تشهد الكويت اليوم الاحد حكماً تاريخياً من جانب المحكمة الدستورية في شأن المرسوم 20 لسنة 2012 الذي جاء معدلاً للقانون 42 لسنة 2006 وقلص أصوات الناخبين من أربعة أصوات إلى صوت واحد فقط، والذي جرى على أساسه انتخاب مجلس الأمة وشهد مقاطعة واسعة من قبل المعارضة التي تنظم اعتصاماً في ساحة البلدية المواجهة لقصر العدل استعداداً للحكم . وتبدو الكويت امام مفترق طرق قبل الحكم المنتظر، ويرى سياسيون ومحللون وخبراء قانونيون انه سيؤثر على مستقبل الديمقراطية نفسها في هذا البلد الخليجي الغني. وحكم المحكمة الدستورية التي لا يمكن نقض احكامها سيبت في الطعون المقدمة ضد المرسوم الذي اصدره الامير بتعديل قانون الدوائر الانتخابية والذي ادى الى ازمة سياسية كبيرة في البلاد تجلت خصوصا في مقاطعة المعارضة للانتخابات الاخيرة وفوز برلمان موال بالكامل. وستقرر المحكمة المكونة من خمسة قضاة ما إذا كان المرسوم الأميري يتوافق مع الدستوري أو لا. وتترقب الأوساط السياسية والشارع الكويتي هذا الحكم المصيري الذي سيحسم الجدل حول قانون الانتخابات الذي أثار جدلا واسعا في الكويت، وأدى إلى مقاطعة المعارضة للانتخابات البرلمانية الأخيرة. استعداد الداخلية وبينما يحبس الجميع أنفاسهم ترقباً للحكم، تبدو وزارة الداخلية على أهبة الاستعداد لم هو آتٍ، وأعلنت في بيان لها أنه أياً كانت نتائج قرار المحكمة الدستورية، فإنها لن تسمح مطلقاً بأية تجمعات أو مسيرات خارج نطاق الساحة المقابلة لمجلس الأمة للتعبير عن الرأي . وصدرت برقية إلى قطاعات أمن الدولة والمباحث الجنائية والأمن العام والنجدة والمرور والقوات الخاصة وأمن المنشآت والعلاقات العامة، برفع درجة الجاهزية والاستعداد تحسباً لقرار المحكمة الدستورية . وأكدت مصادر كويتية على أن تعليمات مشدد صدرت إلى كافة قطاعات الشرطة من أمن الدولة والمباحث الجنائية والأمن العام والنجدة والمرور والقوات الخاصة وأمن المنشآت والعلاقات العامة برفع درجة الاستعداد، تحسبًا لقرار المحكمة الدستورية . وأكدت المصادر على أن التعليمات تضمنت أيضًا ضرورة الانتشار. يأتي ذلك وسط ترقب الأوساط السياسية والشارع الكويتي لحكم المحكمة الدستورية الأحد الذي يعتبر حكمًا تاريخيًا يحسم الجدل حول قانون الانتخابات الذي أثار جدلا واسعا في الكويت، وأدى إلى مقاطعة المعارضة للانتخابات البرلمانية الأخيرة. وكان الشيخ صباح الأحمد الصباح - أمير الكويت - قد أصدر مرسومًا في أكتوبر الماضي تم من خلاله تعديل قانون الدوائر الانتخابية بخفض عدد المرشحين الذين يحق للناخب انتخابهم من أربعة في القانون السابق إلى مرشح واحد فقط، وهو ما رفضته المعارضة التي قاطعت الانتخابات التي أفرزت البرلمان الحالي. وقد تؤيد المحكمة المرسوم مما يبقي الوضع على ما هو عليه أو تأمر بحل البرلمان اعتمادًا على طعون إجرائية. وكان أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح قد أعلن بشكل صريح أنه سيقبل حكم المحكمة مهما كان. يأتي ذلك في الوقت الذي تنظم فيه المعارضة اعتصامًا في ساحة البلدية المواجهة لقصر العدل؛ استعدادًا لحكم المحكمة الدستورية، ويشارك بالاعتصام رموز المعارضة أعضاء كتل الأغلبية في برلمان 2012 المبطل. بيانات صادمة وذكرت صحيفة "الخليج" الاماراتية انه في خطوة مفاجئة وذات دلالة، أصدرت العديد من النقابات وجمعيات النفع العام في البلاد لمختلف المجالات بيانات مدفوعة الأجر نشرتها صحف محلية، أمس، قالت فيها إن دورها بعيد عن العمل السياسي، وناشدت الجميع باحترام قرار المحكمة الدستورية أياً كان، والغرابة تكمن في أن البيانات متشابهة المضمون والمحتوى وصدرت بتوقيت واحد . وتأتي هذه البيانات لتمثل صدمة في أوساط التواصل الاجتماعي حيث رأى العديد من المراقبين أن أغلبية الموقعين على البيانات هم ممن كانت لهم أعمال سياسية بالحراك السياسي للمعارضة وشاركوا في العديد من