آثار تولي الأمير تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني أميرا لقطر خلفا لوالده تساؤلات حول الأسباب التي دفعت الأمير حمد بن خليفة لتنازله عن الحكم لنجله في عملية وصفها البعض بأنه من العمليات السلمية النادرة لانتقال الحكم في دولة عربية. وتعد هذه المخاطرة في ظل التقلبات السياسية التي تشهدها المنطقة برمتها، وخاصة في ظل ما تمر به المنطقة العربية من أزمات وضعف شديد؛ نتيجة عدم استكمال بعض الدول العربية بناءها السياسي مصر وتونس، وكذلك الأمر على الصعيد الداخلي والدولي الذي يشهد حالة توجس كبيرة. وتترقب واشنطن باهتمام السياسة القطرية الجديدة بعد أن تولى ولي العهد مقاليد الحكم، كحاكم فعلي للبلاد في قطر، وكرئيس للوزراء أو أمير ورئيس للوزراء في آن واحد. أسباب متعددة وفي محاولة للبحث عن الأسباب التي جاءت وراء قرار حمد بن خليفة أمير قطر تسليم السلطة لولي عهده الأمير "تميم"، فهناك عدة أسباب، أحدهما يفترض أن الحالة الصحية للشيخ "حمد" الذي يعيش بكلية واحدة زرعت له بعدما تبرّع بها أحد أفراد العائلة، هي أبرز الأسباب تجاه سعيه نحو ذلك. وهناك من يرى بأن هذا الاختيار، قد جاء برغبة زوجته الشيخة موزة على تسليم نجلها تميم، الموقع الأوّل في البلد فيما لا يزال والده حيّا يرزق، بحيث يكون قادراً على إسداء النصح إليه وتوجيهه، وحمايته من الأجنحة الأخرى في العائلة. وذكرت بعض الصحف الأمريكية أن :"صحّة حمد تتراجع بسرعة بعد مشاكل في الكلى كان يعانيها، بينما نفت أخرى أن تكون الأسباب الصحية هي الكامنة وراء تركه السلطة، وأكّدت أن تسليم "تميم" مقاليد الحكم وإعداده لقيادة البلد كان يُعَدّ له منذ سنوات. وعن أسباب اختيار تميم دون غيره، تُرجع بعض الصحف ذلك إلى كونه "الابن المفضّل للشيخة موزة دون باقي أبناء الأمير"، علاوة على نشاطه السياسي الكبير، الأمر الذي يميزه عن غيره من أخواته الثلاث. فبجانب ولايته للعهد ترأس" تميم" عددًا من المؤسسات، منها المجلس الأعلى للبيئة والمحميات الطبيعية، والمجلس الأعلى للتعليم، والمجلس الأعلى للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. كما تولى منصب رئيس مجلس إدارة هيئة الأشغال العامة، والهيئة العامة للتخطيط والتطوير العمراني، ورئيس مجلس إدارة جهاز قطر للاستثمار، إضافة إلى رئاسة مجلس أمناء جامعة قطر ورئاسة اللجنة الأوليمبية الأهلية القطرية. مبادرات دولية علاوة على ذلك، فقد تولى أمير قطر الجديد أيضاً منصب نائب القائد العام للقوات المسلحة القطرية، ونائب رئيس مجلس العائلة الحاكمة، كما يعتبر من الشخصيات المولعة بالرياضة، فهو من أشرف على ملف تنظيم كأس العالم لكرة القدم الذي تستضيفه "قطر" عام 2022. وعلى الصعيد الدولي، شارك "تميم" ومثّل بلاده في عدد من المؤتمرات والقمم، كان أحدثها القمة الخليجية الأخيرة في العاصمة البحرينية "المنامة" يومي 24 و25 ديسمبر 2012؛ مما أكسبه المزيد من الخبرة على صعيد السياسة الدولية. وحرص على ترجمة تلك الخبرات عبر مبادرات دولية للترويج لنفسه على الصعيد الدولي، وقد أطلق الكثير من المبادرات الخارجية خلال العام الجاري وخاصة في الأزمة السورية، حيث وجَّه في 20 فبراير 2013 بتقديم "مساهمة مالية" بقيمة 100 مليون دولار أمريكي ل"الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية"، و"وحدة تنسيق الدعم الإنساني" (ACU)، وذلك في إطار المعونات الإنسانية التي تقدمها "قطر" للشعب السوري منذ بداية الأزمة السورية مارس 2011. علاوة على تبرعه في أبريل الماضي ب 11 مليون دولار لقطاع غزة الفلسطيني لبناء قصر العدل "معهد القضاء العالي"، بخلاف المنحة القطرية لإعادة إعمار "غزة" بعد العدوان الإسرائيلي، البالغة 407 ملايين دولار. ولا ينسى أحد المنحة المصرية التي قدمها خلال يونيو الجاري، المكونة من خمس شحنات من الغاز الطبيعي المسال، بهدف التخفيف من أزمة