف إعلامي وأنهم لم يتقدموا بها مكتوبة. وتساءل هريدي: "ما الهدف وما الرابط بين مكالمة أحمد فهمى رئيس المجلس وعصام سلطان؟ أعتقد أنها محاولة لهز الثقة في النواب ولن أتراجع عن استقالتي أو كلمتي وهناك 8 نواب أعلنوا استقالتهم بالفعل أمامي". وأوضح عضو مجلس الشورى المستقيل أنه في إطار الحوار الوطني بناء على ترشيح من حزب التيار المصري قبل التعيين في مجلس الشورى المصري، وأعلن أن قبول هذا التعيين من أجل أن يكون صوت المعارضة والثورة داخل هذا المجلس ذو الأكثرية الإخوانية، مقدما كشف حساب لأدائه البرلماني. وكانت المحكمة الدستورية قد حكمت مؤخرا ببطلان مجلس الشورى إلا أنها قررت استمرار مهامه لحين اجراء انتخابات مجلس الشعب ، وتسبب هذا الحكم في استمرار حالة الانقسام التي تعيشها مصر . ووسط أجواء التوتر الشديد والترقب التي نعيشها منذ فترة يقف المواطن البسيط حائراً في بلده ، هذا الشخص الذي لا يتعدى حلمه توفير قوت يومه بعيداً عن الصراع السياسي والتكالب على السلطة .