قدم معهد «ستراتفور» الأمريكي، للدراسات الإستراتيجية والتحليلات الإستخباراتية، عرضا تحليليا لوضع مصر السيء بعد شروع أثيوبيا في بناء «سد النهضة» هناك، حيث قال المعهد أن مصر تعتمد بشكل كبير على مياه النيل أكثر من أي دولة أخرى من دول الحوض الأفريقية، مؤكدا على أن بناء مثل هذا السد سوف يضع مصر في أزمة حقيقية من قلة مصادر المياه العذبة لها، مشيرا إلى كلمة «هشام قنديل» رئيس الوزراء المصري، والذي أكد أن مصر لن تتخلى عن قطرة واحدة من مياه النيل. وتابع المعهد الأمريكي تحليله للوضع الراهن، مشيراً لزيادة التوترات السياسية بين مصر وإثيوبيا ، حيث أوضح: «حاولت مصر في بداية الأمر جذب الأطراف الخارجية ل «التدخل الدبلوماسي»، لوقف بناء السد بالنيابة عنها، لكن بعد باءت هذه المحاولات بالفشل ، لجأت مصر إلى تهديدات بإستخدام «القوة» لوقف بناءه، وأن المحاولات الدولية لن تتوقف عن الضغط على كلا من البلدين لإبقاء الوضع داخل نطاق الحوار السياسي لحل الأزمة ، موضحاً أن احتمالية التدخل العسكري المصري لحل الأزمة ووقف بناء السد «ضعيفة»، حيث ضعف الإمكانيات المادية للجيش للقيام بهذا الأمر ، فضلا عن عدم التدخل الدولي بالمساعدات لضرب السد. وأكد المعهد أن السدود غالبا ما تكون أهداف صعبة جدا لهدمها ، لكن بالرغم من ذلك، قال المعهد أن بريطانيا قد نجحت في فعل ذلك أثناء الحرب العالمية الثانية، في اشارة منه الي هجوم بريطانيا علي سد «لانكستر»، عن طريق استخدام «القنابل الكاذبة» لهدمه، ووضع المعهد مقارنة ما حدث في بريطانيا، ومدى قدرة الجيش المصري، مع التطور الملحوظ في إمكانياته وتنوع أسلحته، فإن ضرب «النهضة» يعد إحتمالاً وارداً». وتابع المعهد تحليله: «على مصر أن تفكر ملياً قبل أن تضرب السد، فهناك احتمالية أن تغرق السودان بالكامل، إذا تم بناء السد، لذا، على القاهرة أن تضرب السد خلال مراحل إنشاءه وليس بعد إتمام بناءه، على الرغم من أن مصر تخشي أن تستخدم إثيوبيا طُرق لردعها نتيجة هدم السد، إذا بدأت مصر عمليات الهدم في وقت مبكر». وعن عقبة الجيش المصري عن ضرب السد قال المعهد: «في حالة التفكير في هدم السد، على الجيش المصري أن يضع في حساباته شئ هام، وهو بُعد المسافة عن إثيوبيا، وذلك لأن مصر تفتقر بشدة للقدرة على التزود بالوقود الجوي لنقل المعدات وخلافه إلى إثيوبيا ، وأن الحل الوحيد للقوات المصرية هو وقوع السد في مكان قريب من الحدود السودانية ، حيث الوصول إلى المطارات السودانية يعد من ضمن سياسة التجول داخل النطاق الجوي المصري ، ومع ذلك فإن العمل على عملية الهدم من داخل الأراضي السودانية يمكن أن يكون عائقا سياسياً، وسيكون له عواقب دولية للسودان مع مصر ، فضلاٌ عن وقوع السودان على مقربة من السد من الممكن وأن يضعها تحت التهديد بالإنتقام العسكري المباشر من قبل إثيوبيا». وقال المعهد أنه ثمة خيار آخر هو «إدراج قوات العمليات الخاصة من السودان»، ومن هناك من الممكن وأن تُتيح الفرصة للقوات المصرية التحرك عبر الحدود ، حيث تعمل القوات المصرية على التسلل إلى مكان السد، وتخريب البنية التحتية له، مشيرا أن هذه الفكرة سوف تسنح للسودان الفرصة بالإدعاء أنها ليس لديها فكرة عن ما حدث ، والإدعاء أن «المتشددين» هم من قاموا بالهدم والتخريب. يذكر أن موقع «ويكليكس» قد نشر وثيقة منذ أيام، تُفيد أن الرئيس السابق حسني مبارك، قد طلب من عمر البشير الرئيس السوداني، بإنشاء «قاعدة عسكرية مصرية» في السودان، وذلك لمواجهة «طموح إثيوبيا» في بناء «سد النهضة»، في حالة إصرارها علي بناء السد، وهذا ما نفته الحكومة المصرية السودانية بشكل تام. وفي النهاية، أكد التقرير أن مصر لديها خيارات عسكرية، لكن العقبات السابقة قد تُعيق قدرتها على إبراز القوة الكاملة من جيشها، أن الخيارات التي قد تستخدمها القاهرة لهدم السد والحفاظ على مياه النيل، سوف تكون محفوفة بالمخاطر في أحسن الأحوال، ويمكن أن يضع البلاد تحت عواقب دولية خطيرة.