إنتاج الطاقة للسوق المحلي المصري خلال فترة الصيف. وقد تلقى "تميم" العديد من الأوسمة، منها وسام "جوقة الشرف" من فرنسا عام 2010، ووسام الشيخ "زايد بن سلطان آل نهيان" من دولة "الإمارات العربية المتحدة" عام 2004، ووسام الشيخ "عيسى بن سلمان آل خليفة" من الدرجة الممتازة من مملكة "البحرين" في العام ذاته، إضافة إلى تلقيه الوسام الأعلى للمجلس الأوليمبي الأسيوي عام 2007. ولعل تلك المؤهلات من وجهه نظر البعض، كانت سبباً كافياً وراء حرص "حمد بن خليفة" على اختياره في الفترة الحالية ولي العهد في بادئة الأمر، ثم تولي الحكم فيما بعد، فكثيرًا ما أدار شئون الدولة خلال فترة غياب الأمير عنها. ملفات رئيسية ويرجح البعض اختياره إلى كون سياساته لا تكاد تختلف كثيراً عن سياسات والده، خاصة تجاه "الولاياتالمتحدة" وجماعة الإخوان المسلمين. ومن هذا الترجيح، بدأت العديد من الدوائر في الحديث عما إذا كان الأمير الشاب البالغ من العمر 33 عامًا سيسير على درب والده، أم أن له رأيًا آخر تجاه أبرز الملفات الرئيسة طبيعة العلاقة مع "الولاياتالمتحدةالأمريكية"، العلاقة بينه وبين جماعة الإخوان المسلمين، العلاقة مع إيران، مصير حمد بن جاسم . وعن علاقاته ب"الولاياتالمتحدة"، فيتوقع المحللون بألا يحدث فيها تغيير؛ لكونها من أساسيات ومبادئ العائلة المالكة غير القابلة للنقاش، فهناك أحاديث تشير إلى أن تولي "تميم" للعرش تم بالاتفاق والتنسيق مع "أمريكا"، وبعد الاتفاق على كل الأمور التي تخص العلاقة بين البلدين، وهو ما يعني أن "تميم" سيسير على درب "حمد" في هذا الشأن. وحول علاقة قطر بجماعة الإخوان المسلمين والأنظمة الحاكمة الجديدة في مصر وتونس، تشير معظم التوجهات إلا أن علاقاته ستصل إلى ذروتها مع تلك الجماعة، ولا سيما لأن "تميم" كان وراء المبادرات القطرية التي تسعى إلى تقديم الدعم المالي لمصر وزيادة الاستثمارات القطرية، فضلاً عن إعجابه بتجربة الإخوان، وهو الأمر الذي يلعبه "حمد بن جاسم" القائم على فكرة الرهان على الإخوان المسلمين في المنطقة، وتصغير الفجوة بينهم وبين "الولاياتالمتحدة" وتقديمه لهم في البيت الأبيض. ولكن هذا لا يمنع من أن يحدث بها قدر من الفتور، خاصة في حالة إجماع ملوك وأمراء الخليج العربى والشعوب الداخلية على كراهية جماعة الإخوان المسلمين. وإذا ما أردنا الحديث عن الملف الثالث العلاقة مع إيران، فنجد أن الأمير "حمد" قد كان حريصاً على إقامة علاقات مع "إيران" رغم كل الخلافات التي تبدو على السطح، ومن غير المرجح أن يقدم "تميم" على أي إجراء يخل بقواعد اللعبة الحالية. وحول علاقاته بالشيح حمد بن جاسم، فيتساءل بعض المحللين عن مصير رئيس الوزراء القطري "حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني"، فهناك من رجّح أن يبقى "بن جاسم" على رأس صندوق الاستثمارات القطري الذي يبلغ رصيده نحو مليار دولار، فيما اقترح آخرون احتمال أن يبقى "بن جاسم" في منصب استشاري لملفات السياسة الخارجية، أو أن يبقى في منصبه وزيراً للخارجية فقط. يشار إلى أن" تميم" البالغ من العمر 33 عام ،حيث ولد في 3 يونيو 1980، هو الابن الرابع للأمير والثاني له من زوجته الثانية الشيخة موزة بنت ناصر، وتم تعيينه وليًّا للعهد في الخامس من أغسطس 2003، بعد تخلي شقيقه الأكبر الشيخ جاسم عن المنصب، وهو أحد أبناء الشيخة موزة أيضًا. وبدأ "تميم" حياته الدراسية بحصوله على الشهادة الثانوية من مدرسة "شيربورن" بالمملكة المتحدة عام 1997، إلى أن تخرّج في أكاديمية "ساند هيرست" العسكرية الملكية في المملكة عام 1998. وعن حياته الشخصية، تزوّج "تميم" مرتين، إحداهما في 8 يناير 2005، حيث تزوج من الشيخة جواهر بنت حمد بن سحيم آل ثان، وأنجبا المياسة في 2006، وحمد من مواليد 2008، وعائشة مواليد 2010، وعن زواجه الثاني، فكان عام 2009 عندما تزوج من العنود مانع الهاجري، وأنجبا نائلة.