الفعاليات السياسية، فيما تأتي بياناتهم بأن عملهم بعيد عن العمل السياسي . ودعا شيخ قبيلة عتيبة عمر بهيشان بن عور العتيبي المواطنين كافة، وأبناء القبيلة خاصة، إلى "الاقتداء بالأمير صباح الأحمد وقبول الحكم الذي ستصدره المحكمة الدستورية ، سواء جاء الحكم بتحصين المرسوم أو إبطاله" . وقال في بيان: أدعو أبناء قبيلتي من نواب ونشطاء سياسيين وناخبين إلى الاقتداء بوالد الجميع الأمير، بقبول حكم المحكمة الدستورية، أياً كان منطوقه، سواء بتحصين المرسوم أو إبطاله، وهي دعوة خالصة لوجه الله تعالى ثم من أجل الحفاظ على وطننا ووحدة أبنائه . حكم تاريخي واتفق عدد من السياسيين والمحللين والخبراء القانونيين بالاضافة إلى ناشطين معارضين على أن الحكم "تاريخي" وانه سيكون له تأثير كبير على مستقبل الديمقراطية في الكويت التي كانت اول دولة عربية في الخليج تتبنى النظام الديمقراطي البرلماني عام 1962. ونقلت وكالة الانباء الفرنسية عن محللين قولهم :"إن الحكم قد يؤدي في حال تأييد الطعن في المرسوم الاميري، الى "تقنين" سلطة الأمير في إصدار "مراسيم الضرورة" بموجب مادة مثيرة للجدل في الدستور، وقد يؤدي إلى حل البرلمان للمرة الثانية خلال عام". وقال زعيم المعارضة والنائب السابق مسلم البراك في ندوة للمعارضة هذا الأسبوع "في يوم 16 حزيران/يونيو أما أن يعود الحكم للشعب أو (...) الحكم الفردي". واضاف ان "السلطة تريد الحكم الفردي لكن ليس عن طريقها بل عن طريق المحكمة". وتدور الأزمة حول مرسوم أميري صدر في تشرين الأول/اكتوبر الماضي تم من خلاله تعديل قانون الدوائر الانتخابية بخفض عدد المرشحين الذين يحق للناخب انتخابهم من أربعة في القانون السابق إلى مرشح واحد فقط. وطبقا للمادة 71 من الدستور، يحق للأمير اصدار التشريعات في غياب البرلمان فقط في حالة الضرورة واتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير. واعتبرت المعارضة الإسلامية والوطنية والليبرالية أن التعديل غير دستوري لانه لم تكن هناك حالة ضرورة أو أمر طارئ بالإضافة إلى أن التعديل يمكن الحكومة من التحكم في تركيبة البرلمان. وقال المحامي المستقل حسين العبد الله لوكالة فرانس برس أن هناك أربعة احتمالات لحكم المحكمة يوم الأحد القادم إذا لم تؤجل المحكمة الموعد. وقال العبد الله "أن المحكمة قد تحكم بعدم اختصاصها النظر في المراسيم الأميرية لانها أعمال سيادة وهو ما يعني استمرار التعديل وتأكيده بطريق غير مباشر". وأضاف "أن الاحتمال الثاني هو أن تقضي المحكمة بعدم دستورية المرسوم مما يعني الأمر بحل البرلمان وعقد انتخابات جديدة طبقا لقانون الانتخاب القديم وهذا يعني تقنين سلطات رئيس الدولة في إصدار مراسيم قوانين في غياب البرلمان". وقد تؤيد المحكمة المرسوم مما يبقي الوضع على ما هو عليه أو تامر بحل البرلمان اعتمادا على طعون إجرائية لكن دون تغيير في المرسوم المثير للجدل. وكان أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح قد اعلن بشكل صريح انه سيقبل حكم المحكمة مهما كان. وقال المحلل السياسي المستقل داهم القحطاني انه يعتقد أن المحكمة إذا أيدت المرسوم فان الأزمة السياسية ستشتعل وستكون هناك مطالبات بدستور جديد. وقال لفرانس برس "اعتقد انه إذا أيدت المحكمة المرسوم فان هذا يعني أنها نزعت من مجلس الأمة سلطة تشكيل النظام الانتخابي وهذا يعني نهاية دستور 1962. هذا سيؤدي لظهور مطالبات بدستور جديد ويؤدي إلى اشتعال الأزمة السياسية بطريقة غير مسبوقة". وجددت المعارضة الأربعاء تعهدها الذي أعلنته الشهر الماضي من أنها لن تشارك بأي انتخابات في المستقبل ليست على أساس قانون الانتخاب القديم ذي الأربعة أصوات. وقال النائب الاسلامي السابق والمعارض البارز خالد السلطان في ندوة هذا الأسبوع "أن المحكمة الدستورية أمام مسئولية كبرى أما أن تقودوا البلد إلى طريق الإصلاح أو تقودوا البلد إلى الدمار".