يوم أمس أعلن المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية، بأنه "لاجديد" بعد التحذير الأخير من الجيش: الحكومة باقية، والنائب العام باق.. ولا حوار مع المعارضة.. وفي إشارة "تحد" للجيش قال : إن مرسي هو "القائد الأعلى" للقوات المسلحة، وأن السيسي، هو "القائد العام"!!.. بمعنى أن الأول هو صاحب القرار وليس الثاني.في الجانب الآخر، رفضت حركة "تمرد الحوار مع الرئيس، وظلت على موقفها:"لا حل إلا بالانتخابات الرئاسية المبكرة. والمفاجأة ذات الدلالة المهمة، أن القيادي في جبهة الانقاذ، ورئيس حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي د. محمد البرادعي، كشف ل"فايننشيال تايمز" أن الجيش اتصل بالمعارضة، ولم يطلب منها "الحوار" مع الرئاسة، غير أنه ألمح إلى ما يشبه "التوافق" على أن الوقت قد فات.. دون أن يذكر تفاصيل فحوى الاتصالات مع الجيش.الرئاسة إذن على عنادها، والمعارضة عند موقفها.. والجيش على بعد أيام قليلة من "الشارع".. فما هو السيناريو المتوقع خلال أيام. الجيش أكد على أنه لن ينتظر حتى تخرج الأمور عن السيطرة.. وهذا يعني أنه سيمنع الاقتتال الداخلي قبل وقوعه، ما يعني أن المدرعات ربما تكون في الشوارع فجر يوم 30 يونيو، غير أنه من غير المعروف ما إذا كان الجيش سيكتفي بالانتشار في المدن، أم أن ثمة اجراءات خشنة واحترازية أخرى قد تكون مدرجة بالتزامن مع مثل هذا الانتشار المتوقع؟!. من المؤكد أن الاكتفاء بانتشار آلياته في الشوارع، قد يفسر بأنه تدخل ل"تخويف" المتظاهرين ضد الرئيس نهاية الشهر، ولعل بعض القوى اليسارية، قد فهمت تصريحات السيسي على هذا النحو، وقال الصحافي الناصري الشهير عبد الله السيناوي، إن تحذيرات الجيش صدرت بالاتفاق مع الرئيس مرسي، لتخويف المعارضة!. غير أن تصريحات الجيش المتواترة لم يرد فيها أي تلميح أو تصريح عن وقوفها "المطلق" وبلا شروط مع "الشرعية" والأخيرة عادة ما تستخدم للإشارة إلى نتائج الصندوق، بل إنها قطعت بأنها مع تلك "الشرعية" ما لم تتعارض مع "إرادة الشعب".. وهو الكلام الذي يقطع بأن قرار الجيش عادة ما يظل رهان الإرادة الشعبية وينحاز إليها حال قررت إلغاء تلك الشرعية قبل أن تكمل مدتها الدستورية. تطورات الوضع في مصر الآن، تتجه نحو سيناريو "كارثي".. فكل الأطراف قررت الاحتكام إلى العنف في حسم مستقبل المقعد الرئاسي.. والكلام عن "السلمية" هو من قبيل "المناورة".. والمعلومات المتوفرة لدى الأجهزة الأمنية التابعة للجيش، تثير فزع الجميع، والجماعات المؤيدة للرئيس والمعارضة له، تسابق الزمن، لتوفير الدعم اللوجستي القادم من الصعيد وسيناء والصحراء الغربية، صوب القاهرة.. ولم يعد أمام الجيش إلا التدخل قبل 30 يونيو بشكل مختلف يتجاوز مجرد الانتشار بآلياته حول ما تسمى بالمؤسسات الحيوية.. فمثل هذا الانتشار لن يمنع الجريمة قبل وقوعها.. بل سيحمي المباني الأسمنتية.. ويترك أرواح المصريين لتحصد في الشوارع مثل الأرانب البرية. التوقعات الأقرب إلى ملامسة الحقيقة، أن يبادر الجيش بسلسلة من الاعتقالات الواسعة للنشطاء السياسيين المدنيين والدينيين الذين شاركوا في صنع الأزمة، ويتجهون بالبلد صوب الصدامات الدموية.. غير أن مثل هذا الإجراء لن يكون عادلا ما لم يبدأ برؤوس الفتنة الموجودة في السلطة .. وإلا ستصبح الاعتقالات لمصلحة من على "رأس" الدولة وحسب.. وليس لمصلحة وطن يحترق.